بذل بيبي نتنياهو جهدا كبيرا حتى وصل الى اعلان حكومته الرابعة وبشق الانفس عقد اتفاقا اخيرا من البيت اليهودي بزعامة المتطرف نفتالى بينت الذي ابتز البيبي الى اخر الحدود بعد قرار ليبرمان التوجه للمعارضة وتحسين صورته بعد حالات الفساد التي تحدث عنها الاعلام و التي أدت الى انخفاض عدد المقاعد التي حصل عليها في هذه الانتخابات قياسا مع الانتخابات الماضية , نتنياهو فضل الاعلان عن حكومته بمستوي منخفض من المقاعد وهو الحد الأدنى لتشكيل الحكومة على أن تذهب من يده فرصة الحكم للمرة الرابعة حتى لو كانت هذه المرة اقصر المرات التي يحكم فيها نتنياهو لأنها ستكون اضعف الحكومات الاربع التي قادها نتنياهو إن لم ينضم الى ائتلافه الحكومي احزاب اخري حيث ابقي الباب مواربا لدخول بعض الاحزاب والالتحاق بالحكومة ومغادرة مربع المعارضة وقد لا ينجح نتنياهو في هذا الدور .
نتنياهو اعتبرها معركة لا يمكن أن يخسرها واعتبر تشكيل الحكومة بالحد الأدنى من المقاعد حفاظا على ماء الوجه الذي تبقي له بعد الكثير من الجدل حول اسرائيل بيتنا وفشل نتنياهو اقناع ليبرمان البقاء في الحكومة وهذا كان لصالح نفتالى بينت لذلك اعطاه نتنياهو ما يريد ليتربع حزبه على ثلاث حقائب وزارية فعلية بما فيها العدل والتربية و وزارة الزراعة والثقافة , اذا ما اخذنا بالاعتبار أن كحلون الذي هو بالأصل يميني متطرف فإن وزارة المالية تعتبر من الوزارات السيادية حالها كالخارجية التي ابقاها في يده كورقة (الاس) يرميها على طاولة هرتصوغ مع نائب رئيس الوزراء وأن رفض حكومة الوحدة فأن هذا مع بعض اللجان السيادية يمكن ان يحدث تغير لديه , نتنياهو يبدو امام المراقبين فاشل ولا يستطيع أن يقدم حكومة للإسرائيليين تحل مشاكلهم ,بل أن هذه الحكومة ستكون عبئ على الشعب الاسرائيلي اكثر من امكانية تقديمها شيء للطبقة الفقيرة والمسحوقة او حتى تقدم حل سياسي يخفف الضغط الدولي المتوقع .
الشيء الهام بعد قراءة مكونات حكومة نتنياهو وعناصرها أن ما اصبح واضحا أن هذه الحكومة جاءت بعد وليمة استوزار في اسرائيل يحاول فيها الكل الفوز بأكبر عدد ممكن من الوزارات لان الكل يجري وراء الوزارات السيادية لأنه يعرف أن هذه الوزارة لها سحرها في تقوية السياسي الاسرائيلي امام ناخبيه , والكل بدأ من الان يجهز لفترة انتخابات قادمة من هم بالائتلاف ومن هم خارج الائتلاف فلم يقتنع احد حتى شركاء نتنياهو انه سوف يكمل فترة الاربع سنوات والبعض قدر لهذه الحكومة الضعيفة عام فقط , فلم يستطع أن يكملها خلال الثلاث فترات الحكم السابقة ببعض الاستقرار لحكوماته فكيف له أن يكمل هذه الولاية و الحكومة ضعيفة وهشة ويمكن أن تسقط مع اي هزة برلمانية , قد لا يستطيع نتنياهو مواجهة بشكل جبهة المعارضة العريضة هذه المرة وهرتصوغ وليفني وليبرمان و يئير لبيد والقائمة العربية يقفوا لنتنياهو بالمرصاد وسوف يتابعوا اي خلل في ادائه الداخلي والخارجي ولا يستبعد أن تسقط الحكومة بعد فترة وجيزة أن لم يساعد نتنياهو الى تفكيك جبهة المعارضة بالحد الذي يمكنه من اضعافها و تقليل حقول المواجهة معها ويسمح له توسيع ائتلافية الحكومة .
اما على صعيد عملية السلام المتوقفة والتي وصلت الى انسداد افق بسبب تطرف نتنياهو ورفضة الاعتراف بحل الدولتين والتقدم بطروحات الجلوس على الطاولة ليفاوض على هذا الاساس ,بالأمس جاءت تقارير من تل ابيب تفيد أن نتنياهو سيهرب الى مبادرة السلام العربية لتخفيف الضغط الدولي المتوقع بعد المصادقة على حكومته الرابعة الا ان نتنياهو اكد لكثير من المصادر في احاديث خاصة انه لا يري فرصة مع الرئيس ابو مازن لرفضه الاعتراف بيهودية الدولة , وهنا بات واضحا أن نتنياهو سيعود الى سياسة المراوغة والوقوف في ذات المكان دون جديد , وسيحاول ايهام الجميع انه يبحث عن بدائل في الاقليم تفاوض على سبل تطبيق المبادرة العربية وهذا ما يعرفه نتنياهو انه مستحيل ان يقفز احد عن القيادة الفلسطينية , ومهما اتقن نتنياهو لعبة الهروب والمراوغة لن يستطيع أن يقنع الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي انه قادم على راس الحكومة الضعيفة لحل الصراع و عقد سلام تاريخي , بل ان الجميع يدرك انه يجند كل طاقات حكومته لتعميق الاحتلال والتسابق الاستيطاني دون تحقيق اي جديد في موضوع السلام مع الفلسطينيين وهذا ما سيجعل حكومته ايضا اكثر ضعفا لأنها ستحارب على كل الصعد الداخلية وداخليا وستتلقى الضربات على ظهرها و بطنها اينما وضعت راحتها و يبقي السؤال الكبير امام ضعف حكومة نتنياهو وترصد المبتزين له ,كيف سيواجه الضغط الدولي ويدير المعركة الداخلية..؟ نتنياهو يعرف انه يقود حكومة وليمة تنهش كل شيء حتى رأسه لكن المبشر بسرعة سقوط الحكومة انه مازال يعتقد ان رأسه صلب لن يكسر.
بقلم/ د. هاني العقاد