"غزة المحاصرة" مصطلح لازم قطاع غزة منذ أن سيطرت حركة حماس بالقوة على القطاع بينما في الحقيقة اذا أردنا توصيف القيود والانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال تجاه قطاع غزة بالحصار وقمنا بقياسه على واقع أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة وغزة)، سنجده قائم منذ احتلال عام 1967 ولكنه يأخذ منحنيات متغيرة من حيث اشتداده ومن حيث قيوده وانتهاكاته وأصنافه.
المقصود بالحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على الاراضي الفلسطينية المحتلة باختصار شديد هو: فرض قيود على حرية حركة الأفراد والبضائع بشكل مخالف لحقوق الانسان والقانون والاتفاقيات الدولية.
بالنسبة لحركة البضائع، فهناك قيود مفروضة من الاحتلال على اصناف البضائع التي تدخل او تخرج من الاراضي الفلسطينية، وبعض من هذه القيود متفق عليها في اتفاقية أوسلو، كاستيراد السلاح والمتفجرات، وبعض انواع الزوارق البحرية أو محركاتها، وبشكل عام تخضع جميع البضائع المتحركة من والى الاراضي الفلسطينية الى تفتيش وتدقيق اسرائيلي بصفته دولة احتلال، وفيما يخص قطاع غزة هناك اصناف من البضائع عليها قيود مشددة بشكل مغاير لدخولها اراضي الضفة الغربية، وهنا يبرز ما اصطلح على تسميته "حصار غزة".
اما قضية حركة الأفراد ففي الضفة الغربية هناك قيود مشددة على حرية الحركة للأفراد كما هي في غزة ولكن في غزة القيود أشد وإحصائيات حجم الحركة من معبر بيت حانون (ايرز) توضح ان نسبة الحركة للسكان في غزة داخل الاراضي الفلسطينية محدودة جدا، وهنا ايضا يبرز ما اصطلح على تسميته "حصار غزة"، اما حركة المسافرين من خلال معبر رفح فهو قضية مختلفة وليس لها علاقة بما يسمى "حصار غزة"، فحركة المسافرين الى خارج الاراضي الفلسطينية لسكان غزة يفترض تأمينها من جانب الاحتلال الاسرائيلي كواجب من واجباته من خلال مطاراته او تسهيل سبل الوصول الى مطارات أو موانئ خارجية.
وهنا نعود لتحديد مفهوم ما يسمى "حصار غزة" سنجده ينحصر بشكل اساسي بوجود قيود على حركة انواع محددة من البضائع من والى غزة وقيود مشددة على حرية الحركة من والى قطاع غزة وبشكل خاص داخل الأراضي الفلسطينية، وهنا قضية القيود على البضائع قضية تضر بالاقتصاد الفلسطيني بشكل أساسي أما القيود المفروضه على حركة السكان فهي تسبب ضرر سياسي استراتيجي بشكل أساسي، كون ان جوهر الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو صراع وجود وصراع ديموغرافي ولذلك تتشدد سلطات الاحتلال بفرض قيودها على حرية الحركة لسكان غزة تجاه باقي الاراضي الفلسطينية، وهذا الحصار على حرية الحركة قد فرضته اسرائيل منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 ومستمر حتى يومنا هذا، لذلك عندما يتم الحديث عن اقتراب فك الحصار عن غزة، يجب ان يكون فك الحصار عن حرية المواطن الفلسطيني في غزة بممارسة حقه بالحركة واختيار مكان اقامته داخل الاراضي الفلسطينية، وان تحقق ذلك فسيكون انجاز وطني يستحق الصبر والتضحيات، كونه سيغير من المعادلة الديموغرافية في صراعنا مع الاحتلال على اراضي الضفة الغربية (المحور الرئيسي للصراع)، اما اذا اقتصر رفع الحصار على تخفيف القيود عن بعض الانواع من البضائع وتسهيل سفر المواطن الفلسطيني الى خارج الاراضي الفلسطينية فقط، فذلك لن يرتقي عما يسمى "تسهيلات اقتصاديه، وهو في الحقيقة ليس تسهيلات بل تخفيف من القيود والانتهاكات الاسرائيلية لأن القيود على اصناف من البضائع ستستمر طالما الاحلال مستمر.
فنحن نريد رفع الحصار عن حقنا بحرية التنقل وحرية اختيار مكان السكن داخل اراضينا الفلسطينية كما كفل ذلك الميثاق العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية أوسلو. وأي تفاهم او اتفاق اقل من ذلك يعتبر باطل قانونيا ولا يرتقي لنطلق عليه "رفع حصار".
رائد موسى