قبل أيام كتبت مقالة قصيرة حول أداء أليسا لنشيد العرب "موطني"، وتابعت الصحف والمواقع التي تندرت على المطربة اللبنانية أليسا، وكيف أودت بحرف الطاء كلية من الأغنية، ودافعت أنا عن النشيد والشاعر إبراهيم طوقان وتندرت كثيرا في تلك المقالة بالموقف كله.
ومع كثرة الكتاب وجدت فريقا من الكتاب الفلسطينيين يدافعون عن أليسا بحجج رأوها منطقية واستماتوا أيضاً في الدفاع عن الموقف!
يدفع هذا الجدل إلى أن يتفحص الكثيرون صورة أليسا المصاحبة للأغنية، فيرى البعض أن أليسا تمد رجليها المصقولتين نصف مدة - كما تفعل عادة في الإغراء- وتلتقي كلمة موطني عند أسفل القدم تقريبا ما عده البعض انتهاكا صارخا للنشيد وعدم احترامه!
في ظل هذا الهوس المجنون في متابعة أليسا فإنني اليوم أقدم اعتذاري لأليسا وأدائها الأنثوي، وأقدم اعتذاري الشديد لكل أصدقائي الكتاب الذين اختلفوا معي، ولكن ليس لأنني مقتنع بوجهة نظرهم وتخليت عن وجهة نظري، ولكنني انتبهت لما هو أهم وأجدر بالمناقشة والمتابعة!
أن تهين الأنوثة اللغة واللفظ فهذا مقدور عليه وسهل، ولكن أن تجد فصلية تدعي أنها ثقافية فكرية وتنال بصورها ما هو أقدس هنا يجب أن نكتب ونكتب ونستنكر!!
في البداية أنا لست قاضيا ولا داعيا ولست ضد حرية أحد لا الفكرية ولا العقائدية ولا الأخلاقية السلوكية الشخصية، فأنا أؤمن بمقولة "دع الخلق للخالق"، ولكن لا يحق لك أن تعتدي على معتقداتي التي لا تؤمن أنت بها، وعليه هنا وجب علي أن أنبهك أنك نهشتني وجرحتني وأجبرتني على أن أشهر فيك وألمّ الدنيا عليك!
المسألة اليوم تتعلق بالثقافة والثقافة اليسارية تحديدا ولكن ليس الأمر مطلقا ولكنه متعلق بفصلية "بدايات" اللبنانية التي يرأس تحريرها فواز طرابلسي، وتضم في مجلس تحريرها الاستشاري نخبة من مثقفي اليسار!
لقد استهترت المجلة بالقرآن الكريم، فقد عنونت أحد أبوابها -وهو باب ثابت في المناسبة- بـ "نون والقلم" وحولت القلم إلى رسم تعبيري يشبه علامة التعجب التي ينتهي آخرها برأس يشبه رأس القلم وينزل منه نقطة النون ليكون في المنتصف، والنون والقلم هذان جاءا في منطقة الفرج في رسم امرأة شبه عارية، ليدل على عملية التلاقح الجنسي! وإن عجز القلم عن الوصف فإن الصورة الملحقة كفيلة بالتعريف!/ عدد ١٠- شتاء ٢٠١٥
لعل أحد لن يجرؤ على الاعتراض، فالتهم اليوم جاهزة، الرجعية والانغلاق والداعشية، ولذلك ستجد من يدافع عن حرية الفكر والمعتقد، رادين عن أنفسهم تهمة الإرهاب الفكري، ليظهروا بمظهر المحترمين المثقفين، وإنها لبئس بئس الثقافة!
لذلك تجدني أعتذر اليوم من أليسا والمثقفين الذين وقفوا معها، على الرغم من أنني ما زلت عند رأيي في أدائها!