من سورية إلى الكويت و تونس والسعودية و مصر و فرنسا و قبل ذلك في فلسطين و لبنان و العراق و ليبيا و اليمن و عديد من دول العالم ، يستطير الإرهاب شررا قاتلا مستهدفا الأمن و السلام و الاستقرار على مرأى و مسمع من منظمة الأمم المتحدة و كل مؤسساتها الدولية .
لقد حذر العقلاء و القادة الشرفاء في أمتنا و العالم وبعض من أطلق عليهم المعتدلين الذين بدأوا يعودون إلى رشدهم ، من أن الإرهاب لم يعد يعرف بلدا أو مكانا والغاية واضحة وهي إثارة الفتنة و الطائفية و التقسيم لا بل و الإبادة للعنصر البشري و كل ما له من علاقة بالحضارة الإنسانية .
في رمضان شهر الجهاد و المقاومة يستهدف ( الجهاديون ) بلاد العرب و العجم معا و ينأون بأنفسهم عن العدو الصهيوني الذي اغتصب و قتل و شرد و ارتكب و لا يزال كل أنواع المجازر بحق الأرض و الإنسان .
لعل ما قاله النائب في البرلمان الكويتي عبد الحميد دشتي بحسرة و الدمعات حيرى في مقلتيه ، إننا "ندفع ثمن سماحنا للإرهاب بضرب سورية" فيه الحقيقة الكاملة التي تتجلى في أن سيف سورية كان أصدق إنباء من كتب "الربيع العربي " .
شرفاء الكويت و الخليج يتوقعون بلسان دشتي المزيد "لأن هؤلاء المضللين الإرهابيين المغسولة أدمغتهم الذين عانت منهم سورية والعراق، ستعاني منهم الكويت ودول الخليج أيضا و ستكون لدينا سنوات عجاف فعندما سمحنا لهذا الإرهاب الصهيوني بثوبه الإسلامي بالتحرك في سورية أو في العراق، فقد أذنا لاستباحة أمتنا من أقصاها إلى أدناها ونحن في الكويت جزء من هذه الأمة وسندفع الثمن".
عندما حذرت سورية في أكثر من مناسبة على لسان الرئيس بشار الأسد و كل القيادة السورية و كذلك المقاومة من أن الإرهاب سوف يرتد على موجديه و داعميه عاجلا أم آجلا، لم يأخذ أصحاب نظرية الاعتدال العربي وحلفاؤهم في المنطقة و العالم هذا التحذير على محمل الجد و إنما راحوا يتوغلون أكثر في دعم هذا الإرهاب و مشاركته في محاولة تدمير سورية و دول المنطقة تحت شعارات و أكاذيب واهية لم تعد تنطلي إلا على من يستمرون في سذاجتهم و أميتهم في السياسة و الثقافة .
ولهذا جاءت صراحة النائب الكويتي دشتي في هذا السياق بقوله : "كان يجب علينا أن نحصن أنفسنا في سورية ونمنع ذلك الإرهاب عن الشعب السوري الآمن المطمئن وعن سورية بلد الحضارات والعمق الجغرافي والاستراتيجي والبشري، ولكن عندما سمحنا أن يضرب الإرهاب في سورية وفي العراق ومصر واليمن أصبح أمراً طبيعياً أن ندفع كلنا كأمة الثمن".
و الثمن كبير جدا أراده سلاطين الشر و الإرهاب من دم السوريين و الفلسطينيين و اللبنانيين و العراقيين و الليبيين و اليمنيين و المصريين و الكويتيين و السعوديين و البحرينيين و التونسيين و الصوماليين و حتى الفرنسيين و الأمريكيين و البريطانيين و كل أبناء الشرق و الغرب .
كما أرادوه من مقدرات و خيرات و حضارة الإنسان التي تدفع نحو السلام الحقيقي الذي يتناقض كليا مع الاحتلال و الإرهاب و الظلام و فوضاهم الخلاقة .
لقد سهّل دعاة الحرية و الديمقراطية و التعددية من أنظمة الخليج و من دار في فلكهم ، الطريق للتنظيمات الإرهابية لتعيث فسادا في أراضي غيرهم و أراضيهم التي تفتقد كليا للحرية و الديمقراطية و التعددية إرضاء لحلفائهم في الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة و الأمريكية و كثير من دول الغرب .و لو كانوا صادقين فيما يقولون و يفعلون لما بقيت فلسطين حتى الآن أسيرة الاحتلال الصهيوني .
أي عقل هذا يتبجح بعد الآن بما هو بعيد عن نواميس الحياة الكريمة التي أوجدها خالق الأكوان و تلك التي وضعت بين سطور القوانين الوضعية.
بعد هذه الموجة من الضربات التي وجهها الإرهاب للعديد من الدول لفت بيان لمجلس الأمن الدولي انتباه الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة، "أن عليها ضمان التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب، وأن تمتثل لكافة التزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي". فهل يكون ذلك في القريب العاجل أم أن تسامحا ما كالعادة سيكون مع الحكومات التي تدعم الإرهاب بكل صنوف الدعم حفاظا على المصالح الجيو سياسية وغيرها فيما يستمر المشهد الدموي العابر للقارات يخرق سياقات التفاوض على الملفات المتشابكة و تبقى الحرائق متقدة و الأثمان من دماء الإنسان و مقدراته.
نعيم إبراهيم