إن ما دفعني إلى هذه الرسالة هو المجهود الذي يبذله معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى للارتقاء بمستوى الأداء القضائي في فلسطين وهو يدرك حقيقة المطلوب انجازه لتحقيق الهدف الذي يقود إلى عملية الإصلاح القضائي ، خاصة وان معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار علي مهنا كانت له انتقاداته وله توجيهات في هذا الخصوص حين شغل رئيس مجلس نقابة المحاميين النظاميين وانه بذل جهده في سبيل إصلاح منظومة العدالة في فلسطين وان صدره يتسع لسماع كل ما هو ايجابي في سبيل رفعة العمل القضائي والعمل لاستقلالية القضاء قولا وفعلا ونهج عمل ، حقا لا بد من العمل لأجل الارتقاء بمستوى الأداء القضائي ذلك أن القضاء يتصدر مهمة رئيسيه في إعمال حكم القانون ، وقد أنيط به إحقاق الحق وإقامة العدل وفي ذلك ما يستوجب أن يكون القاضي مستقلا نزيها محايدا ، إذ نصت المادة (1792) من مجلة الأحكام العدلية (ينبغي أن يكون الحاكم حكيماً فهيماً مستقيماً وأميناً مكيناً متيناً). لا بد من تحديد قواعد سلوك القاضي وخاصة ، للناشئة من السيدات والسادة القضاة اعتقد جازماً أن المرشد الأول لقواعد سلوك القاضي للناشئة من القضاة لا يكمن في نصوص مقننة أو في مواد تضمنتها مدونة السلوك القضائي أو في مطبوعة ورقية أو دليل إرشادي أو منهاج يعد أو محاضرة أو ورشة عمل بقدر ما يكمن في ممارسة عملية يقوم بها الكبار أولئك الذين هم في نظر الكافة القدوة والنموذج والمثال ، وهم العنصر الأول والأهم في خلق بيئة نظيفة ومناخ صالح لإنجاح مسيرة العدالة في فلسطين .إن من مؤيدات خلق البيئة النظيفة والمناخ الصالح ، حسن اختيار القاضي ، وفي ذالك قيل " خير ضمانات القاضي هي تلك التي يستمدها من قرارة نفسه ، وخير حصن يلجأ إليه هو ضميره. فقبل أن تفتش عن ضمانات للقاضي فتش عن الإنسان تحت وسام الدولة ، فلن يصنع الوسام منه قاضيا إن لم يكن له بين جنبيه نفس القاضي ، وعزة القاضي ، وكرامة القاضي، وغضبة القاضي لسلطانه واستقلاله ، هذه الحصانة الذاتية ، هذه العصمة النفسية ، هي أساس استقلال القاضي، لا تخلقها نصوص ولا تقررها قوانين ، انما تقرر القوانين الضمانات التي تؤكد هذا الحق وتعززه، وتسد كل ثغرة قد ينفذ منها السوء إلى استقلال القاضي ، هي ضمانات وضعية تقف بجانب الحصانة الذاتية سدا في وجه كل عدوان وضد كل انتهاك لحرمة استقلال القضاء ، بل إن شئت فهي السلاح بيد القوي الأمين ، يذود به عن استقلاله ويحمي حماه " ثمة أمرين متلازمين لا يكتمل التكوين القضائي إلا بهما نظام يتعلق بالتكوين المؤسسي المستقل للجهاز القضائي وثانيهما تربوي بتكوين القاضي الإنسان ، القضاء تحقيق العدل وهي بعكس كلمة سلطه التي تثير في النفس معنى التسلط ، والتسلط تنبعث منه رائحة الهوى، في حين أن القاضي أنذر نفسه لإقامة العدل وإحقاق الحق مسلحاً بالزهد والهيبة والوقار ونهي النفس عن الهوى لتكون الجنة هي المأوى. نعم إن أعباء القضاء ثقيلة، وتقاليديه صارمة شديدة، عريقة راسخة في القدم، فطبيعة عمل القاضي ومهامه ليست كغيرها من الأعمال والمهام، ذلك أنه وإن كان يؤدي خدمة، إلا أن ما يقدمه من خدمة تفوق كل الخدمات وتعلو عليها وتتقدمها فالقضاء ليس مرفقاً بالمعنى ألخدماتي بل سلطة بعيدة عن التسلط والتجبر ، عهد إليها إحقاق الحق وإقامة العدل، وإشاعة