لماذا لم تشارك رام الله في يوم النكبة؟

بقلم: فايز أبو شمالة

تخيلت أن كل الضفة الغربية قد شاركت في مظاهرات رام الله؛ التي نقلها التلفزيون الفلسطيني في يوم النكبة، فالذي يقيم في غزة، لا يطل على واقع الضفة الغربية إلا من خلال الصورة التي عرضها التلفزيون الفلسطيني، والتي أكدت على سعة الالتفاف الجماهيري خلف القيادة الفلسطينية التاريخية، ولكن الذي يعيش في الضفة الغربية يعرف الحقيقة التي كشف عنها بعفوية، أو بشكل متعمد، الكاتب ناصر اللحام في نهاية مقال له، فقد كتب حرفياً ما يلي: قال لي احد اصدقائي الوزراء: إن تظاهرة خرجت أمس في رام الله بمناسبة يوم النكبة، وإن عشرات من المسؤولين والوزراء ووكلاء الوزراء حضروا بسياراتهم الى مكان التظاهرة ولكن الشعب لم يحضر، لم يشارك الناس في التظاهرة ؟؟ وهذا هو حالنا في ذكرى النكبة، غابت الجماهير وحضرت القيادات. غابت القضية وحضر أصحاب القضية.

هذه شهادة رسمية يعتد بها، ويجب أن توثق، إنها شهادة وزير شارك في المظاهرة التي غاب عنها الشعب الفلسطيني، إنها شهادة تفضح عموم السياسية الفلسطينية، وتكشف عن مزاج الجماهير في الضفة الغربية، وتطرح على عقلاء فلسطين والعرب السؤال التالي:

لماذا امتنع الشعب الفلسطيني عن مشاركة القيادة مشروعها في إحياء يوم النكبة؟ لماذا احتشد الوزراء وأصحاب الوظائف العليا، وغابت الجماهير؟

الجواب على السؤال السابق جاء على لسان وكالات الأنباء التي أفادت بأن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية قد اعتقلت هذا الأسبوع في الخليل خمسة أشخاص من أفراد مجموعة خططت لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وأن الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد اعتقلت منذ مطلع العام الحالي عدة مجموعات مقاومة للاحتلال في كل من الخليل وقلقيلية ونابلس وجنين.

فكيف تعتقل أجهزة السلطة الفلسطينية المقاومين للاحتلال، وفي الوقت نفسه تدعو الناس للمشاركة بيوم النكبة؟ وهل من نكبة أكبر من تكسير أذرع المقاومة؟

المواطن الفلسطيني لم يعد ينجر خلف التصريحات الإعلامية، ولم تعد تخدعه الجمل الكبيرة عن حق العودة، وعن القدس العربية، وعن الدولة السيادية، وعن ضرورة إخلاء المستوطنات، المواطن الفلسطيني صار يصدق ما يرى بأم عينه من متغيرات على الأرض، ومن نفوذ مسيطر للمستوطنين الصهاينة على الطرقات، ومن ضياع للأرض الفلسطينية.

وكيف يصدق المواطن الفلسطيني التصريحات الفلسطينية وهي تناقض بعضها البعض، بشكل يعكس غياب الرؤيا، وضياع البوصلة، وللتأكيد على ذلك، سأورد ثلاثة تصريحات فلسطينية صدرت في شهر واحد، وكلها تناقض بعضها.

1ـ قال السيد محمود عباس بتاريخ 7 ابريل 2015 خلال افتتاح حديقة في رام الله: إن الشعب الفلسطيني لا يحتاج لقرار دولي جديد فيما يخص القضية الفلسطينية، إن ما يبحث عنه شعب فلسطين، هو دولة متكاملة فوق الأرض المحتلة منذ العام 1967.

2ـ السيد محمود عباس نفسه عارض تصريحه السابق بعد شهر، ورحب من تونس بالمشروع الفرنسي الذي سيقدم باسم القضية الفلسطينية إلى مجلس الأمن؟

3ـ جاء التناقض التالي على لسان كبير المفاوضين السيد صائب عريقات حين قال: القيادة تملك استراتيجية جديدة، تستند الى المطالبة بعقد مؤتمر دولي لوضع جدول زمني لإنهاء احتلال اراضي دولة فلسطين.

فأين يقف المواطن الفلسطيني من هذه التصريحات؟ وكيف يفهم السياسة الفلسطينية، وهل المطلوب هو قرار دولي تتقدم فيه فرنسا، أم أن المطلوب هو مؤتمر دولي لوضع جدول زمني للانسحاب؟ أم المطلوب هو مزيد من الانتظار حتى يكمل المستوطنون المشوار؟

استنتاج:

عزوف الجماهير عن المشاركة في تظاهرة رام الله يؤكد أن نتائج انتخابات جامعة بير زيت كانت الأصل، والاستثناء هو مشاهد الحشد الجماهيري المزيف خلف سياسة المتناقضات.

بقلم/ د. فايز أبو شمالة