تحدث الكثير من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين عبر وسائل الإعلام المختلفة عن كيفية بناء الدولة الفلسطينية , وضرورة تجسيدها على ارض فلسطين الحبيبة لعدم معرفة الكثير منا كأفراد, او منظمات سواء كانت سياسية, أو مدنية لمفهوم ومتطلبات بناء هذه الدولة, او المعوقات التي تحول دون ذلك, فهل نحن مهيئون كأفراد, أو كمنظمات سياسية, أو مدنية لتحقيق الدولة الفلسطينية في وطننا فلسطين في ظل واقعنا الصعب والمشرذم الذي نعيشه تحت الاحتلال, وفى ظل الانقسام, والمشاكل الجمة التي نواجهها على الساحة الفلسطينية في مختلف الجوانب السياسية, والاقتصادية, والثقافية والاجتماعية, والصحية , والتعليمية؟؟ إن الحالة التي تمر بها التنظيمات الفلسطينية والتي من المفترض ان تشكل العمود الفقري للحياة السياسية الفلسطينية التى سيتم الاعتماد عليها بشكل اساسى للانتقال بفلسطين إلى مرحلة بناء الدولة فى حالة يرثى لها, حيث انقلب بعضها على بعض ,وقسم الوطن إلى دولتين وحكومتين, واصبحت غير قادرة على تحقيق الانسجام والمصالحة فيما بينها, وبقية الفصائل الاخرى لازالت تعمل لمصلحتها الحزبية والتنظيمية الخاصة بها ولأعضائها بدلا من العمل لصالح الوطن والمواطن ,وذلك لعدم امتلاكها برامج تقوم على خدمة شعبها ووطنها, بالإضافة إلى أنها تنفذ أجندات خارجية لاتمت بصلة إلى فلسطين,وشعبها, وبهذا اثبتت بأنه لايوجد لديها اهتمام بالقضية الوطنية, ولا تمتلك رؤية واضحة لمفهوم ومتطلبات الدولة الفسطينية0 لقد خيبت الفصائل والحركات الفلسطينية أمال ورغبة المواطنين في إحداث التغيير المطلوب الذي يطمح إليه الشعب الفلسطيني, سواء بالإدارة السليمة للوطن, أو إنهاء الانقسام, او العمل على ايجاد حلول لمشاكل الشعب ,وركزت هذه الأحزاب والتنظيمات جهودها على المحاصصة, والمصالح الحزبية في تولى المناصب والمواقع السياسية والإدارية في مختلف أجهزة ومؤسسات الحكومة سواء في رام الله أو غزة, وتفرغت إلى المماحكات السياسية, والتخوين, والشتائم, وتبادل الاتهامات فيما بينها ,مما افقدها احترام وثقة المواطن الفلسطيني الذي اكتشف غياب الرؤية , والبرامج, والاستراتيجيات لدى هذه الفصائل التي كان من الممكن أن تطبقها لمساعدة شعبها في هذه الأزمة ,وانهاء الانقسام والانتقال به إلى مفهوم الدولة التي يحلم بها الشعب الفلسطيني ويتطلع إلى تجسيدها على أرض الواقع 0كل هذا دفع الكثير من أبناء هذا الوطن لعدم تحمل واجباته ومسؤولياته الكاملة اتجاه وطنه في المحافظة على وحدته, وأمنه , واستقراره ,والمساهمة في بنائه وتطويره وتنميته كل حسب موقعه وعمله , بل أصبح الكثير منهم يعمل لحزبه أو حركته بأمانة وإخلاص أكثر مما يخلص ويعمل لمصلحة وطنه وشعبه ,وينفذ ما يطلبه منه حزبه أو حركته على مستوى عمله وليس بما يمليه عليه ضميره, وواجبه الديني , والوطني والقانوني اتجاه وطنه وشعبه وقضيته, وهذا افقدنا اهم أسس ومبادئ الدولة وهو غرس حب الوطن في قلوب وفكر أبنائه, بحيث يفهم الجميع أن مصلحة الوطن فوق كل المصالح الحزبية والشخصية, ولكى نستطيع تجاوز هذا التشتت وبناء الدولة الفلسطينية يتطلب هذا تطوير ثقافتنا الوطنية ليصبح لدينا مسؤولية وطنية تنمى فينا روح الانتماء, والولاء, والإخلاص للوطن كأفراد, وأحزاب, ومنظمات مدنية, وهذا لا يمكن أن يتم إلا من خلال التطور الفكري الذي ينبثق عنه مجموعة من القيم التي تصنع الفرد المنتج ماديا وفكرياً لأنه يعتبر حجر الأساس في المجتمع المدني الناجح الذي يقود إلى بناء الدولة المدنية الحديثة التي تقوم على مبادئ وأسس منها: مبدأ المواطنة المتساوية والتي يتساوى فيها جميع المواطنين في المجتمع, والثقافة المدنية وهى مجموعة من القيم التي تنتشر في المجتمع مثل السلام, والتسامح, والمحبة , وقبول الآخر لتكون الأساس في العلاقات والتعامل بين أفراد الشعب, والأحزاب السياسية, والمنظمات المدني وهذا لن يكون إلا إذا ارتفعت درجة الوعي الوطني بين أفراد المجتمع, والتي ستوصلنا مباشرة إلى ثقافة الالتزام بالنظام, واحترام القانون, مع انتشار مراكز التعليم, والثقافة, والصحة, لأنها من أسس تقدم الشعب وتطوره, بالإضافة إلى استخدام احدث الأساليب في الإنتاج, واستغلال الموارد المتاحة بشكل مناسب, مع تطوير عمل الأجهزة القضائية والرقابية في الدولة, والعمل على جذب الاستثمارات للدولة ليستفيد أبناء الوطن بدلا من تفشى البطالة وانتشار المشاكل الاجتماعية التي تكون السبب في انهيار المجتمعات 0فهل اصحاب الاتقسام وباقى الفصائل جاهزة لبناء الدولة الفلسطينية بعد كل هذا ؟؟؟؟؟
بقلم الكاتب/ عزام الحملاوى