بدأ صاحبي حديثه، الذي دعاني لجلسة صباحية، عن أحوال البلد وعدم القدرة على تجاوز مسائل الانقسام، وانتقل الى الاشتباك مع الاحتلال في المجال السياسي، وأسهب في حديثه عن الاجراءات الاسرائيلية وسياسات الاحتلال، تشكيل الحكومة الاسرائيلية المزمع تشكيليها وتوزيع الحقائب، وبنود الاتفاقيات الثنائية لدخول الحكومة. قلت في نفسي يبدو ان درس صاحبي اليوم عن الاسرائيليات، وقال صاحبي انظر كيف تفاوض الاحزاب الصغيرة الكبيرة، وتشترط للحصول على حقيبة وفي نفس الوقت تحدد سياسات حكومية قبل الدخول في الحكومة وتبرم اتفاقيات.
أجبت صاحبي هذه هي قوة الشرعية التي تحصل عليها في الانتخابات، ألم تجري انتخابات الكنيست قبل شهر، والذي يرغب في تشكيل الحكومة عليه أن يفاوض الاحزاب الحاصلة على مقاعد في البرلمان ليس فقط على عدد مقاعدها في الحكومة بل ايضا على سياسات الحكومة المالية منها والسياسية والتشريعات المرغوب فيها لتقديمها للكنسيت. صاحبي لم يسمع مما قلت إلا كلمة الشرعية. وقال الانتخابات هي الحل هي من تعيد انتاج الشرعية بقبول الناس. قلت مباشرة وهي تمنح تفويض شعبي للفائزين لتطبيق برامجهم السياسية، وهي كذلك تحدد بشكل واضح رغبات الشعب وتطلعاته. لكن قلت يا صاحبي هل يمكن عقد انتخابات تشريعية ورئاسية في ظل الانقسام؟ وهل الانتخابات ستجلب الحلول التي فشلنا بها لأكثر ثمانية سنوات.
قال صاحبي بالتأكيد الانتخابات ليست الحل بل هي خطوة أو بمعنى ادق مدخلا للحل من خلاله يقوم الشعب بمنح تفويض شعبي لحل المشاكل العالقة وفي نفس الوقت توقف تآكل الشرعية الحاصل في المؤسسات السياسية "الرئاسة والمجلس التشريعي" بعد سنوات على انتهاء المدة القانونية لولايتهم وما يتبعها من مؤسسات عامة. ووقف تآكل الشرعية هي مسألة جوهرية. لكنني استدركت قائلا إن الاطراف المختلفة لا ترغب بإجراء الانتخابات وكيف يمكن اقناعها لإجراء هذه الانتخابات.
استكمل صاحبي حديثه، ليصل الى فكرته الجوهرية من دعوته أو لقاءه اليوم، اولا علينا ان نبدأ حراكا شعبيا هدفه اجراء الانتخابات، وفق نظام انتخابي يسمح ويتيح ويمنح الشراكة، أي الاحتكام الى صندوق الاقتراع خوفا من انفجار الاوضاع وحينها لا يمكن التنبؤ بعواقب الامور. هنا خطفت الكلمات من فم صاحبي. وقلت انت تريد تحصين الجبهة الداخلية تحضيرا لمعركة طويلة مع الحكومة الاسرائيلية القادمه،أي أنك تريد القول إن اعادة انتاج الشرعية ستؤهل الفلسطينيين لاستثمار عناصر القوة لديهم في نضالهم الوطني على المستويات المختلفة كالمقاومة السلمية والتحرك الدولي بما فيه داخل مؤسسات الامم المتحدة ودعم وتقوية حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل في ظل غياب ارادة دولية للتدخل لإنهاء الصراع الفلسطيني الداخلي.
اضاف صاحبي ما قلته صحيح، وتوصيفي لنجعل الامر استراحة محاربة في لغة المعارك أو وقت مستقطع "Time out" بلغة الرياضيين. بالإضافة الى مطالبة العالم للضغط على اسرائيل لإجراء الانتخابات وهي معركة يكسبها الفلسطينيون سواء سمحت اسرائيل أو رفضت اجراء الانتخابات، فإذا وافقت يعني توقف تآكل الشرعية لدينا، ويمنح الشعب تفويضا لحل المشاكل الداخلية، وقوة في مواجهة الضغوط الخارجية. أما إن رفضت ستصبح اسرائيل أولا منتهكة للاتفاقيات الموقعة، وهذا الامر ليس هاما من وجهة نظر الفلسطينيين لانها أي اسرائيل خرقت جميع الاتفاقيات اصلا، لكن الاهم ستظهر انها رافضة للانتخابات ومانعة للديمقراطية وبهذا تدخل معركة مع المجتمع الدولي تظهر وجهها البشع كاحتلال يرفض الانضمام للعالم الحر.
قلت بالتأكيد دخول هذه "المعركة" افضل من معارك صغيرة على حاجز هنا أو هناك مع اهمية حرية الحركة. وختم صاحبي حديثه تحتاج هذه المبادرة الى طليعة تأخذ الدور الريادي في تحقيق هذا الهدف. حينها ادركت ان صاحبي ما زال في جعبته الكثير من الحديث لكنه اراد أن ينهي هذا اليوم دون ان يستفيض في نقاش العوائق الداخلية أو متطلبات انجاز هذا الهدف. قلت في نفسي وأنا أودعه، ربما احظى بلقاء قريب لنقاش الاليات والإجراءات والوسائل لتحقيق هدف انقاذ الشرعية أو منع انفجار قادم.
جهاد حرب