السعودية.....الحسابات الخاطئة....والرهانات الخاسرة

بقلم: راسم عبيدات

واضح بأن "عاصفة الحزم" السعودية،ليس فيها من الحزم غير اسمها،فالتحالف الذي سعت إلى إقامته السعودية من اجل شن حربها العدوانية على الحوثيين تحت حجج وذرائع إعادة "الشرعية" للرئيس اليمني ال"هادي" المنتهية ولايته والهارب هي رسالة واضحة الى حكومة طهران،بأن السعودية لن تسكت على تمددها الى اليمن وسيطرتها على الملاحة في باب المندب،وبالتالي تقزيم دور المملكة عربياً وإقليمياً.
فالحلف الذي سعت السعودية الى إقامته معتقدة بان موائد رحمانها واموالها التي قدمت لأطراف ذلك التحالف وإقامة ودفع المزيد منها من شأنه أن يجعل أطراف هذا التحالف "تخلص" في العمل من اجل السعودية ومساعدتها في حربها المتسرعة على اليمن....ولكن هذا الحلف الذي شكلته السعودية على عجل،والذي يبدو بأن هناك أطراف دولية ك(امريكا) وخليجية ك(قطر) وإقليمية ك(تركيا) سعت لتوريط السعودية فيه خدمة لأهدافها ومصالحها،فلكل طرف أسبابه ومنطلقاته وفوائده من هذه الحرب،والتي لن تعود لا على السعودية او اليمن او العرب مجتمعين سوى بالخسارة الصافية،فالحلف السعودي المذهبي (السني)،يحمل بذور فنائه في تكوينه،وفيه الكثير من التناقضات والأولويات لأطرافه.
السعودية كانت تعتقد بأن الحرب على اليمن،قد لا تطول وستكون نزهة قصيرة،يرتدع من خلالها الحوثيين،وتنجح في إعادة الرئيس الذي تريده لليمن،وحتى في إطار حربها لعودته،لم تكن لديها لا رؤيا ولا إستراتيجية لأية عملية سياسية قائمة على المشاركة في القرار والحكم لكل مكونات ومركبات الشعب اليمني،راهنت على حدوث إنشقاقات في الجيش،وتصدع في مراكز قيادة الحوثيين،ولكن نحن اليوم ندخل اليوم الواحد والعشرين للحرب،ولم نرى او نلمس أي علائم ضعف او تراجع او تمرد على الحوثيين،بل نجد بأن الحوثيين،لا يخشون الحرب البرية،بل باتوا يستعجلونها.
السعودية لم تقرأ الخارطة جيداً،فالتحالف العربي- الإسلامي الذي كونته لشن الحرب معها،انفرط من اول "غزواته" وليس هذا فحسب،فدولة مثل قطر تنازع السعودية على زعامة العالم العربي،هي لم تغفر للسعودية تحريضها مجلس التعاون الخليجي لفرض عقوبات عليها بسبب إحتضانها لجماعة الإخوان المسلمين ووقوفها الى جانب الرئيس المصري المعزول مرسي وتحريضها على النظام المصري الحالي،بقيادة السيسي،فقد وظفت أسطولها الإعلامي واموالها للتحريض على السعودية،ولذلك فهي لن تلطم على تورط السعودية المباشر ومكلف الأثمان مالياً وبشرياً في الحرب على الحوثيين،اما امريكا،فرئيسها في لقاءه مع الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان (نيويورك تايمز) الأمريكية قبل عشرة أيام،فقد قال:- بأن امريكا لن تحارب عن السعودية او غيرها من حلفائها،فهذا الزمن ولى،بل هي ستحميها من أية اخطار إقليمية،وهي كذلك شجعت السعودية على خوض هذه الحرب،لكي يسهل عليها تمرير الاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي،واستمرار هذه الحرب لا تضر امريكا في شيء،فهي تسير وفق الإستراتيجية التي رسمتها للمنطقة والأمة العربية على وجه التحديد،التدمير الذاتي لها شعوباً ومقدرات وخيارات،وإنعاش وتنمية الإقتصاد الأمريكي،وتشغيل مصانع سلاحها،ناهيك عن العقود والأموال الطائلة التي ستدفع لصيانة تلك الأسلحة.
أما تركيا فهي في صراع مع السعودية على زعامة العالم الإسلامي (السني)،وبالتالي إضعاف السعودية من شأنه ان يوفر الفرصة لتركيا من أجل وضع السعودية تحت إبط تحالفها مع قطر.
وكذلك السعودية لم يدر في خلدها،انه رغم كل الأموال التي أغدقتها على باكستان،وساعدتها في برنامجها النووي،لن تشارك الى جانبها في الحرب على الحوثيين،حيث أن البرلمان الباكستاني رفض أي مشاركة للقوات الباكستانية خارج حدود باكستان،وتركيا هي كذلك "دوزانها" أصبح واطي كثيراً،بعد زيارة أردوغان الى طهران،حيث دعى الى حل سلمي للقضية اليمنية،وباقي الأطراف مشاركتها كانت في الإطار السياسي والرمزي،كمصر والأردن،فهذه الدول لها اولوياتها،على المشاركة في الحرب على اليمن،فمصر لديها الكثير من المشاكل الأمنية والاقتصادية والعسكرية وغيرها،وكذلك هي الأردن لها مشاكلها الداخلية من "داعش" وغيرها من الجماعات التكفيرية.
المتحمسون لتوسيع الحرب السعودية على اليمن والإنتقال من الحرب الجوية الى البرية،هم لا يريدون خيراً بالسعودية،بل جزء كبير من مكونات تحالف السعودية، يريدون ان يرى السعودية مكتوية بالحرب التي شنتها،وكذلك فالسعودية لن تكون بمناى عن تداعيات هذه الحرب،فالحوثيين لن يبقوا مكتوفي الأيدي يتلقون الضربات السعودية،وواضج انهم بعد إمتصاصهم للضربة،ينتقلون الى مرحلة الرد،وبالتالي الحرب ستتسع وستطول والشعبين سينزفان دماءاً ومقدرات،والهدف الأمريكي والغربي الإستعماري سيتحقق التدمير الذاتي للأمة العربية،فكها وتركيبها جغرافيا حدود المذهبية والطائفية.
السعودية عليها ان تراجع سياستها بشكل جذري في المنطقة،وليس من المسألة اليمنية فقط،آن الاوان ان تدرك وتعي،بأن امريكا ليس لها صداقات وحلفاء دائمين في المنطقة،بل لها مصالح دائمة،عليها ان تخرج من هذا المأزق وهذه الحرب،من خلال مبادرة سياسية تطرحها دول،لم تتورط في مثل هذه الحرب،وطرحت الحل السياسي منذ البداية،كعُمان التي قادت المفاوضات الإيرانية – الأمريكية،مبادرة سياسية تتوافق عليها كل مكونات ومركبات الشعب اليمني،تنهي هذه الحرب،وتترك لليمنيين،حرية اختيار قيادتهم بعيدة عن الوصاية من أي أحد.
وبغض النظر الآن توقفت الحرب ام لم تتوقف، فالسعودية خلقت مع الشعب اليمني ثارات من الصعب لها أن تندمل،حيث مئات المواطنين الأبرياء قضوا بالقصف السعودي،ودمار واسع طال الكثير من البنى التحتية والمؤسسات الطبية والتعليمية والمدنية.

بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
14/4/2015
0524533879
[email protected]