الطمأنينة بين الناس فهي الأمينة على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم، بما يقتضي وجود قواعد قانونية محكمة دقيقة صارمة تنظم عمل السلطة القضائية ، فضلا عن وجود ضوابط أخلاقية ومعايير سلوكية . هناك قواعد لا بد وان تتوافر ضمن معايير للسلوك القضائي وهذا يعكس حاجة القضاء إلى وضع قواعد للسلوك لا تقل أهميته عن حاجته للتشريع الذي يحفظ استقلاله، بل إن قواعد السلوك تعتبر مكملة للتشريع في هذا الجانب داعمة له. هناك إجماع على القواسم المشتركة، وعلى ضرورة اعتماد قواعد تتعلق بالسلوك القضائي ،. وفي سبيل ذلك تم عقد ورشة عمل لمناقشة الأمر والخروج بتصور عام. ، وفق ما هو معروف عالمياً من قواعد تتعلق بسلوك القاضي ،مدونة السلوك القضائي التي صدرت عن مجلس القضائي الأعلى في فلسطين بموجب القرار رقم (3) لسنة 2006 هي من صناعة (الائتلاف من أجل النزاهة و المساءلة – أمان) وقد تم عرضها على مجلس القضاء الأعلى حيث تم تبنيها في حينه بعد أن أدخل عليها التعديلات وقد جاء في مقدمتها "لم تكن مدونة سلوك القضاة مجرد مطلب بل ضرورة أملاها التوجه نحو بحث سبل توحيد صف القضاة حول المجمع عليه من سلوكيات وصفات يجب أن يتحلى بها القضاة باعتبارها مسألة تدعم استقلال الجهاز القضائي وحصانته وكفاءته ونزاهته فمدونة سلوك القضاة - من هذه المنطلقات - اطار يتعرف القاضي والمجتمع من خلاله عل الصفات والمزايا الواجب التحلي بها من طرف القضاة وان من أهم ما في هذه المدونة أنها تحتوي على ما يضمن استقلال القضاء وحياده وحرمته ووقاره ، وما يوفر للمتقاضين ضمانة الاحتماء بقضاء نزيه وفعال مقتنع بشرف وعزة رسالته ومن هنا فقد كرست المدونة جملة من المبادئ من أهمها، مبدأ استقلال القاضي، مبدأ احترام ضمانات التقاضي ، مبدأ السلوك القضائي النزيه، مبدأ الكفاءة والمقدرة". (15) مدونة الاستقلال القضائي اشتملت على المواد التالية
المادة (1) على القاضي أن يصون استقلاله بذاته، وأن ينأى بنفسه عن قبول أي تدخل أو مراجعة من السلطات الأخرى في القضايا التي ينظرها، وأن يتذكر أن لا سلطان عليه – في قضائه – لغير القانون.
المادة (2) على القاضي أن لا يلتمس أحداً من زملائه في قضائه، وان لا يقبل التماساً من احدهم بهذا الخصوص، وأن يتذكر أنه وإياهم منظورون لتحقيق العدالة.
المادة (3) على القاضي أن لا يسمح للخصوم والمحامين أو أي شخص بالتدخل أو التأثير في قضائه.
المادة (4) لا يجوز الالتماس من القاضي (من أي شخص أو أية جهة) بشأن قضية منظورة أمامه، ولا التوسط بشأن قضية منظورة أمام غيره من القضاة.
المادة (5) يحظر على القاضي ممارسة الأعمال التجارية، أو أن يكون عضواً في مجالس إدارة الشركات والمؤسسات أو أية سلطة أخرى، كما يحظر عليه تولي أي وظيفة أو مهنة أخرى.
المادة (6) يحظر على القاضي أن يقوم بأعمال التحكيم في غير الأحوال التي يُجيزها القانون.
المادة (7) يحظر على القاضي الانتماء إلى الأحزاب والجمعيات السياسية.
المادة (8) يتوجب على القاضي – في حال حصول أي هيمنة أو تأثير عليه من احد من زملائه القضاة في أعماله القضائية، أو وقوعه تحت التأثير أو الهيمنة – إبلاغ رئيس المجلس القضائي بذلك.
ضمانات التقاضي
المادة (9) على القاضي أن يلتزم بعلنية المحاكمة ما لم يقرر إجراءها سراً مراعاة للنظام العام أو محافظة على الآداب.
