التاسعة ليلا بتوقيت القسام

بقلم: محمد القيق

يستخدم مقاتلو القسام توقيتا خاصا بهم تتوجه أنظار العالم له ولصداه؛ هو حال القوي الذي يدافع عن أرضه وكرامته وشعبه فشتان بين توقيت بطعم الكرامة وتوقيت التنسيق الأمني والهرولة وراء السراب، فمواعيد القسام باتت واقعا شهده العالم بأسره لا وهما وسرابا يحاول البعض أن يبقي على موقعه ومنصبه وكرسيه من خلالها.

في شهر رمضان الماضي وفي التاسعة ليلا كانت حكاية العالم مع كتائب الشهيد عز الدين القسام التي دكت تل الربيع محذرة مسبقا كل شركات الطيران والسياح والمسافرين والمدنيين ووسائل الإعلام قبل الموعد بساعات أنها ستقصف تل الربيع في التاسعة ليلا، هي الكرامة والحرية والانتصار الذي لم يسجله جيش في المنطقة إلا فقط الجيوش العربية بمجازرها على شعبها أو تطاولها على الشرفاء وإعطاء مهلة الانقلاب.

في التاسعة ليلا وجد الفلسطيني حريته وكرامته وقوته النابعة من حق طبيعي سلبه الاحتلال؛ ويحاول البعض أن يقنع الشعب أنه "السلام" كما يقتنع قادتهم حينما يتباهون أنهم يعيشون تحت بساطير الاحتلال، في التاسعة ليلا فرحة عمت كل فلسطين وصواريخ القسام تطير في سماء الأرض التي ترنو عيون ملايين اللاجئين للعودة لها، فكان التجوال ممنوعا تلقائيا في عاصمة الظلم والقهر هي التي تعيش الهدوء الآن وتشعل الحرب والقتل والدماء في كل عواصم العرب والمسلمين للحفاظ على أدواتها التي تحميها.

في التاسعة ليلا ترى التحدي والمواجهة والتفاف الجماهير حول خيار المقاومة؛ هناك حيث الجبال المطلة على الساحل الفلسطيني كان ينتظر ويرقب ويهتف ويبتهج مئات آلاف المواطنين ثقة منهم بقول القسام ووعده، في الوقت الذي تُقرأ في التاسعة ليلا هشاشة الاحتلال وارتباكه والخوف يجتاح مدنه وهي خاوية على عروشها لترتسم لوحة النصر وبداية العودة للإرادة القابعة هناك.

في التاسعة ليلا ومع أول صاروخ عانق السماء ألغي توقيت "أوسلو" وتوقيت التنسيق الأمني وتوقيت الدولة الوهمية وتوقيت "المشروخ" الوطني وتوقيت وتوقيت وتوقيت.. كلها مواعيد ملّها المواطن وأفقدته الثقة بالنصر لتأتي التاسعة ليلا ترسم المعالم على الطريقة القسامية وتمحو عبارات الإحباط وتكتب في سماء الوطن أن الموعد اقترب؛ وما بين التاسعة ليلا والفجر إلا سويعات ينقشع فيها ظلم البعيد وقبله القريب الذي اعتقد واهما أن الثورة سوبرماركت أو شركة لطش غير محدود أو أن بإمكانه أن يوهم الشعب بألعاب قذرة تطيل عمر أسياده وارتضى أن يكون عبدا وباع بيتا وعزا وأمنا وقدسا.

التاسعة ليلا فتحت الباب على القراءة الصحيحة للتوقيت والساعة بشكل عام والزمن والأيام والسنوات والعقود قبل أن تجتمع كلها مشكلة نصف قرن ويزيد بين وعود العرب الوهمية بالعودة في عام 1948 أو في 1967 أو في 1973 أو في 1982 أو في 1993 أو في دويلة 2012، فلم تَصدُق في تلك الأوهام دقيقة أو ثانية بينما التاسعة ليلا أسمعت كل العالم أن من وعدتموهم وهم أطفال صدَقوا قولهم وهم كبار وصنعوا الصواريخ بأيديهم وقصفوا وأتقنوا.. ترى ما هو التوقيت القادم؟!

بقلم/ محمد القيق