كان هنالك اجتهاد يقول، بضرورة الإعداد العسكري، لهجوم معاكس، لما قامت به "داعش" من احتلال معظم أرجاء المخيم، وكان الاجتهاد يقوم، على تشكيل غرفة عمليات مشتركة، سورية - فلسطينية، وبعدها يتم تحديد ساعة الصفر، لهجوم واسع وشامل، بهدف «تحرير المخيم».
تم استبعاد هذا الحل فلسطينياً، ذلك ان قوام السياسة الفلسطينية في الأزمة السورية، ومنها مخيم اليرموك، تقوم على عدم التدخل المباشر، العسكري او خلافه، والعمل على مساعدة أهلنا في المخيمات الفلسطينية، مساعدة إنسانية وإغاثية.
تم استبعاد التدخل عسكرياً، وتجنيب المخيم ويلات، هو لا يحتاجها، كان هناك زهاء ١٨،٠٠٠ لاجئ عالقين، ما بين البراميل المتفجرة، وأسنة "داعش"، وكانوا ولا يزالون يحتاجون الى من يساعدهم في الخروج والإغاثة .. هنالك اكثر من ٤٥٪ من منازل المخيم مدمرة، وفي حال وجود اجتياح عسكري، سيكون الوضع أصعب وأصعب..
أعلن الفلسطينيون رسمياً، استبعادهم المشاركة بعمل عسكري في مخيم اليرموك، وبعدها، بقدرة قادر، انسحبت "داعش" من أرجاء المخيم .. وعادت "النصرة" .. وبقي الحصار على أهلنا قائماً .. بعد ذلك، استمعنا من مسؤولين سوريين رسميين، استبعادهم للحل العسكري في المخيم، تصريحات متناقضة، لا يربط بينها رابط، والمأساة تتصاعد وتتخذ أبعاداً مختلفة، وسط ازدياد حدة الدمار في المخيم، وخسران المزيد من أهله.
الغريب والعجيب، فيما يجري، بروز أصوات فلسطينية، ناشزة، تؤيد وتدفع في اتجاه المشاركة العسكرية الفلسطينية في «تحرير المخيم»! ولا محاسب لما يجري، الخطورة الأكبر في الدعوة لعمل عسكري في المخيم، هو دعوة قوى وفصائل فلسطينية مسلحة، للقدوم من لبنان، خاصة من عين الحلوة، الى تخوم مخيم اليرموك، للمشاركة في الهجوم المزعوم.
ماذا لو حصل ذلك، هل سيسمح لتلك القوات بالعودة الى لبنان، ومخيم عين الحلوة .. وما هو الهدف الحقيقي من وراء تلك الدعوة الخطرة والمشبوهة.
هنالك دعوات عقلانية ومتزنة، تقوم على أساس النأي بالنفس عما يجري، ذلك ان المخيم هو جزء من جغرافيا سورية، وبأن الصراع فيه، هو جزء من صراع أوسع، يشمل الأزمة السورية كلها، بكل تشابكاتها الإقليمية والدولية، على حد سواء .. تقوم العقلانية الفلسطينية، لضرورة مد العون والمساعدة، والإغاثة، بالتعاون أولاً وقبل أي شيء آخر، مع "الأونروا"، وبالتنسيق مع السلطات الرسمية السورية، وضرورة فتح ممرات آمنة، بمساعدة قوات دولية، متمركزة في الجولان السوري.
مسألة اللاجئين الفلسطينيين، العالقين في المخيم، وما تعرض له المخيم من دمار شبه شامل، بات مسؤولية دولية، تتحمل "الأونروا" مسؤولية أساسية فيها.
لا بد من اضطلاع دولي، لما يجري في المخيم، من فصول مأساوية.. وذلك عبر وفد برلماني دولي، تشارك به برلمانات دول أوروبية وأميركية وعربية وإسلامية .. سيلعب هذا الوفد البرلماني، دوراً أساسياً هاماً، في لجم سياسات تدميرية في المخيم، ولعب دور إيجابي هام وضروري، في تحمل المجتمع الدولي، مسؤولياته الإنسانية والإغاثية في آن!!
سميح شبيب
01 أيار 2015