إن استهداف الفلسطينين اولا بالعراق ومنع دخولهم الى الدول العربية المجاورة، ومن بعد ذلك استهداف المخيمات الفلسطينية بسوريا وايضا عدم استيعاب الفلسطينيون بالدول العربية، كل هذا يأتي ضمن مخطط غربي امريكي صهيوني رجعي عربي لن يتوقف عند هذا الاستهداف، وهذا المخطط يهدد ايضا المخيمات الفلسطينية بلبنان والاردن وبفلسطين ذاتها، وان استهداف المخيمات الفلسطينية واللاجئين وطردهم الى خارج الوطن العربي له علاقة بتصفية القضية الفلسطينية حيث اللاجئون عمودها الفقري وجوهر الصراع العربي الصهيوني.
عندما وصل البرازيل العديد من اللاجئين الفلسطينين القادمين من العراق، بالبداية تم اهمال هذه الفئة من قبل المؤسسات الفلسطينية وسفارة فلسطين اولا، وتخلت الحكومة البرازيلية عن وعودها ثانية، وتم اثارة قضيتهم من خلال وسائل الاعلام مما ادى لاحقا الى التواصل معهم والاهتمام بامورهم ومتابعة بعض قضاياهم، فزارهم مسؤولا من السفارة الفلسطينية، وقيادة الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية، وممثلين عن مؤسسات فلسطينية محسوبين على الخط الديمقراطي واليساري بالجالية الفلسطينية، وتم الاطلاع على امورهم والبحث عن حلولا للعديد من المشاكل التي تواجههم من اجل تأقلمهم بالمجتمع البرازيلي والحفاظ على انتمائهم وبناء علاقات تعود بالمنفعة على الجالية والقضية الفلسطينية بشكل عام، وبحينها قدمت الجمعية العربية الفلسطينية ببرازيليا دعما ماليا محدودا وبسيطا وتم فتح مشروعا لاحد الاخوة الفلسطينين هناك.
بعد استهداف المخيمات الفلسطينية بسوريا، العديد من الاخوة الفلسطينين غادروا المخيمات ليلجئوا مرة اخرى الى دولا خارج المحيط العربي، اكثر من 300 فلسطيني لجئوا الى البرازيل، العديد منهم من حملة الشهادات الجامعية، (إدارة اعمال، طب، هندسة الكترونية، برمجة وانظمة كمبيوتر، هندسة كهربائية، صيدلة، تمريض، ادب انجليزي، علم نفس وغيرها) وصلوا البرازيل ببداية ازمة اقتصادية بدأت تعصف بالبلاد، بداية العام الحالي كانت نسبة البطالة بالبرازيل تقريبا ال 4.5% واليوم وصلت الى 8%، مما اعاق امام هذا الجيل والعدد من الانضمام الى سوق العمل البرازيلي، واغلبهم استقر بمدينة ساوبولو واخرين بمدينة برازيليا والى مناطق اخرى بالبرازيل.
تفاجأ الاخوة الفلسطينيون من عدم وجود مؤسسات فلسطينية او جهة فلسطينية تستقبلهم، ترشدهم وتوجههم، بحثوا عن المساجد بمدينة ساوبولو وبرازيليا، التقوا مع بعض ابناء الجالية اللبنانية والسورية، استقصوا معلوماتهم من ابناء الجاليتين، قد لا تكون هذه المعلومات كافية، وقد يكون هناك نوع من التذمر سواء من قبل افراد الجاليتين او الاخوة الفلسطينيون القادمون من سوريا، وهذا شيء طبيعي ان يحصل نتيجة الاوضاع والظروف التي تشهدها المنطقة العربية والضغط الكبير نتيجة هذه الاحداث وتفسيراتها وتعقيداتها.
الان يتخوفون من المستقبل الذي ينتظرهم بالبرازيل، لا عمل لا لغة لا استقبال يسألون اذا هناك جالية فلسطينية بالمدينة، الجميع يأتي الى ساوبولو باعتبارها العاصمة الاقتصادية وذات اقتصاد وانتاج يفوق اقتصاد وانتاج دولا بقارة امريكا اللاتينية، غير قادرين على البدء من اجل المستقبل الافضل، مدينة ساوبولو الحياة المعيشية غالية جدا، والاسعار باهضة واجرة البيوت لها شروطها القاسية، وكل خطوة بالمدينة لها ثمنها المادي، ومن بقي عاطلا عن العمل بدأ يشعر ان ما معه من اموال اخذ بالنقصان، اخرون استقبلتهم عائلات برازيليا واحتضنتهم واعتنت بهم، ولكن الى متى؟ سؤال احد الاخوة البرازيليين يتصل بي من اجل شراء جاكيتة لاحد الاخوة الفلسطينين لانه يشعر بالبرد بسبب موجة البرد الحالية بالبرازيل حيث الفلسطيني لا يملك، هل هناك نخوة فلسطينية؟ هذا هو بداية المأساة
على مدار سنة التقى السفير الفلسطيني الاخوة القادمون من سوريا مرتين، ليطمئن على احوالهم وما يمكن ان تقدمه السفارة، والمرة الثانية بناء على تبادل الرسائل مع احد ابناء الجالية الفلسطينية من اجل المساعدة لايجاد فرص عمل وقضايا اخرى.
