المسكوت عنه ثماني سنوات

بقلم: حسن السعدوني

تعتبر الثورة مرحلة تغيير جذري، من واقع سيء الى واقع أفضل، وتؤكد التجارب السياسية عبرّ التاريخ أن الشعوب تلجأ إلى الثورات أو العصان المدني، كحالة ضرورية عندما تفشل الحكومات في حل مشاكلها اليومية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث أزمات ظاهرها معقد وباطنها مفبرك، هذا بالضرورة يؤدي إلى معادلة متساوية من حيث الهموم والعجز، فكلما كانت الهموم كثيرة ، كانت التركة ثقيلة وبالتالي كان العجز أكبر من الهموم عند الحكومة، ولكن لا يمكن أن نمررها من الناحية الوطنية الخاصة بنا لأنه ما ينطبق علينا لا ينطبق على أحد

فالتضحيات كبيرة والجانب العاطفي متعاظم دائما بحب الوطن والمقاومة .

فعندما نكون في غمار المشروع التحرري فلا يجوز لنا أن ننقلب على الحاكم ضمن مفهوم هوبز المفكر والسياسي الإيطالي الأول لنظرية العقد الاجتماعي ولكن يجوز عند الجيل الثاني من أصحاب النظرية الانقلاب والثورة على الحاكم ومنهم جان لوك وجان جاك روسو ضمن مفاهيم الديمقراطية وأصول الحكم، لأن هذا عقد بالأساس يجب أن يتوفر فيه شروط الرضا .

صحيح أن حياتنا اقتربت وأصبحت متشابه من عام الرمادة زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) وأن اختلفت المدة الزمنية والظروف والحيثيات والاختبارات المهم صمدنا وسكتنا ، ولكن هل هذا السكوت سوف نثاب عليه من الله أم أنه سوف يبقى لعنة تطارد الكل الفلسطيني ؟ و باعتقادي الشخصي الموضوع يحتاج إلي علماء الأمة وأن كان قلبي يسير على هدي حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .(أستفتِ قلبك وأن افتوك ).

المعضلة الأساسية هي سنوات الانقسام ، التي ألقت بظلالها على الشعب والقضية ، من حيث تدمير الحلم الخاص والعام ، فمنذ أن نسج الانقسام خيوطه مثل العنكبوت وعشش في عقول القيادة الفلسطينية وأصبحت مدمنة عليه وعملت على إدارته وساعدت في خلق تيار مستفيد من الانقسام، وتجاهلت الشعب الذي ينزف دماء الكرامة والحرية إلى أن وصلت الأمور إلى حد لا يمكن إصلاحه على المدي المنظور، وهذا يرجع لعدة مسلكيات جميعنا شارك فيها، فالسكوت الأول: عندما وافق الشعب على فكرة الانقسام والانقلاب على مفاهيم الشراكة والديمقراطية، وزرع بذور الفتنة والقتل والاغتيال ؟ والسكوت الثاني: كيف سمحت القوي الوطنية والاسلامية التجاوزات الاعلامية التي أججت الصراع إلى أن وصلت الأمور إلى حد الصدام المسلح ؟ والسكوت الثالث: كيف قبل الوجهاء والمثقفون وسجل لهم التاريخ أنهم كانوا متفرجين ( وشهاد زفة ) ؟ والسكوت الرابع: كيف أرتضى الشباب والخريجون القبول بهذا الواقع الاليم والمرير في ظل غياب نافذة الفرص والحياة ،وتدمير أحلام الكل الفلسطيني؟ والسكوت الخامس: كيف لشعب ثائر قبول انهيار قيمه ومبادئه بهذه الطريقة؟ والسكوت السادس: يخص الكل الفلسطيني كيف هان علينا ان نضيع وطناً من اجل اشخاص لديهم فكر عقيم لا يؤمنون بالحلول الخلاقة التي تخرج الشعب من المأزق النضالي و السياسي والاقتصادي والقيمي, وأصروا أن يجسدوا حالة لا يمكن تفسيرها سوى أن العمل في السياسة هو الملجأ الأخير للأشرار.

لهذا كله يجب على الجميع تحمل مسئولياته بالحديث عن آليات التخلص من الانقسام باتخاذ خطوات عملية، تبدأ بتوقيع عريضة من كل أبناء الشعب الفلسطيني بإنهاء الانقسام والتوجه الى اتخاذ خطوات ترفض فيها تطبيق قرارات الانقسام وتداعياته، هذا يقع على عاتق التنظيمات، الفلسطينية، ورجال الفكر، ورجال الاصلاح والجامعات ودور العبادة، فأن لم نفعل ونكون على قدر المسؤولية فالقادم لنا جميعا أوحش وخاصة أن الجميع يشعر بالغضب والظلم، في ظل طرح بدائل تنظيمية لها فلاشات مثيرة للإعجاب بين أوساط الشباب (فالمؤمن الكيس الفطن) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم فالتقطوا الرسالة يا صانعي القرار الفلسطيني .

بقلم/ د. حسن السعدوني