حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني هي اسلوبا من اساليب المواجهة مع الكيان الصهيوني، وتشكل عاملا اساسيا من عوامل دعم الشعب الفلسطيني بنضاله من اجل استرداد حقوقه، وان تطويرها وتوسيع رقعتها هي من مهمات كافة القوى الوطنية الفلسطينية لاهميتها، لان من خلال هذه الحركة يتم تعرية الكيان الصهيوني بإجراءاته وممارساته العدوانية وجرائمة ضد الشعب الفلسطيني، رغم ما تركه اوسلو من أثارا سلبية على النضال والحقوق الفلسطينية الا ان الحركة على مدار العقدين السابقين كانت بين مد وجزر.
لقد واجهت الحركة الصهيونية بالبرازيل حركة التضامن البرازيلي مع نضال الشعب الفلسطيني، بنفس الاسلوب ونفس الحقول وامتدت الى مواقع اوسع ، فمن خلال سيطرتها على الآلة الاعلامية عملت على تشويه صورة النضال الفلسطيني والتاريخ والثقافة والحضارة العربية بشكل عام معتبرة النضال الفلسطيني والعربي وصمودهم تهديدا لامن هذا الكيان ولوجوده، واظهار الكيان الصهيوني كضحية ومن حقه الدفاع عن نفسه تبريرا لجرائمة، فما زالت الحركة الصهيونية ترسل بعثات اعلامية تعود بافلام وثائقية تعرض على شاشات التلفزة المحلية، واخرى برلمانية من خلال ارسال برلمانيين الى الكنيست الصهيوني كما حصل خلال شهر نيسان، وتكريم رئيس محكمة العدل البرازيلية السابق جواكيم بربوزا من الجامعة العبرية بالقدس قبل ايام، وارسال فرق غنائية ومغنيين مشهورين الى الكيان الصهيوني، وعلى راسهم المغني البرازيلي المشهور عالميا روبرتو كارلوس، وحاليا Caetano Veloso e Gilberto Gil، وتنشط بالجامعات من اجل الحد من نشاطات الطلبة باتجاه المقاطعة الاكاديمية.
كما تنشط الحركة الصهيونية باتجاه القوى اليسارية البرازيلية ونجحت بمنع القيادي العمالي البرازيلي السناتور السابق Eduardo Suplicy من زيارة غزة بعد انتهاء اعمال المنتدى الاجتماعي العالمي بتونس، وكان لقاء السفير الصهيوني مع وزير التكنولوجيا البرازيلي الشيوعي Aldo Rabelo لتعزيز العلاقات بالمجال التكنولوجي، والتواصل مع رؤساء البلديات وحكام الولايات وزج العناصر الصهيونية بالاحزاب وعلى وجه التحديد حزب العمال اكبر الاحزاب اليسارية وهو الحزب الحاكم، والتمكن من عقد اتفاقيات بكافة المجالات الصناعية والتكنولوجيا والزراعية والثروة الحيوانية والتنقيب والمياه وغيرها، كما تزج رموزا وقيادات من الحركة الى مواقع ومراكز حكومية على مستوى البلديات والولايات والحكومة الفيدرالية كالصهيوني المعروف Jaques Wagner وزير الدفاع البرازيلي الذي لا يخفي علاقاته مع الحركة الصهيونية.
حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني لديها هذه الصورة عن حجم الحركة الصهيونية ونفوذ الكيان الصهيوني وقدراتهما وامكانياتهما التي يكروسوها من اجل الضغط وابتزاز الحكومات البرازيلية على كل المستويات، وتضليل الرأي العام البرازيلي حول طبيعة الصراع بالشرق الاوسط، مستغلة كل الامكانيات الاقتصادية والبشرية والخبرة التي اكتسبتها على مدار تقريبا قرنا من عمر الحركة الصهيونية بالبرازيل، مستفيدة من حالة التفكك والشلل الذي تمر به الجالية الفلسطينية ومؤسساتها بالبرازيل، حيث هذه الحالة تعود بالسلبيات على تطوير حركة التضامن البرازيلية مع نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الغير قابلة للتصرف.
رغم تمكن حملات التضامن البرازيلية من الحفاظ على استمرارية النشاطات، الا ان هذه الحركة لم تصل الى المستوى المرغوب، وما زالت حركة التضامن بحاجة الى جهودا من اجل النهوض بها، والاستفادة من التجارب السابقة والتغلب على كل الاشكاليات التي تبرز هنا او هناك، فالتفاوت بالرؤية بين القوى البرازيلية اتجاه الحل الاستراتيجي للصراع ايضا لها سلبيات على تطويرها، لقد تمكنت لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني من اقامة العديد من النشاطات والحملات التضامنية واحياء المناسبات واقامة الندوات والمحاضرات، والزيارات الى الاراضي الفلسطينية، فهناك لجنة الدولة الفلسطينية، ولجنة اطلاق سراح الامين العام احمد سعدات وكافة الاسرى، وحملة مقاطعة الكيان الصهيوني بالاضافة الى العديد من لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني بالعديد من الولايات والمدن البرازيلية.
السفارة الفلسطينية مطالبة بالتحرك باتجاه البرلمان ومجلس الشيوخ ومطالبة النواب البرازيليين المتعاطفين مع حقوق الشعب الفلسطيني اتخاذ مواقف باتجاه الاسرى والمستوطنات والاحتلال الصهيوني وحقوق الشعب الفلسطيني، مطالبة السفارة بالتوجه الى المؤسسات الحكومية التي هي ضمن اختصاصها من اجل مواقف اكثر جذرية مستفيدة من المواقف السابقة للحكومة البرازيلية من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني والعمل على تطويرها، فبعد وصول لولا الى سدة الحكم ومجيء ديلما روسيف كانت هناك مواقف ايجابية مناصرة ومتعاطفة مع الشعب الفلسطيني ونضاله.
اما الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية، فإستقالة هيئته الادارية اولوية بالمرحلة الحالية بعد ان اثبتت فشلها وعجزها على النهوض بالاتحاد وتحقيق الوحدة الوطنية على مدار السنوات التسعة الماضية، إن اختيار قيادة جديدة للاتحاد اكثر من ضرورية بالمرحلة الحالية لتكون بمستوى المسؤوليات والتحديات.
لجان فلسطين الديمقراطية لدورها وتاريخها وعلاقاتها التي تربطها مع القوى البرازيلية مؤسساتا واحزابا، مطالبة بأن تلعب دورا اكثر مثمرا وايجابيا، مستفيدة من هذه العلاقات الحزبية لتطوير مواقفها بالشأن الفلسطيني لتعزيز حملة التضامن، والعمل على توحيد كافة لجان التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني من خلال قيادة وطنية واحدة تشمل الساحة البرازيلية ضمن برنامج متفق عليه بين كافة القوى تكون لجان فلسطين الديمقراطية هي المحرك الاساسي لتشكيلها، وإن اي تاجيل واهمال لهذه المسؤوليات امام هذه التحديات ستترك سلبياتها على حركة التضامن البرازيلية.
بقلم/ جادالله صفا