إنتفاضة ضد الإنقسام !!

بقلم: محمد ناصر نصار

تسع سنوات ومازال الوطن يئــن ، والشعب يتألم ، والقضية تتراجع ، فلم يعد شطري الوطن منقسماً فقط بل أصبحت تلوح في الأفق مشاريع تقسيمية جديدة أو مشاريع تفاوضية عقيمة ، كل هذا وذاك ماذا غير على القضية الفلسطينية أو هل قدمت مشروع التحرير خطوة واحدة ؟

إن مشكلة الإنقسام هي الرديف التام لمشكلة الإحتلال الصهيوني ، فالمنطق السليم يجب علينا كفلسطينين أن نواجه الإنقسام قبل أن نواجه الإحتلال فلا نصر بلا وحدة ولا قوة بلا إخوة ، تسع سنوات ولم يغير طرفي الإنقسام أي شيء لا لأنفسهم ولا لشعبهم ، فهنا تكمن المهزلة الأخلاقية والسياسية ، فالسيد الرئيس أبو مازن ماذا جنى للسلطة الوطنية الفلسطينية من تخليه عن قطاع غزة وجوديا لا مالياً ؟ وهل إستفادت السلطة من إملاءات الأمريكيين والأوربيين عن تخليها عن حماس وإشراكها في العملية السياسية ؟ كذلك السؤال هل استفادت حركة حماس من الإنقسام لتعزيز برنامجها التحريري وهل حقا نجحت في إدارة العملية التنموية والسياسية بنجاح في قطاع غزة ؟

هذه التساؤلات المشروعة والتي لربما تحمل لدي أجوبة لا تقبل التأويل ولا تقبل التجميل والتحليل ، إن كلِ من طرفي الإنقسام كل منهم إدعى أنه لجأ لهذه الخطوة من اجل مصلحة الشعب الفلسطيني ومن اجل حماية المشروع الوطني الفلسطيني وساق ما ساق من تبريرات وتأويلات وحملات تخوينية إعلامية وفبركات أمنية لترسيخ الإنقسام وتعميقه ، كلاهما فشلا فشلاً ذريعا في تحقيق أهدافه التي إدعى أنه حريص عليها ولا يعدو نجاهما سوى في إدارتهما للإنقسام وأصبحت روايتهما غير مقبولة البتة لدى الشعب ، فأبو مازن لم ينجح في مشروعه التفاوضي ولا المؤسساتي ولا التنموي والشواهد كثيرة وعديدة لا مجال فيها للنقاش ، وفي الإنقسام تخلى عن غزة وجودياً وكيانياً فلو هو فعلا على قدر المسؤولية لتحمل مسؤولياته عن تسببه الرئيس لسقوط غزة إن صح التعبير بالرغم من انه لم يتخلى مالياً عن غزة ، بل وأيضاً تخلى عن مسؤوليته وترك العمل الجاد على إعادة اللحمة إلى شقي الوطن ، وكذلك مناقشة دور حماس في الإنقسام فإن حركة حماس و فيما يسوق بمشروع غزة فإن الحقيقة المرة أن هذه التسعة سنوات كانت نموذجاً لدولة غزة بكل ما تحمله من الكلمة من معنى فهل حققت حماس أي من الإنجازات التنموية أو السياسية أو الإجتماعية في هذه الفترة ، ورغم ان حركة حماس ترفع مشروعاً مناقضاً لأبو مازن وهو مشروع مقاومة مع الإحتلال لا تفاوض معه إلا بشروط المقاومة هل حققت ما تصبو إليه أو تقدمت في هذا المشروع بالرغم من صمود الشعب وتحديه للإحتلال .

في الإنتفاضة الأولى كان مخيم جباليا مهد الإنتفاضة وكان الداعية الشيخ عبد العزيز عودة يحرض ويعزز الجماهير من مسجد القسام للإنتفاضة على العدو الصهيوني المحتل فكان الأخ المنظم في الأحزاب اليسارية وأحزاب منظمة التحرير كلهم يتوحدوا في خطبة الشيخ لينطلقوا بعدها لمواجهة هذا العدو كل شخص نسي حزبيته من أجل الهدف الأكبر وهو فلسطين وقضيتها ، لذلك فإن الشعب الفلسطيني يجب أن يتوحد بإرادة الجميع ليتغلب على ديكتاتورية الجغرافيا والمصالح الإقليمية فاليوم فإن لم نتوحد كفلسطينيين ستتيه قضيتنا الفلسطينية في بحر متلاطم من قضايا الأمة العربية التي تعلو مشاكلها ويخبو دعمها للقضية الفلسطينية يوم بعد يوم ، فلذا الوحدة مطلب للخروج من هذا النفق المظلم والمسمى بالإنقسام ، وليقدم طرفي الإنقسام تنازلات لبعضهم ليخرجوا من هذا المنعطف الحاد ليتوحد الطريق نحو التحرير والقدس فالواجب يحتم على الفصائل الوطنية والإسلامية تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصلحة الحزبية في هذا الواقع العصيب التي تمر به امتنا والعربية والإسلامية وان نستخلص العبر مما حصل بيننا ولنعد ميثاق شرف فصائلي لا يخل بالوحدة والعمل الجاد على تطوير منظمة التحرير وأن تشمل كل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني لتكون معبرة وشاملة للكل الفلسطيني.

إن الوقت يمر وساعة الصفر الحقيقية الشعبية تقترب فالشعب الفلسطيني ذو إرادة حديدية وعزيمة يقينية لم يستطع الإحتلال قهرها ، وعلى الجميع ان يعي أنه لا يمكن خداع الشعوب الحرة مهما انطلت عليه الخدع والمؤامرات فالنهاية الحقيقة هي للشعوب فلا ثبات للحكومات ولا تفرد للسلطات مهما طال عمرها فلن تزيد عن عمر الشعوب ومها كان جبروتها فلن تتغلب على إرادة شعوبها .

بقلم/ محمد ناصر نصار