عندما تفتح السعودية احضانها لحماس ...؟

بقلم: هاني العقاد

منذ أن فشلت الجهود الاخيرة في تحقيق تطبيق لاتفاق القاهرة وتفاهمات الشاطئ جري تحميل حكومة الوفاق الوطني جزء من فشل المساعي على اعتبار أن الخلاف بين فتح وحماس لم يعد خلاف حزبي بقدر ما هو خلاف على ادارة البلاد وخاصة غزة , حماس كانت قد اتفقت بموجب تفاهمات مع وفد فصائلي يمثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يرأسه السيد عزام الاحمد على تشكيل حكومة وفاق وطني خارج الاحزاب السياسية ولا تكون تلك الحكومة تحت عباءة فتح ولا حماس وعندما انتهت تشكيلة تشكيل الحكومة جاءت معضلة تولى حكومة الوفاق مهامها لإدارة غزة و اصبحت المشكلة المعقدة لان حماس ترفض ترك الحكم وتسليم المؤسسات الفلسطينية للحكومة وبالتالي اصبح الخلاف بالدرجة الاولى بين مؤسسة الرئاسة ورئاسة الوزراء وحماس على اعتبار أن الاخيرة تريد كل شيء في غزة وتريد من هذه الحكومة دفع الاموال فقط, لم تخفي حماس رغبتها بإبقاء كافة موظفيها واجهزتها الامنية بالقطاع دون مساس وبالتالي لن يسمح لأي عناصر امنية تراسها الحكومة الفلسطينية من العمل حتى لو كان هذا سيضمن استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية .

فشلت محاولة الحكومة الاخيرة التي تم الاتفاق عليها باعتماد موظفي التعليم والصحة مقابل أن تسلم حماس ادارة المعابر لحكومة رامي الحمد الله , غادر الوزراء غزة بعد قضاء اربع وعشرين ساعة فقط , عادت الخلافات لمربع صفر وانقطعت الاتصالات بين حكومة التوافق و حماس , هنا ظهر الدور السعودي وبدأ الحديث يدور عن (مكة 2 ) , وخاصة بعد اجتماع وفد حكماء الدوليين برئاسة الرئيس الاسبق جيمي كارتر مع العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز , بعد تولى السعودية قيادة عاصفة الحزم وادراكها خطورة تدخل ايران بالمنطقة واقتناعها انه لا يمكن ابقاء حماس بأي شكل من الاشكال خارج العباءة العربية تتلقي الاموال من حكومة ايران وهذا ما تفاهمت عليه مع مصر باعتبارها مكلفه بملف المصالحة من قبل جامعة الدول العربية ,بدأت السعودية برضي مصر تعمل على اعادة حماس والفصائل الفلسطينية للحضن العربي, المدخل لذلك هو المصالحة الفلسطينية باعتبار بقاء الانقسام وعدم ايجاد حضن عربي دافئ لحماس يفسد أي محاولات تقوم بها القيادة الفلسطينية لاستعادة الوحدة الوطنية , وهناك اسباب ايضا ذات علاقه دفعت السعودية الى التحرك هذه المرة بشكل جدي وفعال وهو إعاقة اي تمدد ايراني بالمنطقة وبالتالي فان خططها لوقف تمدد الحوثين باليمن والحديث عن المشاركة العسكرية في اسقاط الاسد وتحييد حزب الله كلها تتقاطع مع اخراج حماس من تحت العباءة الايرانية وهذا امر سهل اذا ما سارت السعودية حتى النهاية فيه.

اذا ما تعهدت السعودية بدفع فاتورة المصالحة الفلسطينية مهما بلغت تكاليفها , وعملت على فتح اراضيها لقادة حماس و مساعدة حماس على الطلاق من ايران ,مع مسارعة السعودية لعقد مصالحة مع النظام المصري مقابل التزامها بمنع اي عناصر من الانطلاق من غزة لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجيش المصري , هذه عوامل هامة لنجاح السعودية هذه المرة وخاصة أن حماس ملت من محطات الوقوف على الباب الايراني التي شهدت بعض الإغلاقات بسبب الخصام بين حماس والنظام وامتناعها عن ارسال عناصر من جيشها للقتال الى جانب النظام في سوريا حتى ما قبل الحرب الاخيرة على غزة بل أن حماس اعلنت اكثر من مرة انها تؤيد المعارضة السورية لإسقاط النظام وهذا يرضي السعودية ويحقق تقارب افضل من اي مرحلة اخري , السيد اسماعيل هنية في خطبة الجمعة بالحي السعودي الاسبوع الماضي قال انه يتطلع الى دور سعودي فاعل في المصالحة الفلسطينية ,والسيد محمود الزهار اكد على هذا و قال أن هناك حوارات قد تفضى لعقد مكة 2 , اذن بتنا امام تغير في المنطقة تقوده السعودية وهذا التغير لصالح وقف التدخل الفارسي بالمنطقة وتهديد الهوية العربية والجبهة العربية الواحدة التي بدأت تتكون بعضوية كل من مصر والاردن ودول الخليج وبقيادة السعودية, قد يكون غياب الدور السعودي الحقيقي خلال المرحلة السابقة افشل كل مساعي الوحدة وترك حماس بلا داعم اساسي ,لهذا فان المحاولة السعودية اليوم للمصالحة الفلسطينية يمكن أن تنجح إن فتحت السعودية زراعيها واحضانها واسعة لحماس ودفعت السعودية فاتورة المصالحة لتبقي حماس قوية , الرئيس ابو مازن لا يبتغي اكثر وحدة الصف الفلسطيني و وحدة التمثيل الفلسطيني وقد يكون الكاسب الاول من هذا التدخل , والمجتمع الاوروبي يجد من يسهل ويمهد له الطريق امام مشروع سلام تقوده فرنسا وخاصة أن المجتمع الاوروبي بات يشعر بالقلق لاستمرار الانقسام الفلسطيني لأنه يعيق أي مشاريع متوقعة لإنهاء الصراع ويترك اسرائيل تجزء الصراع مرة بإغراء حماس بكيان منفصل عن السلطة بغزة ومرة بتصوير المشكلة الفلسطينية انها غزة فقط .

نعم عندما تفتح السعودية احضانها لحركة حماس يمكن أن تنتهي معاناة الفلسطينيين من الانقسام الذي ارق الجميع واستنزف كل الجهود لاستعادة الوحدة الوطنية ,نعم يمكن للسعودية احباط الكثير من المخططات بهذه المتغيرات التي قد تقودها في القريب واولها وقف مشروع تقسيم المجتمع السني العربي وشراء الزمم, وتمكين اسرائيل من تجزئة الصراع ,وتمكين المجتمع الدولي من فرض رؤية حل عبر قرار لمجلس الامن واقفال الطريق على ايران بوقف مشاريع الحروب التي تديرها بالوكالة , نعم لقد بات هاما أن لا تتأخر السعودية في فتح حضنها بل بات هاما أن ترحب برئيس المكتب السياسي السيد خالد مشعل ليصل السعودية في زيارة مبايعة للملك سلمان بن عبد العزيز دون تأخير .

بقلم/ د. هاني العقاد