في سنة 2002 قتل الجيش الإسرائيلي الطفل ياسر سامي كسبة ابن العشر سنوات برصاصة في الرأس، وفي اليوم الأربعين لمقتله، قتل الجيش الإسرائيلي أخاه الطفل سامر سامي كسبه، ابن الخمسة عشر ربيعاً، برصاصة في الرأس أيضاً، ويوم الجمعة الماضي، قتل العقيد الإسرائيلي يسرائيل شومر أخاهم الثالث؛ الطفل محمد سامي كسبة، برصاصة في الرأس أيضاً، أخوة ثلاثة يقتل اليهود طفولتهم على مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية الفلسطينية؛ التي لم ترتبك صفوفها التي تضم عشرات آلاف المجندين والرتب العسكرية!.
لو سألتم سامي كسبة والد الأطفال الثلاثة الذين قتلوا برصاص إسرائيلي في الرأس: ما رأيك يا سامي بالتنسيق الأمني؟ وماذا تقول عن المنسقين أمنياً مع الاحتلال الإسرائيلي؟
سيأتي جواب سامي الكسبة مغمساً بالدموع والأحزان، سيقول: إن التنسيق الأمني هو السبب، وإن المنسقين أمنياً هم المسئولون بشكل مباشر عن مقتل أطفالي الثلاثة، وإصابة ابني الرابع بجراح، لقد سمعت اللواء الضميري وهو يقول: سنواصل الاعتقالات الأمنية، ولن نسمح بالمقاومة من الضفة الغربية، ونقوم بحملة اعتقالات رداً على مقتل اثنين من المستوطنين اليهود، لأننا لن نسمح لحركة حماس بالمس بالسلم الأهلي والأمن في الضفة، ليضيف الضميري في تصريحه: إن الهدف الإسرائيلي من قتل الطفل محمد الكسبة هو استدراج ردة فعل وتصعيد في الضفة الغربية، ولكننا سنفوت الفرصة على نتانياهو وحركة حماس.
لقد أيقن سامي الكسبة والد الشهداء الثلاثة أن السلم الأهلي في الضفة الغربية يقوم على حماية المستوطنين، وإباحة دم الفلسطينيين، فالمستوطنون قد صاروا هم أصحاب البيت، ومكون رئيسي للسلم الأهلي والأمن، وصار صاحب البيت الأصلي قتيلاً أو سجيناً أو غريباً أو مطارداً أو معتقلاً من الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، لو سألتم النائب إسماعيل الأشقر؛ الذي سعت الطائرات الإسرائيلية إلى تصفيته طوال 51 يوماً من الحرب على غزة، وشاهد بأم عينه دماء ألاف الأطفال تسح في الشوارع، وسمع دوي الصواريخ الإسرائيلية وهي تهدم العمارات على رؤوس ساكنيها، لو سألتم النائب الأشقر: ما رأيك بالتنسيق الأمني؟ وماذا تقول عن أولئك الذين لم يوقفوا التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي طوال فترة الحرب على غزة؟ وهل يعجبك التنسيق الأمني الذي أسفر عن حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين رداً على مقتل عدد من المستوطنين؟
كان رد النائب الأشقر رقيقاً ومهذباً حين قال: "أخشى أن تصبح الأجهزة الأمنية هدفاً للمقاومة في الضفة جراء استمرارها في ملاحقة عناصر حركة حماس والمقاومة"، وكان يجدر بالنائب أن يطرح على التنظيمات الفلسطينية ـ بما فيها حركة حماس ـ السؤال التالي: هل التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي خيانة تضر بالمقاومة الفلسطينية أم عمل وطني يخدم القضية؟
التنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي خيانة، هذا مضمون القرار الذي صدر عن المجلس المركزي الذي تمثل فيه حركة فتح الأغلبية، لذلك طالب المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني فوراً، ومراجعة كل الاتفاقيات الموقعة مع العدو الإسرائيلي.
إن عدم تطبيق قرار المجلس المركزي ليؤكد أن الخيانة هي نهج سياسي قبل أن تكون ممارسة تطبقها الأجهزة الأمنية، لذلك يتوجب على الشباب الوطني الفلسطيني أن يعتمد قانون الثورة الفلسطينية؛ الذي طبقته منظمة التحرير الفلسطينية على من اتهمتهم بالخيانة، وما دون ذلك فهو عبث سياسي، ومضيعة للوقت، وتفتيت للجهد.