المادة (10) في غير الأحوال التي يجيزها القانون، يحظر على القاضي أن يستند – في حكمه – على معلوماته الشخصية، أو على أية بينه أخرى لم تقدم في الدعوى ولم يناقش فيها الخصوم علانية، وأن الحيدة عن منطق البينات الدامغة المقدمة في الدعوى هي المؤشر على تأثره.
المادة (11) مع مراعاة ما يجوز للخصوم أو وكلائهم من شرح لآرائهم الفقهية والقانونية أثناء جلسات المحاكمة، لا يجوز للقاضي سماع احدهم بغياب الآخر خارج تلك الجلسات بما من شأنه التأثير في قضائه، وبصرف النظر: أمن شان ذلك تحقيق العدالة أم لا.
المادة (12) على القاضي أن يبلغ الخصوم والنيابة عن أي التماس بخصوص الدعوى المعروضة عليه.
المادة (13) على القاضي تمحيص البينات المقدمة في الدعوى المنظورة أمامه، وبذل جهده في سبيل الوصول إلى الحقيقة، ثم إصدار حكمه وفقاً لقواعد القانون والاجتهاد القضائي المستقر، فإن لم يجد فليجتهد في تطبيق مبادئ الحق والعدالة.
المادة (14) على القاضي أن يجتنب تأجيل الجلسات لأسباب ليست مبررة، ولا سيما التأجيل للسبب نفسه، أو تلبية لطلب احد الخصمين عند غياب الأخر، وعليه مراعاة مهل التأجيل التي يحددها القانون.
المادة (15) لا يجوز للقاضي أن يؤجل إصدار القرارات التي تمهد لفصل النزاع أكثر من مرة، أمام الأحكام الختامية فعليه إصدارها خلال المهل التي تحددها القوانين، وإلا فعلى القاضي أن يصدرها في مهلة معقولة من ختام المحاكمة، وفي حال مخالفة المواعيد المشار إليها فإن على رئيس المحكمة أو القاضي المسؤول تبليغ التفتيش القضائي بالواقع.
المادة (16) لا يجوز للقاضي أن يبدي رأيه مسبقاً في النزاع المعروض عليه، سواءً للخصوم أو غيرهم، ولا يجوز أن يشارك في أي بحث أو نقاش قانوني وهو يعلم أن من شأن ذلك استخلاص رأيه في ذلك النزاع.
المادة (17) يمنع على القاضي أو أفراد أسرته ممن يُعيلهم أن يقبل أو يطلب هدية، أو مكافأة أو منفعة لنفسه أو لغيره أو قرضاً ما كان سيحصل عليه لولا تعلقه بعمله القضائي، أو متوقع أن يتعلق بذلك العمل، أو للإحجام عنه، ويستثنى من ذلك الكتب القانونية التي يقدمها مؤلفها.
المادة (18) على القاضي عند ممارسة عمله القضائي أن يساوي – في كلامه وسلوكه – بين الأشخاص كافة، سواء أكانوا أطرافاً في المنازعة أم غير ذلك (شهوداً أو محامين أو موظفي محكمة أو زملاء في المهنة) وألا يميز بينهم لأسباب تعود إلى الدين أو العرق أو اللون أو لأي سبب أخر. وعليه أن يطلب من الموظفين التابعين له التقيد بذلك.
المادة (19) على القاضي ألا يبادر بتصرف يوحي أو يخلق انطباعاً لدى الآخرين بان أفراد أسرته، أو شخصاً ما له تأثير على توجهه في قضائه، وعليه ما أمكن منع هؤلاء من خلق ذلك الانطباع لدى الآخرين.
المادة (20) على القاضي أن يتنحى عن الدعوى إذا توفر فيه أحد أسباب عدم الصلاحية الواردة في القانون.
المادة (21) على القاضي – عند نظره في دعوى معينة وتوفر فيه احد أسباب الرد، أو عند استشعاره الحرج – أن يبلغ رئيس المحكمة.
السلوك القضائي
المادة (22) على القاضي أن يقوم بأداء واجباته القضائية من غير مفاضلة ولا تحيز ولا تحامل ولا تعصب، بل ينبغي أن يؤديها بما يعزز الثقة باستقلال القضاء ونزاهته.
المادة (23) ينبغي للقاضي أن يبدي النصح لزميله بالعدول عن أي مسلك خاطئ، فإذا ما كان ذلك المسلك يشكل جرماً أن يبلغ الجهة المختصة بذلك.
المادة (24) على القاضي اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي موظف يرتكب سلوكاً إذا كان يعمل تحت إشرافه.
