هل بالامكان انهاء الحصار بلا ثمن سياسي كما يريد هنية

بقلم: رشيد شاهين

في خطبته بمسجد بئر السبع في غزة، قال اسماعيل هنية " ان حماس تسعى جاهدة لرفع الحصار" واكد على ان "مرحلة الانفراجة لقطاع غزة اقتربت" مشددا على ان ذلك سيتم "دون ثمن سياسي".

هذه الاقوال، عندما تصدر عن رجل بوزن هنية، لا يمكن ان تصدر الا استنادا الى معطيات ملموسة بين يديه، تؤكد ما ذهبنا اليه وكثير من المحللين، بان الاتصالات بين حماس ودولة الكيان، سواء المباشرة او غير المباشرة، كانت وما زالت مستمرة، بغض النظر عما يصدر من تصريحات نافية لذلك من قبل قادة حماس بشكل عام.

مشكلة حماس انها تعتقد بان الناس من السذاجة بحيث يصدقون انه يمكن انهاء الحصار وفتح المعابر وادخال مواد اعادة الاعمار، هكذا بدون مفاوضات او اتصالات وحوارات، وكأن دولة الكيان هيئة خيرية يمكن ان تقوم بكل ذلك بلا مقابل.

ليس من المعتقد ان هنالك من بين ظهرانينا من يرغب باستمرار حصار قطاع غزة، خاصة في ظل المعاناة المستمرة للجمهور الغزاوي على مدار سنوات طويلة.

تصريحات هنية لا يمكن ان تصدر عنه إلا عندما يكون لديه ما يؤكد ذلك، وان الأمور تسير في اتجاه انهاء الحصار، وهذا بالضرورة نتيجة اتصالات تجري منذ زمن للوصول الى اتفاق مع دولة الاحتلال.

السيد اسماعيل هنية لم يكتف باعلان قرب انهاء الحصار، بل أكد على ان حماس "لا تريد الذهاب الى حرب جديدة مع الاحتلال", وهذا ايضا بالضرورة يعني ان هنالك "طبخة" ما تطبخ من اجل انهاء الوضع القائم والانتقال الى "علاقة" جديدة مع الاحتلال، لا نعرف كنهها ولا تفاصيلها، لان التكتم في موضوع الاتصالات بين حماس والاحتلال يطغى على الموقف، وبالتالي فان كل ما يمكن ان نقوله وغيرنا في هذا الاطار يبقى في اطار التوقعات والتحليلات وليس المعلومات.

في ظل التصريحات المتكررة لقادة حماس، وفي ظل التوصيات لبعض قادة الكيان "تسهيل الحياة" على القطاع، اصبح واضحا ان الامور تسير باتجاه الوصول الى "تسوية" ما، يتم من خلالها رفع الحصار، والوصول الى نوع من "صيغ التعايش" خاصة بعد ان تشكلت قناعات جديدة لدى الاحتلال، وبعد المواجهات والاعتداءات المتكررة على القطاع، ان الحل العسكري غير ممكن، وان من مصلحة الكيان خلق نوع من العلاقة مختلف عما سبق.

الحديث عن عدم دفع ثمن سياسي كما قال هنية، لا يمكن ان يكون حديثا واقعيا، حيث لا بد من دفع "اثمان" قد تكون "باهظة" من اجل الوصول الى رفع كامل للحصار وبناء ميناء واعادة اعمار القطاع وفتح كامل للمعابر.

الثمن الذي نتحدث عنه لا يعني بالضرورة اننا لا نريد للحصار ان يرفع، لكن ما نريده هو ان تكون لدى السيد هنية والاخوة في قيادة حماس، الشفافية والشجاعة الكافية باطلاع الجمهور على ما يجري خلف الكواليس.

ليس المطلوب ان يبقى القطاع تحت الحصار، حيث تمر الشعوب الثائرة بفترات من المد والجزر، قد تطول وقد تقصر، وليس المطلوب ان تبقى غزة غارقة في دماء ابنائها على مدار الأيام والسنوات، ولكن من حق الناس ان تعرف الى اين هي ذاهبة، وهل تستحق التضحيات التي تم تقديمها "هذه الاثمان" التي لا بد من دفعها خلف الكواليس.

بقلم/ رشيد شاهين