هناك هوة تتسع تدريجيا بين مصر والسعودية ، خاصة وان السعودية تحاول أن تتصدر دورها الإقليمي على حساب الدور المصري والثقل الإقليمي المصري ، حرب اليمن تأتي في سياق الدور السعودي في ظل صراع محاور القوى الذي تشهده المنطقة ، وان التحالف السعودي الذي يضم مجلس التعاون الخليجي ومصر وباكستان والسودان هو ضمن محاولات القيادة السعودية لترسيخ دورها القيادي في المنطقة ، يبدو حاليا أن ما يفرق بين مصر والسعودية على مستوى أولويات السياسة الخارجية أكثر مما يجمعهما وان الهوة مرشحه للاتساع الكبير بسبب الخلافات حول العديد من القضايا الاقليميه ، لا يتمحور الخلاف بشكل أساسي حول دعم حركة الإخوان المسلمين من عدمه ، لان هناك خلافات أعمق يكثير من تلك التي يتم التسويق فيها ، مصر تتباعد في مواقفها السياسية عن أولويات المواقف السعودية ، لا تحمل مصر نفس المخاوف التي تحملها السعودية تجاه إيران ، ما يجعل الموقف المصري يبتعد عن الموقف السعودي تجاه قضايا إقليميه مختلفة وخاصة فيما يتعلق في اليمن وسوريا وهذا ما يقلق السعوديين ، من جهة أخرى فان التحالف المصري الخليجي مرتبط بالإمارات أكثر من ارتباطه بالسعودية ، وان الهوة بين السعودية ومصر تتسع تدريجيا ، فالسعودية غير راضيه عن التقارب المصري الروسي وتعتبر مواقف مصر تجاه اليمن وسوريا وإيران احد تجليات التقارب بين مصر وروسيا ، تدرك السعودية المخاطر الامنيه التي تتهدد امن منطقة الخليج العربي خاصة في ظل وجود تحالف ضمني في المنطقة بين روسيا وإيران في إطار محاولة روسيا لترسيخ وجودها في المنطقة في ظل ما يشهده العالم من تغير يقود لإعادة اقتسام مناطق النفوذ ، التقارب بين السعودية وتركيا هو على حساب العلاقة المصرية السعودية وان قطر عملت على إحداث التقارب الأمر الذي أوحى إلى محاولات التقارب السعودي مع حركة الإخوان المسلمين وان السعودية تسعى إلى إجراء مصالحه داخليه مع الجماعة المحظورة في مصر وذلك ضمن محاولات مصالحه بين النظام في مصر والإخوان المسلمين ضمن مسعى السعودية لإيجاد تحالف سني بين السعودية وتركيا وان فاتورة الأولوية للسعودية هو أن تدفع القاهرة الثمن السياسي بالانحياز للموقف السعودي في صراعها في المنطقة ، هذه الرؤيا والمطالب السعودية تصطدم بشدة مع رؤية النظام المصري لأولوياته الداخلية والاقليميه ،وفقاً لتلك المعطيات وذلك التبدل في الأولويات السعودية،.
حيث ترتسم تغيرات إقليمية كبرى في الأفق بالتوازي مع التغيير في قمة السلطة السعودية وهياكلها وتراتبيتها، بحيث تتأسس السياسة الإقليمية الجديدة على أولوية مواجهة «الخطر الإيراني». بدورها، تعني الأولوية الإقليمية الجديدة للسعودية عملياً تصديع «محور الاعتدال» الذي كان والنظام المصري في القلب منه، إذ سيصبح الأخير مطالباً بدفع الفاتورة السياسية للأولوية السعودية الجديدة: تشكيل «محور سني كبير» يضمها إلى تركيا. في الواقع، ستدفع القاهرة وفقاً للأولوية السعودية الجديدة ثمناً كبيراً لضيق هامش مناورتها الإقليمية، في ظل علاقة غير متكافئة مع الرياض ولا تتسم بالحد الأدنى من الندية على مدار العقود الأربعة الأخيرة من دون استثناء. وعلى كل حال، يتمثل التناقض البنيوي للتحالف السعودي ـــ التركي الجديد، ذلك الراغب في مواجهة إيران في كون الأخيرة تفاوض نووياً ودبلوماسيا منذ سنوات الجناح الأميركي ذاته (إدارة أوباما والخارجية الأميركية) الذي يشكل الغطاء الدولي للتحالف «السني الكبير»، ما سيقيد موضوعياً من قدرة المعسكر السعودي ـــ التركي على الصدام مع إيران ، القيادة المصرية تدرك مخاطر السياسة السعودية وانعكاسها على الدور المصري ، وان مصر أبدت تحفظها على المشاركة البرية في حرب اليمن وهي ضد إسقاط النظام في سوريا وتسعى لإحداث توازن في علاقاتها الاقليميه وتخشى من التحالف السعودي التركي القطري الذي يتهدد الأمن القومي المصري ، المواقف ألاستراتجيه المصرية تتباين مع أولويات السعودية ، القيادة المصرية بتوجهاتها إلى روسيا تسعى لإحداث توازن في علاقاتها الدولية والاقليميه ضمن مسعى مصر لتستعيد دورها الإقليمي وان الاتفاقات ألاقتصاديه والتسليحيه التي عقدتها مصر مع روسيا هو ضمن محاولات التخلص من الضغوط التي تمارسها الرياض على القاهرة ، الرياض تسعى لتجريد القاهرة من دورها الإقليمي وخاصة فيما يتعلق بالصراع على سوريا وان دعوة الرياض لقوى المعارضة السورية للاجتماع في الرياض هو ضمن الخلاف بين القاهرة والرياض بنتيجة تباين في المواقف وان القاهرة تدرك مخاطر السياسة السعودية على مصر التي تحاول تجيير الموقف المصري لصالح الموقف السعودي وبضرورة انصياع مصر للموقف الاستراتيجي السعودي ، هناك تباين وتباعد في المواقف بين السعودية ومصر وان هذا التباين سينعكس على علاقات البلدين في حال أصرت القاهرة على تبني مواقف مغايره للموقف السعودي وذلك ضمن استراتجيه مصريه تهدف إلى إحداث توازن في علاقات مصر الاقليميه يضمن لها دور إقليمي يحافظ على الثقل المصري في الشرق الأوسط وإفريقيا بعيدا عن التبعية للسياسة السعودية وهذا ما يطرح سؤال العلاقات المصرية السعودية إلى أين في ظل تباين المواقف واختلاف الرؤى السياسية والأولويات ألاستراتجيه لكلا البلدين
المحامي/ علي أبو حبله