الارهاب الاجرامي التكفيري المتنقل وضرورة المواجهة

بقلم: عباس الجمعة

ان المتتبع لمجريات ما يحدث في المنطقة ، يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية، حزمت أمرها على نقاط التلاقي والاختلاف في بنية الحرب الإرهابية التي أعدت لها جيدا، وخططت لها مع حلفائها واللاعبين الصغار والمنفذين في المنطقة.

من هنا نرى ان العصابات الارهابيه تتحرك وفق البوصلة الأمريكية والكيان الصهيوني وحلفائهم الذين يقدمون الدعم والامكانيات اللوجستية وإلاعلامية، للتحرك من المنطلق البند والهدف المرسوم تقسيما في الخرائط التي ما زالت تحمل سيناريوهات الوجوه المتبدلة حسب الطلب، وحسب مقتضيات الميدان على الأرض المتشعبة بين المد الإرهابي وجزره.

لهذا نرى ان تفجيرات المسجد الكويتي لم يكن بمعزل عن الهجمات الاخرى في تونس وفرنسا,وما جرى من مجزرة في كوباني ، وما يجري في سوريا والعراق واليمن بشكل عام لوضعه في خانة الفرز المذهبي التي يعمل عليه صناع الفتنة وادواتهم في المنطقة، لتعزيز الصراع واذكائه, لكن رسالة الهجومين التونسي والفرنسي يؤكدان أن اليد التي تحرك دمية الارهاب تسعى الى نشر الفوضى في كل مكان من العالم، خدمة لمصالحها وتأكيدا على دورها المستفرد بالهيمنة على العالم.

ان الأصابع الأمريكية والصهيونيه ذات الأوامر الراسخة بضرورة خلط الأوراق في خط التوازي مع الاحتلالات التي تتم لمناطق في سوريا والعراق، في الوقت الذي تتدعي أمريكا محاربة الارهاب، مع سماحها وإصرارها لوصول القوى الارهابيه التكفيرية إلى الأيقونة الأثرية العالمية في سورية ومثلها في اليمن. والناظر إلى خط التوازي الإرهابي هذا، وهذا يؤكد تنفيذ أهداف باتت معروفة في سياسة أمريكا الخارجية الساعية إلى تنفيذ المشروع تقسيم الدول، والمحاولات المتعددة لكسر شوكة المقاومة وخطها، ولاسيما بعد الذي جرى من القضاء على إرهابيي القلمون وجرود عرسال.

وفي ظل هذه الظروف نرى ان العدوان الاستعماري على المنطقة تقوده القوى الامبريالية وحلفائها وجماعات الإرهاب التكفيري التي تشكل أداتها المركزية ليست ظاهرة عابرة أومجرد قوة عمياء تم إطلاقها وتحريكها لتدمير النسيج الاجتماعي العربي ولإشعال حروب دموية وعمليات اقتلاع جماعي للملايين الذين تحولوا إلى عبيد في سوق العمالة السوداء في دول العالم والمنطقة وحولت معهم عشرات آلاف النساء إلى احتياط في جيش الرقيق الأبيض الذي تستكمله أسواق السبايا للعصابات الداعشية بينما يتواصل النهب اللصوصي لكميات غير بسيطة من النفط والكنوز الأثرية في سوريا والعراق خصوصا بالشراكة بين داعش وتركيا وإسرائيل والولايات المتحدة .

ان الحروب الممتدة من سوريا والعراق واليمن إلى مصر وليبيا اضافة الى القيام بعمليات ارهابيه في الكويت وتونس وفرنسا مخططة لتدوم اطول فترة ممكنة من الزمن ووحش التكفير الدموي الذي اختبر في سوريا والعراق ، من اجل توفير حزام أمان لإسرائيل يتيح لها خلال السنوات القادمة مزيدا من العلاقات العلنية مع مع دول خليجية وحكومات عربية اخرى تحت ستار العداء لإيران التي يذهب الأميركيون إلى جبرية الاعتراف بقوتها ويشدون حزام التحريم على الحكومات التابعة التي أسندوا إليها وظائف العداء لإيران منذ انتصار الثور،ة بينما تدفع حكومتا تركيا وقطر بمشروع هدنة طويلة الامد بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة مقابل سلطة امر واقع تدوم لسنوات غايتها إراحة الكيان الصهيوني ليصب جهوده في الاستيطان وللمضي قدما في تكوين الدولة اليهودية المنشودة باعتراف عربي قد ينسحب بقوة المال والتدبير الخليجي التركي على المقلب الفلسطيني .