المادة (25) على القاضي الاّ يتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أي شخص يرتكب سلوكاً خاطئاً داخل المحكمة.
المادة (26) على القاضي افتتاح جلسات المحاكمة في وقت مبكر من الدوام الرسمي، وإذا كان وقت الجلسة محدداً في ضبط المحاكمة فعليه التقيد به، وافتتاح الجلسة في ذلك الموعد.
المادة (27) على القاضي أن لا يتغيب عن عمله بغير إذن مسبق من مرجعه ما لم يكن الغياب لسبب قهري، وعليه الحضور إلى مركز عمله ومغادرته في الأوقات المحددة للدوام الرسمي، بحيث يكون مثالاً للعاملين معه ومُدعاة لاحترام الخصوم.
المادة (28) على القاضي أن يولي عمله القضائي الصدارة، ويمنحه الأولوية من بين النشاطات الأخرى التي يباشرها.
المادة (29) لا ينبغي للقاضي أن يسمح لموظفي المحكمة الخاضعين لإدارته بخرق مظاهر العدالة بين الخصوم في دعوى قضائية منظورة، أو بقبول هدية أو مكافأة أو قرض من احدهم، وعليه ملاحقة أيّ منهم إذا ما ارتكب هذا الفعل
المادة (30) على القاضي أن يحافظ على هيبة المحكمة أثناء جلسات المحاكمة ويتعين عليه في جميع الأحوال أن يكون صبوراً وقوراً، حسن الاستماع، دمث الأخلاق في تعامله مع الخصوم، يتمتع باحترام الذات وقوة الشخصية وسمو الشعور، وان يعزز – بسلوكه ومظهره ومنطقه في المحكمة وخارجها – ثقة عامة الناس بنزاهته ونزاهة النظام القضائي، وبأنه لا مفاضلة أو تحيز أو تعصب عنده في المعاملة.
المادة (31) يحظر على القاضي إفشاء سر المداولات قبل صدور الحكم وبعده وفي جميع الأحوال التي ينص عليها القانون .
المادة (32) على القاضي أن يؤكد – بفعل سلوكه في حياته الخاصة – ان يكون فوق الشبهات، وبما يؤدي إلى ثقة الشخص العادي بأمانته واستقامته، وبشكل ينعكس على احترام السلطة القضائية.
المادة (33) مع الأخذ بعين الاعتبار أن للقاضي مجتمعه الخاص من الأهل وذوي القربى والأصدقاء يتعين عليه الحد من المشاركة في المناسبات وقبول الدعوات التي من شأنها جلب الشبهة عليه، أو ربما تؤدي إلى عدم صلاحيته لنظر الدعوى أو تجيز رده.
المادة (34) يجوز للقاضي أن يشارك في النشاطات الخاصة شريطة ألا تثير الشكوك حول نزاهته، وينبغي له تنظيم تلك النشاطات من أجل تقليل مخاطر تعارضها ووقته أو واجباته القضائية .
المادة (35) يمنع على القاضي إبداء أي تعليقات أو آراء حول الدعاوى التي نظرها هو أو زملاؤه، سواء في المجالس العامة أو الخاصة، ما لم يكن الأمر لغايات التدريب القضائي أو البحث العلمي.
المادة (36) على القاضي ألا يستغل مكانة منصبه القضائي الذي ينتمي إليه لتعزيز مصالحه الشخصية أو مصلحة احد أفراد أسرته أو أي فرد أخر.
المادة (37) يحظر على القاضي أن يكشف عن صفته الوظيفية أو أن يلوح بسلطانها في ما قد يضع فيه نفسه من مواقف قد تنال من قدسية رسالته.
المادة (38) على القاضي أن يقيد علاقته مع المحامين أو غيرهم، ممن يمارسون أعمالا، بصورة دائمة في المحكمة التي يعمل فيها، بالقدر الذي يجنبه شبهة التحيز أو عدم الحياد.
المادة (39) للقاضي أن يُعـرب عن رأيه بوسائل التعبير كافة ، بشرط ألا يتجاوز حدود القانون.
الكفاءة والمقدرة
المادة (40) على القاضي أن يكون مطلعاً على جميع القوانين والأنظمة الصادرة في فلسطين وعلى التعديلات الجارية عليها وعليه أيضا الإلمام بالشروح المتعلقة بها.
المادة (41) - على القاضي مواكبة كل اجتهاد قضائي يصدر عن المحاكم العليا، وملاحظة الاجتهاد المستقر لديها بشأن القضايا الخلافية.
