في الذكرى الـ 67 لاحتلال فلسطين: مين سليم!!!!

بقلم: حسن عطا الرضيع

يصادف يوم 15 من مايو من كل عام, ذكرى النكبة الفلسطينية والتي تمثلت باحتلال العصابات المسلحة الصهيونية لقرابة ثلثي الأراضي الفلسطينية العربية, وشكل إعلان دولة إسرائيل في العام 1948م ضربة قاصمة للحق التاريخي للفلسطينيين وبداية زرع الكود الاستعماري والاستيطاني في العالم العربي, بعد جلاء الاستعمار الغربي عسكرياً من معظم الدول العربية,وبقاءها تابعة للهيمنة الغربية ولرأس المال الغربي, وبعد مرور 67 عاماً, قد يتساءل البعض مين سليم من تداعيات هذا اليوم ؟ والإجابة تكمن في محدش سليم, وذلك لأن إسرائيل لم تكتفي باحتلال 78% من أرض فلسطين الانتدابية, وإنما استمرت في انتزاع الخيرات المادية للدول المجاورة كالمياه والنفط والغاز وسيطرتها الناعمة على الأسواق, حيث سعت إسرائيل دوماً ومنذ قيامها عام 1948م إلى رسم حدودها المائية بشكل متوازي مع حدودها الأمنية والجغرافية وانتهجت سياسة ارتكزت على مبدأ نهب الموارد المائية العربية واستخدامها كوسيلة لفرض شروطها على دول المنطقة, وخاضت من أجل ذلك حروباً تمكنت فيها من احتلال ضفاف بحيرة طبريا ومنابع نهر الأردن عام 1948م , وشاركت في الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956م بهدف الوصول إلى قناة السويس, وأكملت سيطرتها على منابع ومياه حوض نهر الأردن عام 1967م , واجتاحت جنوب لبنان للسيطرة على نهر الليطاني وجر مياهه إلى إسرائيل في عام 1982م, حيث يرى خبراء المياه الإسرائيليين أنه إذا زاد نقص المياه في إسرائيل ولم يتم حل المشكلة بالطرق السلمية فلا بد حينها من حلها باللجوء للحرب كون الماء كالدم لا يمكن العيش بدونه, تلتها شن حرب يونيو 1967م واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء, حيث باحتلالها لتلك المناطق استطاعت الهيمنة واستغلال ما تبقى من مقدراتها, فاحتلال الضفة وغزة قد مكنها من تحصيل مكاسب اقتصادية حيث تشير أحدى الدراسات أن المكاسب الاقتصادية التي حققتها إسرائيل من الضفة وغزة في عشرين عام الأولى ( 1986-1967م) قد بلغت 22 مليار دولار جاءت على شكل اقتطاعات وريع الليرة الإسرائيلية وانخفاض الأجور وغيرها, ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي الأكثر ربحاُ ووفرة في الجانب الاقتصادي, حيث أن الحروب تمكنها من تحسن في أداءها الاقتصادي عبر زيادة الإنفاق وتدفق المساعدات والهبات من الخارج وتحديداً الأمريكية منها والتي بلغت حتى عام 2012 قرابة 233 مليار دولار , في حين أن قيمة المساعدات في السنوات العشر القادمة قد تزيد عن 100مليار دولار , إضافة للهبات من المنظمات والصناديق اليهودي , ورجال المال اليهود بالخارج, وتاريخياً لعب روتشيلد دوراً كبيراً في دعم الهجرات وبناء المستوطنات الزراعية وغيرها, وكذلك لعبت اتفاقيات السلام الموقعة مع العرب في تحفيز النمو الاقتصادي في إسرائيل, فمنذ توقيع اتفاقيات مدريد 1991, وأوسلو 1993, ووادي العربة 1994م, شاعت أجواء من التفاؤل والتي استغلتها إسرائيل بالشكل السليم عبر تحفيز قوانين الاستثمار لديها وجذبها لرؤوس الأموال الأجنبية والتي شكلت منعطفاَ مهماً مكنها لاحقا من تفادي الأزمات