السعودية والتغير في التحالفات الدولية ضمن مفهوم شرق أوسط متحول

بقلم: علي ابوحبله

الصراع الذي تشهده المنطقة يفضي إلى تحولات غير مسبوقة في عملية التحالفات الاقليميه والدولية ، اتفاق إيران مع الدول الخمس زائد واحد يحدث اهتزاز في عملية التحالف التقليدي الأمريكي السعودي والتحالف الخليجي الامريكي ، وان الايام العشرة المتبقيه لتوقيع الاتفاق بين الدول الست العظمى وإيران وما بعدها قد تشهد الكثير من المفاجآت السياسية والتغيرات ، فقد كان لوقع زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي إلى موسكو وتوقيعه ست اتفاقيات استراتجيه أهمها التعاون في مجال الطاقة ، هناك قلق سعودي روسي من التقارب الايراني الامريكي وان السعوديه ارادت من خلال الزيارة للامير محمد ولي ولي العهد توجيه رسالة قويه إلى واشنطن أن السعودية قد وجدت البديل عن تحالفها مع امريكا وان السعوديه لن تدخر جهدا لتغيير تحالفاتها وفق مصالحها ، وان لروسيا ايضا مصالح من وراء تحالفها مع السعوديه وهو توجيه إنذار إلى إيران أن لا تتجاوز الخطوط الحمر في علاقاتها مع أمريكا ، روسيا تحاول بكل وسائلها مواجهة أمريكا وحلفائها ضمن التغير في موازين القوى وهي تحاول أن تحتوي تمدد النفوذ الأمريكي وحلف الأطلسي في أوروبا الشرقية وأوكرانيا ، وان تحافظ على مصالحها في الشرق الأوسط وفي دعم حليفها الاستراتيجي سوريه التي ترتبط مع موسكو باتفاقية استراتجيه ، روسيا مهدت الطريق امام ايران للانضمام الى منظمة شنغهاي بعد رفع الحصار عن ايران لكن هناك تخوفات من تحول ايران للتحالف مع ايريكا والغرب ضمن صفقه مصالح قد تهدد روسيا ، زيارة الامير السعودي لروسيا شكلت خطوة مفاجأ ضمن تغير في السياسة السعودية الخارجيه ، وان استجابة الملك سلمان بن عبد العزيز لدعوة بوتين لزيارة موسكوا في حين اعتذر الملك السعودي عن تلبية دعوة الرئيس الامريكي اوباما لزيارة واشنطن والاجتماع مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في كامب ديفيد وان التغير في السياسات الخارجية السعودية قد يفسر اعتذار الملك سلمان زيارته للولايات المتحدة ، المفارقه المستجده في عالم السياسه المتحول حيث ان توقيع ايران الاتفاق النووي مع الغرب يفتح الباب لتحالف امريكي ايراني فيما السعوديه توقع اتفاق مع روسيا بعد ان اكتشف السعودي هشاشة العلاقات مع الولايات المتحده الامريكيه ، هو عالم التناقضات المحكوم بالمصالح ليس الا . اذ تمثل الخطوة السعودية انتصارا مزدوجا للبراغماتية السياسية المستندة إلى المصالح على ما سواهما، وذلك فصل ما هو ثنائي في العلاقات الدولية عن الخلافات السياسية في القضايا الإقليمية.

وهذا ما أكده بوتين عندما صرح بأن «روسيا مازالت تتمسك ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد»، وبكلمات أخرى، فانه ينفي تقديم أي تنازلات سياسية في مقابل التقارب أو التعاون مع السعودية ، وان السعوديه سعيا لتحقيق ماربها ومصالحها سعت للتقارب مع روسيا ، لكن هل هناك قرار استراتيجي وموقف سعودي استراتيجي للتحولات في السياسه الخارجيه وفي بناء تحالف مع روسيا ، الجانبان الروسي والسعودي هم أحوج لبعضهما البعض في هذه المرحله من حسم الصراع في المنطقه ، وان الجانبان استطاعا العمل وفق ارضيه مشتركه في العديد من الملفات الاقليميه والتي يعد الملف السوري أكثرها صعوبة وهذا ما أشار إليه البيان الرسمي الذي تضمن «تأكيدهما على وحدة الأراضي السورية، ووجود نوايا ايجابية لحل هذا الملف في أسرع وقت . ليس من قبيل المصادفة ان تأتي زيارة الأمير محمد لروسيا قبل أيام من استئناف المحادثات النووية بين إيران والقوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة وسط تفاؤل حذر بالتوصل إلى اتفاق تاريخي بنهاية الشهر الحالي . وكالة «رويترز» في تصريح لمسئول إيراني قال «توجد فرصة بنسبة 70 في المئة للتوصل لاتفاق نهائي». وقال «سيكون هناك اتفاق. الأمريكيون يحتاجونه أكثر منا. هذا الاتفاق سيساعد البلدين . ».