- وعليه إتباع اجتهاد الهيئات العامة لتلك المحاكم، إلى أن يجري الرجوع عنها بقرارات صريحة.
المادة (42) يتوجب على القاضي أن يكون مطلعاً على الاتفاقيات الدولية الثنائية والجماعية التي تكون فلسطين طرفاً فيها.
المادة (43) - على القاضي أن يحضر الدورات التدريبية، والندوات، وورشات العمل التي يقرر المجلس القضائي اشتراكه فيها.
- وعليه أن يقدم تقريراً خطياً في نهاية الدورة وفقاً لنموذج معد سلفاً لهذه الغاية.
المادة (44) على القاضي أن يحرص على تطوير مهاراته الشخصية بخصوص الدورات المتخصصة التي يشارك فيها، وعلى وجه الخصوص: استخدامات الحاسوب المختلفة، ووسائل الاتصال، وتعلم اللغات.
• أن قيم القضاء من استقلال ونزاهة وحياد. يجب أن تكون سمة سائدة لدى جميع القضاة وأن تتوارثها كل الأجيال. من اجل البناء لقضاء نزيه وعادل ،وان المرشد الأول لقواعد سلوك القاضي للناشئة من القضاة لا يكمن في نصوص مقننة أو في مواد تضمنتها مدونة السلوك القضائي أو في مطبوعة ورقية أو دليل إرشادي او محاضرة أو ورشة عمل بقدر ما يكمن في ممارسة عملية يقوم بها الكبار. أولئك الذين هم في نظر الكافة القدوة والنموذج والمثال ، وهم العنصر الأول والأهم في خلق بيئة نظيفة ومناخ صالح كما أن من مؤيدات ذلك أن يحسن اختيار القاضي بأن تتوفر فيه مقومات إشغال الوظيفة القضائية. فالتشريعات وحدها لا تقوى ولن تقوى على تحقيق صفات وشخصية القاضي إذا لم يكن ذلك جزءاً من تكوينه ومبناه .وفي هذا الإطار، وبسياق تعامل القاضي مع الخصوم على نحو يقترن بحسن التصرف والحكمة والكرامة الإنسانية، والسؤال من يعمل على تطبيق حكم المادة (23) من مدونة السلوك القضائي و التي تنص "ينبغي للقاضي أن يبدي لزميله النصح بالعدول عن أي مسلك خاطئ ، فإذا ما كان ذلك المسلك يشكل جرما أن يبلغ الجهة المختصة بذلك" ؟! حقيقة الموضوع هو للتذكير أن القضاء العادل يحقق الأمن والطمأنينة في نفوس الجميع ، ان مدونة السلوك القضائي هي دليل إرشاد على القاضي أن يتصف فيها لتحقيق العدل والمساواة بين الجميع توخيا للعدل وانتصارا للعدالة المنشودة ، إننا نتوجه بهذه الرسالة المفتوحة إلى معالي الأخ المستشار علي مهنا رئيس مجلس القضاء الأعلى وما عهدناه من تصريحاته ومواقفه وما أبداه من حرص لتحقيق مبدأ استقلالية القضاء وتحقيق مبدأ سيادة القانون واحترام الحقوق الفردية في كل المواقع التي شغلها حيث لمسنا صدقية أقواله وأفعاله وعمله الدءوب والمستمر لتحقيق العدل واستقلالية القضاء وهذا ما يسعى إلى تحقيقه لتجسيد مبدأ استقلالية القضاء وتحقيق العدالة ومحاسبة المخالفين لمبدأ مدونة السلوك القضائي الذين بمخالفتهم يسيئون للعدالة دافعنا في رسالتنا إلى معالي الأخ المستشار علي مهنا رئيس مجلس القضاء الأعلى اتخاذ الإجراءات والقرارات الكفيلة بتحقيق العدل والمساواة بين الجميع من خلال العمل الدءوب لتجسيد استقلالية السلطة القضائية ووضع حد لكل حالات التجاوز التي تؤدي لعرقلة العدالة في فلسطين شاكرين للأخ المستشار رئيس مجلس القضاء جهوده في ذلك ، مثمنين جهوده في تحقيق الأهداف التي يسعى لترسيخها وتحقيقها لتحقيق أسس العدالة التي ينشدها الجميع ضمن الجهود التي تبذل للحفاظ على استقلالية القضاء.
بقلم/ المحامي علي ابوحبله