أسلوب التجاهل والإهمال الذي تعاملت فيه الحكومة الإسرائيلية مع الأسير "أبرهه منجستو" ابن طائفة "الفلاشا"، شكل بحد ذاته ضغطاً عليها، فجاء لقاء نتانياهو مع ذوي الأسير "أبرهه" تعويضاً عن ذاك الاهمال، ومحاولة لامتصاص غضب الطائفة، وسيكون سبباً ضاغطاً على الحكومة الإسرائيلية للتسريع في استرجاع الجندي "أبرهه"، ودفع الثمن، رغم تصريحات موشي يعلون، الذي ادعى أن قضية الجندي "أبرهه" إنسانية، متجاهلاً بذلك تكليف نتانياهو لضابط الاحتياط "ليئور لوتين" بإدارة ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة.
إن ما ينطبق على ابن طائفة الفلاشا لينطبق أيضاً على الإسرائيلي من أصل عربي، والذي وقع في يد الفلسطينيين في غزة، هذا الشخص أيضاً له ثمن، ولاسيما أن بعض هؤلاء المجندين قد حملوا السلاح، وبعضهم يعمل قصاص أثر في خدمة الجيش الإسرائيلي، فالإمساك فيه يحرج الحكومة الإسرائيلية التي لا تستطيع أن تتهرب من واجبها تجاه مواطن إسرائيلي؛ لما يزل يقدم زملاؤه خدماتهم للجيش الصهيوني.
إن إصرار المقاومة على جباية الثمن فيه تثبيت لمبدأ الندية مع العدو الإسرائيلي، وعدم التسامح في الحقوق، لتكون المقاومة بهذا السلوك قد وجهت رسالة حادة المضمون للسلطة الفلسطينية؛ والتي حرصت على إعادة مئات الجنود والمستوطنين إلى ذويهم دون أن تطالب بإطلاق سراح أسير فلسطيني واحد مضى على أسره أكثر من ثلاثين عاماً.
لقد ورد في الإحصاء الرسمي الفلسطيني أن عدد الجنود والمستوطنين الذين إعادتهم الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى العدو الإسرائيلي سالمين في غضون خمس سنوات فقط، من سنة 2007 وحتى سنة 2011، بلغ عددهم 184 يهودياً، وهم من غلاة المستوطنين، ومن نواة الجيش الإسرائيلي الصلبة التي لها ثمن مرتفع.
إن اهتمام الشعب الفلسطيني بقضية "أبرهه"، تمثل دعوة إلى رجال المقاومة بأن يتمسكوا بصيدهم، حتى ولو كان رخيصاً، وعليهم الأخذ بالحسبان أياماً صعبة، وحصاراً مشدداً، وتهديداً مبطناً، ستكون نهايته نصراً مغلفاً بالوفاء، وحرية للأسرى الفلسطينيين مضرجة بالدماء.