الدولة الفلسطينية وفق قواعد النحو والصرف هي دولة " مرفوعة " من الخدمة , ممنوعة من السيادة , " منصوبة " أو منصبة وفق الشروط الإسرائيلية ، " مجرورة " بالجرافات والبلدوزر الإسرائيلي ، " مجزومة " بالسكون والسكوت العربي والدولي ، محرومة من " الصرف" ماليا , "ممنوعة" من الكلام سياسياً ، لا تستخدم أدوات " الوصل " ويجب أن تبقى مقطعة الأوصال ، ممنوع عليها استخدام " الخط " الآمن , مطلوب منها فقط استخدام حروف الاستنساخ العبرية , بدلا من خطوط الرقعة والنسخ العربية , حتى تولد وتبقى وفق "أسماء الإشارة " , تلك الدولة المسخ , فلا "هي" في الضفة دولة ، ولا جمهورية ، ولا " هذه " في غزة دويلة أو إمارة , أو أي كيان بعنوان أو بدون عنوان !!
في بداية خطط الإدارات الأميركية ، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، كرس الرئيس الأسبق بيل كلينتون ، الكثير من وقته وطاقمه لوضع الحل " المناسب " للقضية الفلسطينية ، فكان مؤتمر واشنطن في الثالث عشر من سبتمبر ( أيلول ) عام 1993 , وما أكثر ويلات أيلول , .. من أيلول الأسود في عمان .. إلى أيلول الأكثر سوادا في صبرا وشاتيلا بلبنان ، ثم جاء أوسلو " اللعين " بقيام دولة " غزة وأريحا أولاً " بدل فلسطين , والتي اتسعت وتمددت لتشمل الضفة الغربية ، وفق التقسيم الثلاثي للأراضي ( أ ، ب ، ج) مع بقاء جيش الاحتلال والاستيطان ، إلى حين بحث قضايا الحل النهائي ، وما فيها من" عقد " أمام النجار, وأمام الباحثين والقانونيين والسياسيين ، وحتى تنقل الطلاب والتجار.
طاقم " السلام " الأميركي حينها ، بقيادة المتصهينين واليهود , وعلى رأسهم دينيس روس ( مبعوث السلام ) ومارتن أنديك ( سفير السلام ) ، وصلوا بعد أكثر من عشرين عاما نهاية الطريق ، بعد المماطلة والمط والتسويف, وبعد مقتل موقع اتفاق السلام رابين ، إلى عهد اولمرت وباراك وشارون , وصولا لـعهد الـــــ " نتن ياهو" الرافض للسلام وحل الدولتين.
وتجمدت القضية , وأصبحت وفق قواعد النحو في " خبر كان" , فتصاعدت التصريحات ، وبدأت التحركات وارتفعت وتيرة الإعراب ، بعد تراجع دور الأعراب ، وذلك وفق قواعد الرفع والجر والنصب والجزم والحزم من قبل الأمريكان , فكان "رفع" أي تدخل دولي من المكان ، و "جر" و " جزم " وجزر وربط وحزم الأنظمة العربية، وكل من يخالف الرؤية الاسرائيلية ، ثم كانت عملية " النصب " الكبرى ، بإعلان رؤية بوش ومن بعده أوباما لإقامة دولة فلسطين ، وعدم الالتفات إلى نصيحة الراحل " العظيم " بإقامة دولة " إسراطين" !!
وبعد مخاض طويل , جاءت هيلاي كلينتون الوزيرة صاحبة " القاعدة " العريضة , حسب وصف الرئيس بوش لـ" خلفيتها " التاريخية , " المكتنزة " والمحشورة في بنطلون الكاوبوي الأميركي , خلفا لوزيرة الخارجية السابقة " الأرملة السمراء" ، صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة , وصاحبة القامة " المنصوبة " والتنورة " المرفوعة " ، لإكمال قواعد النحو والصرف ، بالإعلان عن ضرورة " صرف " النظر عن تجميد الاستيطان , والاكتفاء بالإعلان عن إقامة الدولة العتيدة في "خمس" فلسطين, ولو كانت بشروط نتنياهو وليبرمان وأركان حكومته المتطرفين , بإقامة "الدولة المؤقتة" بعد عشر أو عشرين من السنين .. ورحم الله أبو الأسود الدؤلي وسيبويه ، اللذين علمانا النحو والصرف , ولكنهما لم يعلما أنه بسببهما ضاعت فلسطين. !!
بقلم/ د. عبد القادر فارس