وفي هذه اللحظة نرى بأن الارهاب المتنقل في الدول العربية، وبعضا من الدول الاوروبية من اخطر الظواهر التي يشهدها هذا العصر، وهو يتفشى بين المجتمعات والبيئة الحاضنة له بشكل هستيري فالعالم لم يعد بمأمن عن الغدر الارهابي الذي يطال اية منطقة في مختلف أرجاء العالم، وحتى الدول الكبرى تجد انها عاجزة عن مكافحته و لجمه، رغم كل الامكانيات الهائلة التي تمتلكها من جيوش وتكنولوجيا وتجهيزات ولكن الوحش الارهابي يفترس ويحصد الاف الضحايا دون توقف حسب الخطة المرسومة له ، لذلك ندعو من موقعنا القومي والوطني لدول العربية كافة، واحزابها الوطنيه والتقدمية والديمقراطيه وقوى الاسلام التنويري الى تكثيف جهودها الجبارة للنيل من هذا الوحش والقوى التي تدعمه قبل ان يفتك اكثر بمجتمعاتنا ويحول حياتنا الى جحيم ولا سيما ان فلسطين اكثر الدول التي عانت من الارهاب الصهيوني وما زال الخطر يتهدد كل دول المنطقة، انه ناقوس الخطر ، وهذا يستدعي من دول العالم دعم الشعوب وقوى المقاومة في المنطقة كي يعملوا اكثر لمواجهة القوى الارهابيه التكفيرية بكافة الوسائل والسبل بعد ان عمت الفوضى الشاملة .

ان صمود المقاومة في مواجهة المشروع الاميركي – الصهيوني الاستعماري الارهابي ، يستدعي من قوى الثورة وحركة التحرر العالمية اخذ دورها في المواجهة ، وقيام حركة ثورية من القوى الوطنية والثورية والتقدمية المقاومة تتبنى برنامج المواجهة مع قوى المقاومة العربيه لهذا الارهاب المتوحش ، وتسعى لتحقيقه في أوسع تحالف طبقي ووطني وبرؤية قومية صحيحة وبعد أممي، ليثبت التاريخ مجددا أن العصر الحالي ما زال عصر الانتصارات مهما كانت التضحيات .

إن شعوب العربيه الثائرة بمواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي الاستعماري والقوى الارهابيه التكفيرية ، لديها من القدرة والصمود والمقاومة والوعي على مواصلة نضالها من اجل الدفاع عن حقوقها القومية و الإنسانية، و أنّ استقرار المنطقة مسؤولية تقع على عاتق جميع الدول، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته لوقف عمليات القتل التي تمارسها القوى الإرهابية، ووقف النزف الاقتصادي لدول المنطقة وضرب بنيانها الحضاري والعمراني، و أنّ هذه المسؤولية تتحقق بالضغط على الدول الداعمة للإرهاب.

أن الإرهاب الذي يهدد المنطقة، وخصوصا سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان عبر جرود عرسال ومصر عبر سيناء ، لا يقتصر خطره على هذه الدول وشعوبها، بل يطال كل الدول، وهذا يتطلب الضغط على الدول التي تدعم الإرهاب وتموله، حتى تتوقف عن دعم هذا الإرهاب الذي يدمّر الحضارة، ويرتكب الجرائم بحق الإنسان والإنسانية، والتي اصبحت اكثر بشاعة عندما ارتدت ثوب الدين المتوحش حيث لا يوجد دين يتيح قتل الأطفال وأكل الأكباد وقطع الرؤوس وتفجير المساجد والكنائس ودورالعبادة والمنتزهات واماكن السياحة .

ختاما: أن ظروف إنتاج مشروع قومي عربي جديد أصبحت مؤاتية الآن أكثر من أي وقت مضى في ظل انتصار صمود سورية وقوى المقاومة ، ما يتطلب السعي والعمل الجاد من اجل قيام جبهة شعبيه عربيه مقاومة لمواجهة العدوان والاحتلال وقوى الارهاب التكفيري بالمقاومة وفرض الهزيمة على العدو وعدم تمكينه من تحقيق اهدافه، وهذا بكل تأكيد سيضعف القوى الطبقية الحاكمة المستقوية بالعامل الخارجي وخاصة الاميركي، ما يمنعها من تلبية شروطه، وبما يمكن قوى المقاومة من تشديد هجومها لأفشال الاهداف الرئيسية للمخطط المرسوم والقضاء على القوى الارهابيه رغم الكلفة الهائلة على شعوبنا وثرواتنا ومجتمعاتنا، ومعاناة الشعوب. وحتى تبقى فلسطين البوصلة والقبلة ، وتحريرها واجب كل القوى العربيه وان استعادة حرية فلسطين بارضها وبحرها، وخيرات ترابها، وهوائها وسمائها هو بكل تأكيد حرية الشعوب العربيه وتقدمها وتحقيق كرامتها وعدالتها الاجتماعية .

بقلم/ عباس الجمعه