المالية والاقتصادية العالمية وآخرها أزمة العام 2008م, حيث حققت إسرائيل معدلات نمو موجبة تقترب من 3,5% في حين حققت دول أوروبية لمعدلات نمو سالبة, وحقق سوقها المالي أفضل أداء في العام 2009م, ورغم حالة اللا استقرار الأمني في إسرائيل والتي تمثل بشن عشرات الحروب والتصعيدات العسكرية إلا أن ذلك يثير العديد من التساؤلات عن ماهية هذا الاقتصاد ومصادر نموه, والآليات الذي يعتمد عليها , والأهم من ذلك تحقيقها لمعدلات نمو مرتفعة وطوحها لأن تكون ضمن الدول العشرين الأكثر تقدماً خلال أعوام, وعند النظر بأداء الاقتصاد الإسرائيلي خلال العقود السابقة يتضح أن أهم مصادر النمو تكمن بالتالي : الاهتمام بالبحث العلمي والتطوير وتزايد الإنفاق عليه إذ يشكل قرابة 4% من إجمالي الناتج القومي في إسرائيل وبلعت قرابة 11 مليار دولار في العام الماضي, وهذا يعود إلى عشرينات القرن العشرين, حيث تم تأسيس الجامعة العبرية الرائدة في الحقل المعرفي وتحديداً في العلوم الإنسانية عام 1924م, رغم أن مؤسسها وايزمان يُعتبر عالم كيمياء, وخلال فترة الانتداب البريطاني وتحديداً الأعوام 1941-1924م بلغ عدد الطلبة الذين تخرجوا من الجامعة العبرية 7,304 طالباً, منهم 416 تخصصوا في البحث العلمي وهي نسبة مرتفعة تقترب من 6% من مجمل الخريجين, كما أن الاهتمام بالبحث العلمي في إسرائيل يعتبر مميزاً عن الدول الأخرى, حيث قامت الحكومة الإسرائيلية بإعداد برنامج "النجوم " لاسترجاع العقول الإسرائيلية في الخارج ومنع نزيف هجرة العقول للخارج, وبالنسبة لعدد العلماء الإسرائيليين الحاصلين على جائزة نوبل قد بلغ 11 عالماً, والمصدر الثاني المهم هو تدفق المساعدات والمنح والهبات من الخارج, ويتضح ذلك أكثر عند قيامها بالحروب أو التصعيد العسكري, حيث قام الملياردير اليهودي براون بافث باستثمار 4,8 مليار دولار في البورصة الإسرائيلية في تموز العام 2006 في خضم الحرب الإسرائيلية في لبنان, وبسبب ذلك لم يتأثر الاقتصاد الإسرائيلي وبقي معدل النمو لديه يقترب من 6%, كذلك في عندما قصف النظام العراقي إسرائيل ب 39 صاروخ قدمت الولايات المتحدة الأمريكية دعماً ب 13 مليار دولار للخزانة الإسرائيلية, والمصدر الثالث : استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية حيث تحقق إسرائيل مكاسب سنوياً تقدر ب 7 مليار دولار على شكل ريع الشيكل, والسيطرة على غاز بحر غزة والمقدر ب 33 مليار متر مكعب, والموارد الطبيعية في الضفة الفلسطينية وتحديداً مناطق c, حيث تشير الدراسات أن سبب حرب 2008 وحرب 2014 والانقسام السياسي هو سيطرة إسرائيل على غاز غزة لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي, والمصدر الرابع: تطور التجارة الخارجية والتي تشكل دوراً هاماً في الاقتصاد الإسرائيلي وتحديداً الصادرات الصناعية والمتطورة كالهايتك وتجارة الألماس, والتي تقترب من 100 مليار دولار سنوياً .

وفي المحصلة الأخيرة : هناك بن غوريون بني الدولة الإسرائيلية, وهناك روتشيلد وبراون بافث قدموا دعماً مالياً مميزاً, وفي الأراضي الفلسطينية من هو بن غوريون ؟ وأين روتشيلد وبافث الفلسطيني والعربي؟ وفي ظل الانقسام السياسي الفلسطيني مين سليم ؟!!

بقلم/ حسن عطا الرضيع