أثارت الصحافة العربية والإسرائيلية خلال الفترة الأخيرة معلومات حول توصل حركة حماس و " إسرائيل" لتفاهمات سبقت التوقيع على اتفاق "هدنة" بينهما عبر وسطاء عرب وأوربيين، وقد تمحورت المعلومات المثارة حسب الصحافة بإن حركة حماس وافقت على هدنة مع إسرائيل لمدة تقدر من 5 _ 10 سنوات، مقابل رفع الحصار، واعادة الاعمار، وفتح ممر بحري يربط القطاع بالعالم الخارجي"، لتقليص الاعتماد على معبر رفح مع مصر، الذي يعيش حالة اغلاق دائم، ويشكل عنوان المعاناة والاذلال بالنسبة الى مليونين من اهالي القطاع.
التفاهمات الشفوية بين حماس وإسرائيل كما وصفتها حماس أثارت حفيظة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي كان سبب في أجهض مباحثات القاهرة التي تم إجراؤها مع " إسرائيل" خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والذي لم يتردد في أغلب لقاءاته مع وسائل الاعلام بتشويه حماس أمام الرأي العام بل اتهم حماس في أكثر من موقف بسعيها إقامة إمارة أو دويلة في قطاع غزة بموافقة إسرائيلية، ولم يقتصر سلوك أبو مازن على هذا الحد بل كان له رصيد كبير في تعزيز الأزمة بين حماس والنظام المصري من خلال التحريض عليها مستخدم كافة الوسائل والأساليب.
وبعد شعور أبو مازن بأنه يقف موقف المتفرج على ما يحدث بين حركة حماس " وإسرائيل" وشعوره بقرب الطرفين للتوصل إلى اتفاق، فأراد الرجل أن يناور بملف الحكومة لكي يخلط الأوراق ويقطع الطريق على حركة حماس وإشغالها بملف الحكومة، وبالتالي هذا الموقف دفع الرجل وبشكل مفاجئ أـن يصرح بإن "خلال الـــــــــ 24 ساعة القادمة سوف تقدم حكومة التوافق استقالتها" فتصرف عباس يعكس خيبة الأمل والغضب لديه مما يجري حتى وإن لم يتوصل الطرفين لاتفاق.
حركة حماس تنفي ان تكون قد توصلت إلى اتفاق هدنة مع "إسرائيل"، وتقول ان الوسطاء الاوروبيين يطرحون افكارا، ولا يوجد اي شيء مكتوب، و"إسرائيل" ترفض أهم أسس الاتفاق مع حماس وهي اقامة مطار وميناء في قطاع غزة، والرفض الإسرائيلي جاء على أكثر من لسان سياسي وعسكري إسرائيلي وكان أخر تصريحات الرفض لفكرة المطار أو الميناء ما صرح به ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي الذي قال: " ميناء في غزة؟ لم نصب بالجنون بعد. في هذه المرحلة لن يحدث هذا".
وبين النفي الحمساوي للتوصل لاتفاق هدنة والرفض " الإسرائيلي" لأهم أسس الاتفاق يدفعنا ذلك لطرح تساؤل ألا وهو ما طبيعة ما يجري بين حركة حماس و" إسرائيل"؟
إن الذي يجري بين الطرفين أعتقد لا يدور عن تهدئة لمدة خمس أو عشر سنوات مقابل ميناء أو مطار في قطاع غزة على الرغم أن هذا الشرط يعد مطلب أساسي لحركة حماس في أي اتفاق مع إسرائيل، كما أن نجاح هذا الأمر ليس مضمونا، ولكن إن ما يحدث بين الطرفين عبارة عن معادلة أخرى، وهي أن "إسرائيل" تقول لحركة حماس أعطونا وقف إطلاق نار كامل من غزة وستحصلون على رفع تدريجي للإغلاق من اسرائيل ومصر وامتيازات اقتصادية منها، وكلما صمد هذا الحل على ارض الواقع، فانه يمكن تمديده ومنح امتيازات أخرى، ولعل ما يعزز وجود هذه المعادلة، في الأيام الأخيرة قامت القاهرة برفع الضغط عن حماس، و شطبت حماس من قائمة المنظمات الارهابية وقامت بفتح معبر رفح وادخلت الأسمنت المصري لقطاع غزة.
وفي المقابل بدأت "إسرائيل" برفع الاغلاق بالتدريج حيث خرج في الاسابيع الاخيرة من القطاع نحو ألف شخص يوميا، وسمحت " إسرائيل" لدولة قطر بنقل الاموال وأدوات الإعمار الى قطاع غزة، وحصل نحو 92 ألف شخص من غزة على مواد البناء وسمحت "إسرائيل" لغزة بتصدير الخضروات والفواكه.
بعد العرض السابق وواقع قطاع غزة المزري نستطيع القول إنه ليس من الضروري جداً ان تبقى غزة تحت الحصار، تزورها الوفود من أجل الاطمئنان على نجاعة الحصار والبطالة وقطع رواتب الموظفين، غزة اليوم مع أي معادلة أو اتفاق مشرف لكي تلتقط أنفاسها ولو لفترة قصيرة.
بقلم/ أ. عبد الرحمن صالحة