مع دخول شهر مايو الجاري , يكون قرار وقف علاوة القيادة للعسكريين بقوات الأمن الفلسطينية الذين يتقاضون رواتبهم من وزارة المالية في رام الله , قد مر عليه عام كامل , والذي بدأ تطبيقه فعليا بالخصم المالي اعتبارا من راتب شهر سبتمبر ( أيلول ) من العام الماضي , على الرغم من قرار الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) القائد الأعلى لقوات الأمن الفلسطينية بإلغاء القرار , وعدم الشروع بتنفيذه , غير أن الواضح أن القرار تم تجميده لمدة أربعة أشهر , وليس إلغاؤه وأن وزارة المالية والحكومة تصر على تنفيذ القرار , وأنها ضربت بعرض الحائط توجيهات السيد الرئيس , وتدخلات اللجنة المركزية لحركة فتح , وكافة المناشدات بشأن ذلك .
وكان مصدر حكومي قد صرح حينها , أن القرار صدر بعد الازمة المالية التي تمر بها الحكومة الفلسطينية , وأنّ القرار ضم جميع العسكريين من غير العاملين في قطاع غزة والضفة الغربية , وهذا الكلام في الحقيقة غير واقعي وغير صحيح , لأنه لا يوجد في الضفة الغربية عسكريون غير عاملين , وأن المقصود بالقرار هم عسكريو قطاع غزة , الذين التزموا بقرار الشرعية الفلسطينية , وقرار الحكومة التي كان يرأسها الدكتور سلام فياض , بعدم العمل والتزام البيوت , بعد الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في غزة , واستولت على جميع المقار الأمنية والعسكرية , والمؤسسات المدنية , حيث شمل القرار أيضا الموظفين المدنيين , الذين طلب منهم عدم العمل , ومن لا يلتزم بذلك سيقطع راتبه , وبالفعل استجاب آلاف الموظفين العسكريين والمدنيين بقرار الحكومة والشرعية الفلسطينية , بينما تم قطع رواتب من قبل العمل مع حركة حماس , وبدأ يطلق مصطلح " المستنكفين " , على الذين التزموا قرار الشرعية الفلسطينية , وهو للأسف لقب يستخدمه الكثير من مسؤولينا , دون التدقيق في معناه السيئ .
وقد أكد ذلك التصريح الحكومي آنف الذكر , ما أعلنه مدير الادارة المالية العسكرية اللواء رضوان الحلو , أنّ القرار صادر وفق قانون قوى الامن رقم 8 لعام 2005 , وهو يستهدف كافة العسكريين من غير العاملين سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية او الخارج رافضاً استخدام الموضوع بمنطق جغرافي ووصفه بانه يستهدف عسكريي قطاع غزة . وأوضح الحلو أن قانون قوى الامن ينص ان علاوة القيادة تصرف فقط لمن هم على راس عملهم, موضحاً انه تم اتخاذ القرار بسبب الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الحكومة الفلسطينية .
والحقيقة في كلتا الحالتين اللتين شرحهما مدير الادارة المالية العسكرية , غير مقنع , لأن تطبيق القرار لم يمس سوى العسكريين في قطاع غزة , على اعتبار أنهم الوحيدون الغير عاملين , لأن كل من هو في ساحة أخرى على رأس عمله , أما عن مبرر الأزمة المالية , فإنه إذا كان كذلك , فإنه سيشمل كافة الموظفين العسكريين والمدنيين , وعدم صرف الرواتب للجميع , أو تخفيضها وتقليصها مثلا , حتى تنتهى الأزمة المالية للحكومة .
وكان العسكريون في قطاع غزة قد رفعوا أكثر من مناشدة الى الرئيس أبو مازن بصفته القائد العام لقوات الأمن الفلسطينية ، وتم ارسالها الى اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح والمجلس الثوري بضرورة التدخل لدى الحكومة من أجل وقف قرار الخصم , وبالفعل فإن سيادة الرئيس , ومن باب تفهمه للواقع الصعب المعاش في قطاع غزة، ومدى ما قدمه العسكريون في فترة الانقسام الداخلي، وانضباطهم بتعليماته المباشرة، قرر وقف القرار. كما التقى وفد من العسكريين رئيس حكومة الوفاق الوطني الدكتور رامي الحمد الله , في أول زيارة له لقطاع غزة في شهر اكتوبر الماضي , وشرحوا له موقفهم , مطالبين بإلغاء القرار الحكومي القاضي بوقف علاوة القيادة , غير أنه أوضح لهم أن القرار بيد القيادة العسكرية , وأنه لا علاقة لهم بذلك القرار , وهو رد غير مقنع , لأن جميع الرواتب يتم تسلمها من وزارة المالية التابعة للحكومة.
طبعا أنا أكتب هذا المقال للتذكير فقط , في ذكرى مرور عام على ذلك القرار المجحف والظالم , بحق شريحة هامة من أبناء شعبنا تحملوا عبء النضال خارج الوطن , وعادوا إلى الوطن لتحمل عبء بناء المؤسسة الأمنية , وحماية أمن المواطن والوطن , فهل يكون جزاؤهم هذا العقاب , بسبب التزامهم الشرعية , وأنا ليس لي " ناقة ولا جمل " , من وراء كتابة هذا المقال , لأنه لا يمسني شخصيا , وإنما هي لمسة وفاء لرفاق وزملاء عايشتهم سنين طويلة , قبل أن أتقاعد , حتى قبل انقلاب حركة حماس , وما كتبته سوى تذكير , لعل هناك من يسمع النداء , وينصف هؤلاء الرجال الذين يتعرضون للظلم والاجحاف.
*عميد متقاعد / د. عبد القادر فارس