قبل أقل من أسبوع أصدرت ما يسمى بمحكمة العدل الإسرائيلية قراراً بتطبيق قانون "املاك الغائبين" على أملاك وعقارات اهالي الضفة الغربية في القدس،واشترطت لتطبيقه صدور قرار عن الحكومة الإسرائيلية او اللجنة الوزارية المكلفة بذلك،وعدا عن كون هذا القانون عنصري بإمتياز،ويشكل قنونة وشرعنة للسلب والسطو على العقارات المقدسية في وضح النهار،فإنه يدخل في إطار تصفية الوجود العربي في مدينة القدس،ويندرج ضمن المشاريع الصهيونية الرامية الى تهودي مدينة القدس وتغير طابعها ومعالمها التاريخية والحضارية والتراثية العربية - الإسلامية،فإسرائيل ماضية بشكل كبير ومتسارع في تمددها وتوسعها الإستيطاني في القدس،وعمليات الحفريات داخل البلدة القديمة وفي سلوان مستمرة ومتواصلة،والقطار المعلق،وغيرها من المشاريع الإستيطانية والتهويدية التي تقام في القدس والمخالفة للقانون الدولي،وكذلك يجري الحديث عن اقامة بناء متعدد الطبقات تحت الأرض في مدخل البلدة القديمة،كموقف ضخم للسيارات والباصات،ويكون امامه ساحة تكون بديلاً لبوابة البلدة القديمة،بحيث يتم ربط هذه الساحة بجسر يؤدي الى حي المصرارة،ويكون في هذا الجسر مكان من أجل إطلالة السياح على البلدة القديمة.
القانون الذي أقرته ما يسمى بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية عدا عن عدم شرعيته وقانونيته فهو يستجيب للضرورات الأمنية الإسرائيلية،ويأتي متعارضاً مع قرار المحكمة المركزية الإسرائيلية ونافياً للسوابق القانونية في هذا الجانب،ليس فقط لعدم منطقيته،بل ولكون الضفة الغربية،ليست دولة مستقلة،بل هي تقع تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي المباشر،وكذلك القدس أصبحت جزء من دولة الإحتلال بقرار سياسي متعارض مع قوانين الشرعية الدولية،التي تعتبر القدس الشرقية مدينة محتلة.
وفي إعتقادي ورؤيتي بأن هذا القرار جاء من أجل حماية المئات من العقارات المقدسية التي جرى مصادرتها منذ عام 1967 " بموجب هذا القانون،وعدم إقرار هذا القانون يعني بأن تلك العقارات المصادرة،مصادرتها غير قانونية ويجب إبطال مصادرتها،وان تعاد الى أصحابها الشرعيين.
ولعل السوابق بتحرير املاك ل آل الدجاني والدقاق المسيطر عليها من قبل ما يسمى بحارس املاك الغائبين من خلال المحامي مهند جبارة وإعادتها الى أصحابها،قد لعبت دوراً هاماً في صدور مثل هذا القرار،فإسرائيل تريد ان تقطع الطريق على قضايا أخرى قد يرفعها مقدسيون من أجل إستعادة املاكهم المصادرة لصالح "حارس أملاك الغائبين".قانون املاك الغائبين سن في العام (1950) في عهد بن غوريون بهدف الإستيلاء والسيطرة على أملاك الفلسطينيين الغائبين،أي الذين هجروا من بلادهم في نكبة عام 1948،ولجاوا الى الدول العربية المجاورة التي اعتبرها القانون الإسرائيلي بلاد عدو،وهي مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق واليمن والسعودية. وقد صودرت بموجب هذا القانون الجائر،ألآلاف املاك الفلسطينيين في القدس الغربية،وبقية المدن والقرى الفلسطينية التي هجر اهلها منها قسراً،ورغم ان المستشارين الحكوميين للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قد اعلنوا بأن هذا القانون لا ينطبق على القدس بعد ضمها رسمياً،إلا ان اسرائيل سيطرت على الكثير من الأراضي والأملاك الفلسطينية إستناداً الى ذلك القانون.ويمكن بموجب هذا القانون ان يوصف الفلسطينيون في الضفة الغربية من ذوي الأملاك في شرقي القدس،بأنهم أصحاب املاك غائبين وبما يسمح للإحتلال بمصادرتها،وكان المستشار السابق للحكومة الإسرائيلية "يهودا شمغار" قد امر بعدم تطبيق قانون "أملاك الغائبين"،مشيراً الى انه يمثل خرقاً لحق الملكية دون وجه حق، وترى المنظمات التي تعنى بحقوق الإنسان أن المحكمة العليا قد منحت الشرعية في قرارها لإستمرار تطبيق قانون "املاك الغائبين" في القدس الشرقية،وصادقت على كل المصادرات التي تمت في السابق،واعطت الضوء الخضر لمزيد من المصادرات في المستقبل،كما انها تصادق في قرارها على سريان مفعول اخطر القوانين الإسرائيلية عنصرية وأكثرها تعسفاً لمصادرة املاك اللاجئين الفلسطينيين بعد تهجيرهم من بيوتهم،حيث لا يوجد في أي مكان آخر في العالم، لا في انظمة ديمقراطية ولا انظمة ديكتاتورية هكذا قانون .
الإحتلال الإسرائيلي يستخدم كل الطرق والأساليب المشروعة وغير المشروعة من البلطجة والزعرنة وقوانين الطوارئ وأملاك الغائبين وتجنيد القضاء والقانون وتطويعه لهذا الهدف،بهدف الاستيلاء على الأرض الفلسطينية،وقوننة سلب الأراضي الفلسطينية كانت وما زالت تمر بواسطة قانونين أساسيين،قانون أملاك الغائبين عام 1953 وبموجبه حولت إسرائيل لحوزتها بشكل رسمي وقانوني جميع أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا إلى الدول العربية المجاورة،وقانون استملاك الأراضي 1953 ( قانون الحرام) بموجبه صودرت غالبية أراضي القرى المهجرة من مالكها الفلسطينيين بما فيهم المهجرين الداخليين،ونحن في هذا الجانب نشهد حرباً حقيقية تشن على شعبنا في الداخل،حيث نشهد إزاحات غير مسبوقة مجتمعية إسرائيلية نحو العنصرية والتطرف،وتجريب محاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين،حيث شرعت ما يسمى دائرة أراضي إسرائيل في عام /2007 بنشر مناقصات لبيع أملاك اللاجئين في المدن،واستتبع ذلك في شهر آب/2009 سن البرلمان الإسرائيلي قانون الإصلاحات في دائرة أراضي إسرائيل،القانون يسمح بخصخصة أراضي بملكية الدولة تقدر ب800000 دونم ( أراضي مبنية ومعدة للتطوير بناءاً على المخططات الهيكلية) وذلك يشمل أملاك لاجئين فلسطينيين.
إن إعلان دولة الإحتلال تطبيق قانون "املاك الغائبين) على مواطني المدينة المقدسة،مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية،ويشكل تحد صارخ لإرادة المجتمع الدولي،وهو كذلك سلب وسرقة علنية وفي وضح النهار لأملاك وعقارات المقدسيين،وجريمة حرب تتطلب من السلطة الفلسطينية رفعها الى محكمة الجنايات الدولية،من اجل أن تبطل هذا القانون،وتمنع حكومة الإحتلال من خلق وقائع وحقائق جديدة بالقوة.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
21/4/2015
0524533879
[email protected]