عُرف في الأدبيات والمعتقدات الغربية أن الرقم 13 يدلل على التشاؤم والخوف, لذا فالبعض لا يرغب أن يرتبط هذا الرقم بأي شيء من حياته الخاصة, ويرجع البعض مصدر التشاؤم من الرقم 13 إلى السريان حيث كانوا في بداية المسيحية يستعملون القوى العددية للأرقام وبما أن يوم الأحد هو يوم راحة وعطلة , لا يجوز العمل فيه بل يُكرس للعبادة؛ فكان السريان يعتقدون أن من يعمل يوم الأحد سيصيبه التشاؤم والحزن الشديد, وفي روما القديمة كانت تجتمع الساحرات في مجموعات تضم 12 , أما الرقم 13 فهو الشيطان حسب معتقداتهم , أما الاسكندنافيون القدماء كانوا يعتقدون أن حبل المشنقة يتكون من 13 عقدة, وهناك من يعتقد أن حواء أغوت أدم وأعطته التفاحة ليأكلها يوم جمعة في 13 من الشهر, وكذلك يعتقد البعض أن قابيل قتل أخيه هابيل في مثل هذا اليوم .
وأية كانت تلك المعتقدات ومدى دقتها وعلميتها , فإن هذا الرقم كذلك يتكرر في الأراضي الفلسطينية , ففي كل صباح يبدأ معدي نشرات الأخبار وقارئين الصحف الفلسطينية الحديث عن قضايا تمس حياة كل مواطن في قطاع غزة , وتلك القضايا تتمحور في 13 مشكلة تثير مزيداً من التشاؤم والخوف وعدم اليقين وتعبر عن حالة اللا عودة التي وصل إليها الفلسطينيين في قطاع غزة ورسخت اليأس والاكتئاب عندما يتعلق الموضوع بتراجع الأوضاع وانزلاقها نحو مزيداً من السوء والهاوية, سياسياً واقتصاديا واجتماعياً لا يمكن في الوقت الراهن العودة إلى مراحل سابقة كانت مستقرة نسبياً رغم عدم وجود استقرار في الأراضي الفلسطينية, من يتابع نشرة الأخبار كل صباح يتضح
مشاكل غزة وجُل الأخبار وخلاصة النشرات وتقارير الصحافة الفلسطينية تتمحور في 13 مشكلة يعاني منها أهالي قطاع غزة وتعتبر جُل حديثهم ومعاناتهم والتي يعني تفاقمها مزيداً من اللا استقرار والاضطرابات والتي ربما تؤول إلى تراجع الجبهة الداخلية تتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة بشتى أنواعها والتي تحتاج من متخذي القرار الفلسطيني الإسراع في حل المشكلات العالقة والبدء بقرارات فعلية وهي الآن بمثابة ضرورة وطنية وإنسانية وأخلاقية , والمشكلات أل 13 هي أزمة الكهرباء والتي يتراوح ساعات الفصل يومياً 9-12 ساعة يومياً وتسببت في تراجع حجم الإنتاج العام وتوقف عدد من الأنشطة الإنتاجية والتجارية وأكثر الأنشطة تضرراً القطاع الصناعي والزراعي والتجاري وكذلك أثرت على مستويات التحصيل الدراسي وتراجع كبير في الخدمات الصحية والتعليم وفي المقابل ساعدت على ازدياد مشاريع الترفيه كالكفتريات والنوادي والمتنزهات التي تعتبر المتنفس والمخرج لمئات الشباب في قطاع غزة, والمشكلة الثانية هي قضية اعمار ما دمرته آليات الاحتلال خلال عدوانها الأخير في غزة حيث وبعد انتهاء 8 شهور من العدوان ما زالت مشكلة الاعمار عالقة ولم ترى النور وما دخل قطاع غزة فعلياً لا يشكل إلا نسبة ضئيلة لا تكفي القطاع لمدة شهر واحد, والمشكلة الثالثة قضية المعابر والتي يبلغ عددها 7 معابر وأغلقت إسرائيل 5 معابر منذ العام 2006 وخلال الثماني أعوام السابقة