يطلبونها صغيرة ،ويقولون أنقذونا من أزمة العنوسة ..!! بقلم / حامد أبوعمرة
عندما نقرأ خبرا عبر أحد وسائل الإعلام مفاده .. " (125) ألف فتاة عانس في غزة"..فهذا أمرٌ ليس بعجيب .. ولو سألنا عن أسباب ذلك لوجدنا من يطل علينا بقوله .. أن البطالة المتفشية في أوساط الشباب ،وعدم توفر فرص عمل لهم سواء أكانوا.. من خريجي الجامعات أو غيرهم في مجتمعنا الفلسطيني هي أحد الأسباب الرئيسية التي تعرقل الزواج ،ونجد آخر من يقول إن الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة هو الذي تسبب في تفاقم مثل تلك الأزمات ،ومن الناس من يقول أن سبب تزايد العنوسة المتفاقمة للفتيات في غزة أوغيرها هو المغالاة في المهور،مما يؤدي ذلك إلى انصراف الشباب عن الزواج لعدم مقدرتهم المادية ..برغم احتضاني لكل تلك الآراء ،والتي قد تصيب كبد الحقيقة بشكل ٍ كبير ،والواقع المرير.. إلا أني قد اكتشفت منذ أمد أن هناك سببا مركزيا، ومؤثرا وإن كان خفيا ودقيقا ..وإن كان مجهولا لدى الرأي العام إلا أنه ضربة قاضية في مفصل قطار عنوسة الفتيات .. ألا وهي تلك الثقافة الهدامة ،والشائعة في مجتمعنا والتي انتشرت بسرعة هذي الأيام المبنية على اختيار الأهل لأبنائهم عندما يريدون تزويجهم فيقبلون على طلب فتيات ٍ صغارٍ في السن..والتجاهل المتعمد للفتيات اللائي هن أكبر رغم إنهن لا زلن في مقتبل العمر مقارنة بقريناتها في المجتمعات العربية الأخرى.. سواء كن من خريجات الجامعات أم لم يكملن تعليمهن ..وهي سياسة تجهيل وتدمير لثقافة ورقي المجتمع ونهوضه ،وهي دعوى صريحة ،وواضحة من أعداء الدين، والوطن لجعل الفتيات يصرفن النظر نهائيا عن إكمال دراستهن بالجامعات لأن المطلوب هو امرأة جاهلة لاتعرف عن أصول الحياة سوى الطبخ، وغسل الصحون ..فأولئك الذين يتربصون بالوطن يدركون خطورة تعليم الفتيات اللائي هن أمّ الرجال ،ويدركون خطورة بيت الشعر الذي بناه أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي والذي قال : الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراقِ .. أعداء الدين يدفعون بنا في حجر الزاوية لأنهم يريدونها امراة خاوية العقل .. تنشغل بإنجاب الأولاد فقط لكنها ..في ذات الوقت، لاتهتم بالنشء ،ولا تعد الرجال ..لتدمير تلك المدرسة برمتها ..فيعيدوننا إلى فترة العصور الوسطى أو عصور الظلام التي كانوا يعيشونها آنذاك.. ونحن بدورنا كأهالي ، نصب الزيت على النار فندعم بصورة أو بأخرى مثل تلك المخططات والتي لها دورا كبيرا في النسف والهلاك..حتى أصبحنا عوامل حفاذة تزيد من تفاقم أزمة العنوسة .. وإلا ما معنى عند البحث عن زوجة للأبناء يَطلب الأهل فتيات هن طالبات بالصف الثالث الإعدادي أو بالصف الأول الثانوي أي لم يكملن حتى الدراسة الثانوية ..ولا يعلمن عن الزواج شيئا سوى بدلة زفاف وعُرس ..حتى النزهة ممنوعة وسط الحصار ؟!!والمصيبة ان هناك من يتعاملون مع هذه الطفرة المقززة فيسارعون بالموافقة ، وكأنهم غير قادرين على تربية بناتهن فيعتبرون ذلك فرصة طيبة للتخلص من أثقالهن والستر جميل وضل راجل ولا ضل حيطه كما يقول المثل وهذه هي إحدى أسباب زيادة حالات الطلاق بشكل كبير ..لأن الشاب الزوج سرعان ما يكتشف أنها صغيرة تحتاج إلى اللعب بالدمى ،وشراء قطع الشوكلاته، وحبات الحلوى وأنها ليست رزينة ولا حكيمة كأمه .. المهم أننا نترك أونهمل الخريجات اللائي قد اكتملن نضوجا ووعيا وتحملا لأعباء الحياة الزوجية،وكأنه انتقاما مقصودا .. وضريبة قاسية لتعلمهن فيقولون لا نريدها جامعية.. لأن قطارهن قد غادر المحطة ..!! ولا نريد إلا الصغيرة لأنها الثمرة الرائجة والمطلوبة ..رغم أني لا يمكني أبدا أن أنكر ما يجيزه الشرع ولكن .. ولأن الحياة كما تدين تُدان ..ولأن الجزاء من جنس العمل نجد الذين يشكون عنوسة بناتهن ..هم من أكثر الذين ساعدوا بطريقة أو بأخرى في تفاقم مثل تلك الآفات ليست الآفة العنوسة في حد ذاتها .. بل السفاهة والجهل والحماقة وعدم الوعي والإدراك ..فهل يمكن أن يدرك أولياء الأمور خطورة ذلك.. قبل اجتياح الطوفان ؟..!!
بقلم / حامد أبوعمرة