هذا "يَرْموكُكم" فلا تخذلوه ولا تسمحوا بحرف البوصلة

بقلم: رشيد شاهين

هل يضر الشاة سلخها بعد ذبحها، وهل يفيد التغني ببطولات المقاتلين وآهات الجرحى بعد ان يكون اليرموك قد تلاشى، وهل يفيد البكاء على أطلال المخيم والتغني بمعالمه التي نعرف أو تلك التي لا نعرف، والتي لنا في كل زاوية منها ذكريات وملاحم بعد ان يكون دمر على رؤوس أهله أو من تبقى منهم؟؟؟
قرار اللجنة التنفيذية للمنظمة لم يكن مفاجئا للشارع، وكان متوقعا صدوره، وذلك تأكيدا لشعار "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية".
حقيقة الأمر هي، هل كان ما اتخذ بخصوص مأساة مخيم اليرموك يرتقي إلى مستوى الحدث، هل يرتقي إلى مستوى الدم المراق هناك، وهل تساوقت القرارات مع نبض ومطلب الشارع الفلسطيني؟
لقد بات لدى الشارع قناعة تامة، بأن قيادته تعرضت لضغوط كبيرة من اجل عدم "التورط" عسكريا في معركة اليرموك، لا بل ويمنع عليها ذلك، لأنه يعني "اصطفافا مع "النظام"، الذي برغم "شرعيته"، غير معترف به كنظام شرعي في سوريا من قبل العديد من الأنظمة العربية "الشرعية".
لذلك، يمكن القول ان موقف الشارع صار باختصار هو، إذا كانت القيادة بحكم موقعها وعلاقاتها السياسية تتخذ مثل هكذا مواقف استجابة للضغوط، فانه من غير الممكن فهم أو استيعاب عدم اتخاذ الفصائل مواقف بشكلها "المنفرد"، بعيدا عن المواقف الرسمية.
وفي هذا الصدد، لوحظ ان فصيلا مثل فتح على سبيل المثال، خرج العديد من قادته ببيانات "نارية" تتصادم تماما مع الموقف المعلن للقيادة، ويمكن التذكير هنا بتصريحات صدرت عن عباس زكي والطيراوي، عدا عن رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون. كذلك صدرت عن شخصيات بارزة في الجبهة الشعبية وغيرها، العديد من البيانات والتصريحات التي توجب على الجميع الوقوف إلى جانب المخيم والارتقاء إلى مستوى الحدث.
غريب المواقف من بين الفصائل أتى من حركة حماس ومن الجبهة الديمقراطية، فقد أصبح معروفا، ان حماس أدارت الظهر لكل ما يجري في اليرموك، والتحق العديد من مقاتلي "أكناف بيت مقدسها" بداعش.
أما الجبهة الديمقراطية، فقد صدر عنها العديد من البيانات والتصريحات التي لا نعتقد بأنها ترتقي إلى مستوى الدم، بقدر ما هي تكرار لعادات وطباع اعتادتها منذ انطلاقاتها منشقة عن الجبهة الشعبية، لتكون من أول المعاول التي أضعفت البنيان اليساري الفلسطيني، حيث جر انشقاقها انشقاقات كثيرة عديدة، هذا عدا عما لحقها هي نفسها من انشقاقات. ولا ندري إلام ترمي الجبهة الديمقراطية من خلال مواقفها "الديماغوجية"، سوى المزيد من الإرباك للشارع وحرف للبوصلة والانتباه إلى مقاصد غير ذي صلة بالمجزرة في اليرموك.
فبدلا من تصليب مواقف المنظمة، والدفع باتجاه "تصعيد" الرد على ما يجري في اليرموك، نجد انها تهاجم المنظمة، وتزايد على مواقفها، وتدين إرسال الموفد الرئاسي "الفرد" وكأنه اختراع وسابقة فلسطينية لم تحدث من قبل. بحيث اقتصر" وتمحور" بيان احد أعضاء المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، على موضوع الموفد الرئاسي "الفرد" لا بل وكان هذا الموضوع ومن خلال ما صدر من تصريحات بعد اجتماع التنفيذية، احد أهم القضايا، وكأن الموضوع صار يتعلق بطبيعة الوفد وليس بطبيعة المأساة الجارية في اليرموك.
من المؤسف، ان يتم تصوير المأساة "اليرموكية" على انها جمع مساعدات مالية أو تتعلق بطبيعة الوفد هل يكون ثنائيا أو ثلاثيا أو فصائليا، فالموضوع اكبر من هذا وذاك، وهو يتطلب قرارات شجاعة وليس مزيدا من المشاورات والاتصالات التي ربما "يسقط يرموكنا"، قبل ان تكتمل أو تنضج.
ان إضاعة الوقت في مماحكات من هنا وهناك،واختلافات على تشكيل الوفد إلى سوريا، من يضم، وعدد أعضائه، ومن يشارك ومن لا يشارك، قد تودي باليرموك لكارثة اكبر من كارثة نهر البارد الذي دمر قبل ثمانية أعوام وما زال ينتظر إعادة الأعمار، نقول للإخوة في القيادة الفلسطينية اتقوا الله باليرموك.

رشيد شاهين
20-4-2015