أحكمت إسرائيل قبضتها وفرضت حصاراً شديداً على قطاع غزة بعد فوز حركة حماس بانتخابات الدورة الثانية من الانتخابات البرلمانية( التشريعية) وتشكيلها لحكومة وترأسها لها , هذا الحصار رغم توجه الغزيين للتهريب عبر جمهورية مصر العربية وهي التجارة التي مثلت اقتصاد مُدمر رغم توفيرها لبعض الاحتياجات الضرورية كالسلع الغذائية وبعض المواد التي استخدمت بالبناء ورغم ذلك لم يحدث تحسن في الاقتصاد ولم تنخفض البطالة والفقر وما شهده الاقتصاد الغزي من نمو مرتفع في عامي 2012-2011 هو يعود لموجة من المضاربات في قطاعي البناء والإنشاءات وبعض المشاريع السياحية رغم انعدام السياحة والخدمات كازدياد تجارة الأراضي والعقارات ومعارض السيارات ومحلات الصرافة وكبار المحلات والمولات الاستهلاكية الكبيرة وفي فترة قصيرة طفت على السطح فئة جديدة من الأثرياء والأغنياء الجدد امتلكوا مئات الملايين من الدولارات كذلك ارتفعت الأسعار في الشقق والأراضي بحدود تزيد عن 200% في بعض المناطق, إضافة لظهور قيم جديدة هددت النسيج الاجتماعي , والمشكلة الثالثة توفر كيس الاسمنت وهو الذي يوفر فرص عمل حيث يعمل في قطاع الإنشاءات في قطاع غزة قرابة 30 ألف عامل إضافة لحوالي 40 ألف عامل في الأنشطة التي تتبع وترافق الإنشاءات , وخلال الشهور الأخيرة تم بيع كميات من الاسمنت الذي وزع على أصحاب البيوت المهدمة جزئياً بالسوق السوداء وبأسعار ترتفع 300 % من قيمته الحقيقية مما مثل مشكلة كبيرة وضغط أكثر على الواقع المعيشي , إضافة لمشكلات أخرى لم تحل وبقيت عالقة كموظفي غزة والبالغ عددهم 37ألف والذين لا يتقاضون رواتب منذ تشكيل حكومة التوافق الوطني في أبريل 2014, ومشكلة نقص أنبوبة الغاز من فترة لأخرى, وأزمة المياه غير الصالحة للشرب وانقطاعها المستمر بسبب ارتباطها بالكهرباء التي يتعارض جدولها مع جدول المياه, كذلك يعاني الغزيين من مشكلة تمكين حكومة التوافق في قطاع غزة واستلامها لمهامها حيث يشترط المانحون تقديم المنحة المعدة للاعمار والبدء مع استلام تلك الحكومة لمهامها وكذلك ينطبق نفس الشيء بالنسبة لحل مشكلة معبر رفح البري مع جمهورية مصر العربية, كذلك مشكلة دفع التعويضات للمتضررين وخصوصا من منظمتي UNDP للمواطنين ومنظمة UN للاجئين الفلسطينيين , إضافة للمساعدات الإغاثية التي تقدم مساعدات لثلثي سكان قطاع غزة, وقضية صرف رواتب ومستحقات الفئات الأكثر تهميشاً في قطاع غزة والمعروفة ببرامج الحماية الاجتماعية والتي تقدم مبلغاً غير منتظم ولا يزيد عن 100 دولار شهرياً للأسرة التي تزيد عن 7 أشخاص , وأخيراً ما يعرف بلجنة لإدارة مشتركة من الفصائل الفلسطينية لشؤون غزة والتي تمهد لمزيدا من الانقسام السياسي والجغرافي بين المحافظات الشمالية ( الضفة الغربية) والمحافظات الجنوبية ( قطاع غزة).
وفي الختام فإن تلك المشكلات قد كبحت جماح أي إمكانية لتطور وتنمية المجتمع الفلسطيني والغزي تحديداً, إضافة للاختلالات الأخرى الموجودة في هيكل وبنية الاقتصاد الفلسطيني.
بقلم/ حسن عطا الرضيع
باحث اقتصادي/ غزة