"التهدئة المنفردة"

بقلم: هاني العقاد

التهدئة المنفردة التي تسعي اليها اطراف دولية بين المقاومة ممثلة بحركة حماس واسرائيل كانت متوقعة منذ فترة طويلة وخاصة بعد أن تجاهلت مصر الملف ولم يفتح لا من قريب ولا من بعيد منذ فتره العشرة شهور وتجاهلت القيادة السعي مع حماس لتثبيت التهدئة وايجاد صيغة معينة لذلك , هذا ما كان واضحا خلال الشهور العشرة الاخيرة , واليوم بعد أن تلقت حماس رسائل برغبة اسرائيل في تهدئة طويلة الامد مقابل إقامة ميناء عائم ومطار مؤقت ورفع الحصار اصبحت امام حماس فرصة جيدة لرفع الحصار عن غزة الذي ارهق كبيرها وصغيرها واوقفها على بوابة الفقر المدقع سنوات واصبح ينذر بأبعاد خطيرة في المجتمع الفلسطيني, ولعل هذا يفسر لنا حقيقة واحدة دون التعلق بعواطف وانتماءات أن القيادة الفلسطينية فشلت حتى اللحظة في لم الشمل الفلسطيني تحت اطار وطني وفشلت في المحافظة على وحدة التمثيل الفلسطيني وفشلت في استخدام ما لذ وطاب لإغراء حماس لتاتي الى الحضن الفلسطيني وتبتعد عن باقي الاحضان المؤقتة ,ولعل وقوف القيادة عند بعض العلل أن لحماس اجندات مختلفة تماما عن الاجندة والبرنامج الوطني الفلسطيني الكبير الذي يقود بالنهاية الى دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود العام 1967 كان سببا لذلك .

ما أن اتضحت معالم المشروع الجديد للتهدئة المنفردة حتى ارتبكت القيادة وانعقدت اللجنة المركزية و المجلس الثوري لحركة فتح ومن ثم رفع موضوع تعديل الحكومة او تشكيل حكومة وحدة وطنية الى اللجنة التنفيذية هذا كان ردة الفعل ايجاد حكومة ترضي حماس , قد لا يكون هذا هو الحل المهم لاستعادة حركة حماس من نفسها ووقف خروجها عن السرب الفلسطيني . خرجت اللجنة المركزية بتصريحات بأن أي اتفاق منفرد بين حماس واسرائيل من شأنه ان يلحق الضرر بالمشروع الوطني ويساعد اسرائيل على الانفراد بالضفة الغربية وهذا حقيقي كما ورفضت اللجنة المركزية أي اتفاقيات جزئية بين حماس واسرائيل تحت أي ذرائع او مسوغات تعمل على فصل غزة عن الضفة, بالفعل هناك عاصفة في بيت القيادة الفلسطينية اوصلتها حماس بذكاء الى هناك و وقفت تتفرج اليوم التالي على ما ستاتي به هذه العاصفة , الحقيقة أن حماس لم تحاول اثارة العاصفة لمجرد استقطاب مزيد من المزايا لها ومزيد من العطاءات السياسية القادمة في أي مصالحة لكنها بالفعل تدرس التهدئة طويلة الامد منذ فترة طويلة وتدرس طريقة التوصل اليها والضمانات التي يمكن أن تؤدي الى استمرارها وكيفية استحضار الكل الفلسطيني اليها .

منذ فترة والوسطاء الأوروبيين وبعض العرب على اعلى مستوي يتوافدوا على غزة ويجلسوا مع قادة حماس سرا وعلانية ,ومنذ فترة والجميع يتحدث عن أن هناك حراك حول تهدئة طويلة الامد ,والجميع يتحدث بأن حماس تغازل النظام المصري لتحقق انفراجات معينة على صعيد العلاقة التي كانت محرمة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع مرسي ومازال بعض منها شديد التحريم , والقيادة تصم اذنيها عما تسمع وأن سمعت تسمع بطريقة الحديث في الاذن وأن قرأت تقرأ ما يكتب لها من تقارير فقيرة من المستشارين السياسيين تكون مبنية على توقعات وليس على حقائق, ولعل تلك الاحاديث وتلك التقارير لم تحاول النظر الى الجزء الاخر من الحقيقة ولم تحاول دراسة الابعاد الثلاثة لكل ازمة ولم تولى اهتماماتها بمهنية ادارة ملف العلاقة بين حماس والقيادة الفلسطينية بما يخدم الكل الفلسطيني ومهنية ادارة ملفات التهدئة والمصالحة مع مصر الذي هو بالأساس من صلاحيات الرئيس ابو مازن , السؤال الكبير الذي نحاول أن نسأله اليوم , هل الحلول التي ستقدمها اللجنة التنفيذية حلول عملية لإعادة حماس الى الصف الفلسطيني ؟

نقول انه يجب على حكماء اللجنة التنفيذية ان يحددوا فورا موعد لاجتماع الاطار القيادي للمنظمة يضعوا الاليه الفاعلة لجلب حماس والجهاد الاسلامي الى البيت الفلسطيني وحسابها و الاعن للعلم ان أي اتفاقات خارج اطر منظمة التحرير مع اسرائيل او غيرها باسم الشعب الفلسطيني اتفاقات غير شرعية و باطلة , ولو ان هناك حكماء سياسيين يدركوا اهمية عقد اجتماع للاطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية دون الاهتمام بأي رضا دولي و يكون هدف هذا الاجتماع تأسيس قواعد ترسخ توحيد التمثيل السياسي الفلسطيني لما وصلنا الى نقطة توقع الانفراد باتفاقيات بين حماس واسرائيل ,ولو أن هناك قيادات سياسية لا يتنافس صغيرها وكبيرها على وراثة الرئيس لما وصلنا الى تفاقم الازمة مع حماس وانتهت ازمة الانقسام قبل بلوغها مرحلة المراهقة السياسية , ولكنا اجبرنا حماس على النزول عند رأي الاغلبية والتعاطي مع ملف المصالحة الفلسطينية بنوع من الحياء الوطني , وكانت أي حكومة فلسطينية موحدة استطاعت أن تنجز الملفات التي كلفت بها واولها الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني رضيت حماس ام لم ترضي , لكن لانعرف أن كانت خطوة تشكيل حكومة وحدة وطنية التي اوصت بها للجنة التنفيذية يمكن لها أن تنجز ما فشلت فيه حكومة الوفاق حتى الان ,واعتقد ان دعوة الاطار القيادي اصبح مهما بالدرجة الاولى لتنفيذ توصيات اللجنة التنفيذية لتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التعامل بمهينة مع كافة الازمات واولها ازمة التهدئة المنفردة التي يمكن أن تكون في طريقها للعلن وتصبح اتفاق خارج اطار منظمة التحرير الفلسطينية .

بقلم/ د.هاني العقاد