وبالرغم من صدور نفي لاتفاق الجانبين السعودي والروسي على أي مشروعات محددة أثناء زيارة وزير الدفاع، إلا أن الرسائل التي قصدت السعودية من توجيهها عبر هذه الزيارة في هذا التوقيت تحديدا ونجحت في توصيلها «إلى من يهمه الأمر» في البيت الأبيض، وهوان الاتفاق النووي الإيراني الغربي يعطي الحق لكافة دول الشرق الأوسط في السعي بشكل مستقل، وبما يلاءم مصالحها الخاصة، للحصول على التكنولوجيا النووية، وامتلاك القدرة على تخصيب اليورانيوم بأي كميات تحتاجها، والاستفادة الكاملة من كافة التطبيقات المتاحة لاستخدام الطاقة النووية سلميا، بما لا يخالف معاهدة حظر الانتشار النووي، وثانيها ان السعودية ومعها اغلب الدول الخليجية اصبحت تدرك اهمية تنويع مصادر التسليح، وتطوير العلاقات الدفاعية سواء مع الشرق او الغرب، بما يسهم في تعزيز قدراتها الذاتية على حفظ أمنها القومي . ويبدوا ان السعوديه قد رغبت في فتح صفحه جديدة بشان سياستها الخاصة بالتعاون الدولي في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتنمية الاقتصادية، حيث لن تكون للولايات المتحدة ومصالحها أولوية تلقائية عندما يتعلق الأمر بعقد الصفقات مع الشركات الكبرى، وهي المكانة التي طالما تمتعت بها لعقود في الخليج بشكل خاص. وبدلا من ذلك ستتحدد الأولوية اعتمادا على اعتبارات تتعلق بالمصلحة السعودية ثم التفاعل ايجابيا مع عالم متعدد الأقطاب ، الخطوة السعوديه تجاه روسيا ليست منعزله إقليميا فقد شهدت مناورات مصريه روسيه مشتركه سميت بجسر الصداقه

وسط أنباء عن حصول مصر على الطائرات والصواريخ الأحدث في الترسانة الروسية، وهي التي اعتمدت لنحو أربعين عاما على التسليح الأمريكي.

انه شرق أوسط متحول، وقد يكون من المبكر توقع الشكل النهائي لتحالفاته أو تناقضاته خاصة وانه لا يمكن الحكم بعد على التحولات السعوديه ان جاءت كرد فعل على الاتفاق النووي وليس في اطار استراتيجي مخطط له بعنايه ، ، لان الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تولى الحكم قبل خمسة اشهر فقط، وهو يخوض حرب ضد اليمن لم تحقق نتائجها المرجوه وان هناك املاءات وافرارزات لتطور الحربين اليمنيه والسوريه وتمدد الدولة الاسلامية، وذلك في ظل غياب الحسم والحزم في الملفات الثلاثة الامر الذي دفع السعودية إلى اللجوء إلى خيارات متنوعه ، وقنوات أخرى ضمن اعتماد سياسة انقاذ ما يمكن انقاذه. ففي السياسه لا مكان للمبادئ وانما للمصالح وبحقيقة القول ليس متغربا او مستهجنا ان تغير السعوديه من موقفها في حربها على سوريا وان تفاوض الحوثيين وحزب علي عبد الله صالح هي لعبة التغير في المصالح التي لامكان فيها للمبادئ ويبقى سؤالنا الى اين ستقودنا التحولات في الشرق الاوسط وهل سنشهد تغير وتحول في المواقف تجاه الصراع على سوريا وتغير في مسار القضيه الفلسطينيه ضمن ما نشهده من تحولات وتغيرات في المواقف تقود لاعادة ان تتصدر القضيه الفلسطينيه الاولويه في الصراع الاقليمي والضغط على اسرائيل للانصياع لتطبيق قرارات الامم المتحده لا شك ان الاسابيع القادمه حبلى في المفاجات ويبقى الترقب والانتظار سيد الموقف للحكم على حقيقة التحولات والتحالفات التي تشهدها المنطقه.

بقلم/ علي ابوحبله