بالامس المفوضية السامية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة واللجنة الوطنية البرازيلية للاجئين التابعة لوزارة العدل البرازيلية التقوا مع المؤسسات بمدينة ساوبولو لمناقشة وضع اللاجئين بشكل عام، حيث مدينة ساوبولو هي عنوانا للاجئين القادمين من دول العالم بمن فيهم اللاجئين العرب، اللاجئون الفلسطينيون لم يعلموا بهذا اللقاء، لم يخبرهم احد ولم يشاركوا.
بعض اللاجئين والاخوة بدأوا يشعر بقساوة الوضع والمستقبل الذي ينتظرهم، تم التواصل مع رئيس الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية من خلال الايميلات، لم يعطي اي اهتمام، يفهم من ذلك ان الرئيس ليس له علاقة بالموضوع ولا تعنيه القضية، القضية ليست بالاتحاد القضية لها علاقة بالافراد التي تتحكم بالاتحاد وقراراته، فلو كان هناك هيئة ادارية اخرى قد تكون الامور تختلف.
تم التواصل مع رئيس الجمعية الفلسطينية بمدينة برازيليا، وقد تكون هي الجمعية الافضل من كل الجمعيات الفلسطينية بالبرازيل، حيث الجمعية تم تأجير مقرها وياتيها دخلا كبيرا وجيدا، ومن هذا الدخل تم توسيع مقر الجمعية بارضها الواسعة، كان رد رئيس الجمعية يقول (الجمعية مؤجرة)، فالايميل تم ارساله ثلاث مرات، مع نسخه منه الى السفير الفلسطيني واخرين من ابناء الجالية الفلسطينية وكان نفس الرد من رئيس الجمعية "الجمعية مؤجرة"، ولسان حاله يقول نحن لا نقدم شيئا، لا ندفع مقابل ترجمة شهادات، ليس لنا علاقة بالموضوع، والا لماذا لم يكن رده ردا اخرا؟ لماذا لم يتشاور مع هيئته الادارية؟ لماذا لم يطلب بعض ارقام الهواتف او طريقة التواصل مع بعض الاخوة الفلسطينين؟ لماذا لا يتفقد الاخوة ببرازيليا ويدعوهم للتعرف على الجمعية؟ لماذا لا يطلب من السفير الفلسطيني الاتصال به حال وصول اي فلسطيني الى برازيليا ويدعوه الى مقر الجمعية ويشرح لهم تاريخها المشرف والراقي؟ هل هذا الموقف يمثل موقف الهيئة الادارية للجمعية؟ لا يجوز له التفرد بالقرار والموقف عندما يكون الشأن فلسطين وشعبها، فالمؤسسة ليست ملكا لفرد، ومن يوافق على ان يكون بموقع المسؤول عليه ان يكون بمستوى التحديات ويكون مثلا بالمواقف الايجابية لمصلحة الجالية والوطن والقضية.
احد الاخوة الفلسطينين يطرح تاسيس جمعية فلسطينية تعتني باللاجئين الفلسطينين القادمين من سوريا، اقتراح بمستوى المسؤوليات والتحديات، فعندما تتخلى قيادة المؤسسات الفلسطينية كالاتحاد العام ورئاسة الجمعية الفلسطينية ببرازيليا عن مسؤولياتهم الوطنية، ضرورة خلق المؤسسات البديلة، المؤسسات التي تنتمي الى الوطن والعودة، تنتمي الى جوهر القضية الفلسطينية، تكون على مستوى التحديات والمسؤوليات، وهذه المهمة ضرورة البدء بها مباشرة، فإلى متى سيبقى الفلسطينيون بانتظار المؤسسات الفلسطينية التي تعفنت باداراتها وبمواقف الفردية والهيمنة والفئوية؟.
ايضا لا يجوز ان يتم تعميم هذه الحالات على كل ابناء الجالية، فهناك تفاوت بالمواقف والنخوة، فجاليتنا الفلسطينية ما زالت تختزن من الطاقات والامكانيات التي تخدم قضيتنا، تعبر عن انسانيتهم واخلاقهم وحبهم لوطنهم وشعبهم، ما ينقض جاليتنا واهلنا بالبرازيل سواء القدامى او الجدد هو ايجاد المؤسسة التي تدافع عن قضاياهم وتعتني بامورهم وتكون الجامعة والموحدة لكافة الاراء والمواقف بعيدة عن الفئوية والحزبية والطائفية، وكلنا امل ان يتم تحقيق ذلك.
بقلم/ جادالله صفا