رسالة بيريس للجميع: سورية تعاقب لرفضها الاستسلام..

بقلم: نعيم إبراهيم

من المؤكد أن تصريح الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيرس الذي اعتبر فيه «أن ما يجري في سورية اليوم هو عقاب لها على رفضها السلام مع كيانه»، لن يؤخذ حقه من الاهتمام لدى السواد الأعظم من دوائر القرار في الدول العربية وجامعتها وكذلك على صعيد الإعلام لا لشيء إلا لأن الرسميين يدركون الحقيقة ولكنهم يتساوقون مع أهداف المشروع الصهيوني الإمبريالي الرجعي في المنطقة.
الرجل صادق لأبعد الحدود، فما يجري اليوم في سورية يشكل فعلاً عقاباً ضدها باسم الإصلاح والحرية والديمقراطية والتعددية. والسلام بالقناعة الصهيونية يعني الاستسلام والتفريط بالحقوق وتكريس «إسرائيل» دولة بكل مقومات الدولة، ومن لا يزل يساوره الشك في ذلك فهو واهم وفاقد للعقل وفهم حقيقة الصراع الوجودي بين الأمة العربية والعدو الصهيوني وحلفائه.
لا تزال القضية الفلسطينية تستأثر باهتمام سورية رغم الإرهاب الممارس ضدها والحرب الدولية التي تستهدفها من أجل إركاعها وتفكيكها والإتيان بكيانات هشة قابلة لعقد السلام الذي يريده بيريس وكيانه المصطنع.
حتماً موقف سورية من القضية الفلسطينية واضح وغير قابل للمساومة وسيظل كما كان على مدى تاريخ الصراع العربي الصهيوني في جوهر التزاماته الوطنية والقومية حتى تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة. وما يجمع الشعب السوري والفلسطيني من وحدة الوجدان والفكر والمصير لا يمكن تفكيكه فسورية لم تميز يوماً بين الفلسطينيين الموجودين فيها والسوريين والمخيمات في سورية لا علاقة لها بالمخيمات إلا بالاسم وهي تشكل مجتمعاً قائماً من السوريين والفلسطينيين. وما إقحام الإرهابيين لمخيمات الفلسطينيين في الأحداث الجارية في سورية إلا استدراج للفلسطينيين للدخول بالأزمة في سورية. ‏
تكفي الإشارة هنا إلى عقد مؤتمر الجاليات الفلسطينية بأوروبا برئاسة الدكتور راضي الشعيبي رئيس الأمانة العامة للاتحاد في دمشق وليس في أي مكان آخر، حيث إن اختيار الأمانة العامة لهذا الاتحاد لعقد مؤتمرها في دمشق يعد تعبيراً عن الموقف السوري الداعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وهذا دليل استمرار الشعب السوري بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني رغم التحديات.
أكد الرئيس بشار الأسد خلال اللقاء الذي جمعه مع الأمانة العامة لاتحاد الجاليات الفلسطينية في أوروبا أن اختيار الأمانة العامة دمشق لتكون مقر انعقاد مؤتمرها العام على الرغم من الظروف التي تمر بها سورية والمنطقة يحمل في طياته العديد من المضامين أهمها تقدير الفلسطينيين لمواقف سورية ودورها المحوري في دعم القضية الفلسطينية ويشير من ناحية أخرى إلى استمرار الشعب السوري بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني مهما كانت التحديات لافتاً إلى أن المتضرر الأكبر من الأحداث التي تشهدها الساحة العربية منذ عدة سنوات هو القضية الفلسطينية.
من جانبهم أعضاء الأمانة أكدوا أن الشعب الفلسطيني سيبقى وفياً لسورية التي قدمت الكثير من التضحيات لدعم قضيته والمقاومة ضد الاحتلال والعدوان. واعتبروا أن الحرب التي يواجهها الشعب السوري هي بسبب مواقفه القومية والعروبية مؤكدين أن الشعب الفلسطيني يدعم سورية وهو يرى في صمودها انتصاراً للقضية الفلسطينية والحقوق العربية.
اعتراف شمعون بيريس المذكور، رسالة واضحة إلى كل من يصر على اعتبار «إسرائيل» دولة صديقة يمكن أن تعيش بسلام مع جيرانها العرب خاصة بعض أقطاب المعارضة السورية ممن يشاركون في مشاورات جنيف الحالية التي دعا إليها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا كما هي رسالة إلى أصحاب «عاصفة الحزم» و«الربيع العربي» الذين يرتكبون الجرائم ويمارسون الإرهاب الدولي بكل تجلياته ضد سورية دولة ومؤسسات وشعبا وقيادة تأبى الاستسلام والخنوع والركوع.
لقد احتل العدو الصهيوني الجولان وقام بتغيير الأرض وتركيبها الطبيعي ومنظرها، وأظهر تصرفاً عدوانياً نحو سورية والأمة العربية وحنث بكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتلك التي وقعها مع بعض الرسميات العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
و نسترشد هنا بإعراب سفير السلام والشؤون الإنسانية في العالم ورئيس الحملة الوطنية لدعم الجيش اللبناني الدكتور إبراهيم مجذوب الصافي عن ثقته بانتصار الحكومة السورية على التنظيمات المسلحة التي تسعى لتدميرها خدمة للمخططات الاستعمارية الكبرى مؤكداً أن الحرب التي تستهدف سورية لن تنال من صمود وكبرياء الشعب السوري وجيشه وقيادته الحكيمة. وما دام الشعب والجيش السوري والرئيس بشار الأسد مستمرين في مقاومتهم للإرهاب الصهيو- أميركي المتمثل في التنظيمات الإرهابية والتي صنعتها وصدرتها «إسرائيل» فإننا مؤمنون وبعمق بأن هذا الجيش وهذا القائد وهذا الشعب الجسور سينتصرون على إرادة قوى الاستكبار العالمي»، موضحاً أن الهدف من إلهاء الجيوش العربية هو حماية أمن واستقرار الصهاينة ونسيان قضية العرب الأولى فلسطين.
فهل يتعظ المغامرون والمستسلمون والمتصهينون من أبناء جلدتنا ومن في حكمهم؟ حتماً ستثبت الوقائع على الأرض والتاريخ القريب والبعيد أن النصر سيكون حليف سورية ومن معها من العرب وأحرار العالم وهذا يعني النصر للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة.
بقلم/ نعيم إبراهيم
كاتب و إعلامي
دمشق