بعد أحداث غرداية .. هل يعي الجزائريون؟!

بقلم: شاكر شبير

في برنامج سؤال على الهاتف من إذاعة الرياض، وكان المجيب على الأسئلة هو الشيخ سعد بن ناصر الشثري - على ما أذكر - سألت امرأة مسنة من جيزان عن حرمة تعليق صورة الملك عبد الله في البيت هل هو حرام أم حلال، وهي تؤكد إنها تحب الملك وما عندها مانع أن يعلق أبناؤها صورته، لكنها خائفة من الحرام! وأخذ الشيخ يمتدح المرأة على أنها تحب ولي الأمر وأنه يستحق هذا الحب ولكنه لم يتجرأ أن يعطيها الجواب بحرمة ذلك، فمن المعروف أن المدرسة السلفية تحرم الصور. وظل يلف ويدور في حلقة مفرغة. وهي امرأة بسيطة تريد جواب ببساطة حلال أم حرام، نقطة أول السطر.
هذا اللف والدوران لأن أي من أعضاء من المؤسسة الدينية في المملكة هي مجرد خادم مطيع للدولة؛ فلا يتجرأ أي من أعضائها الاقتراب من ممارسات الدولة أو تناول سياسة الدولة إلا بالتقريظ والمديح.
الشيعة كفار مجوس هم أخطر على الإسلام من اليهود الصهاينة الذين يقومون بالمجازر يوميا ضد الشعب الفلسطيني المسلم السني! لذا فمحاربة الشيعة أولى من محاربة إسرائيل! هذا هو رأي المؤسسة الدينية السعودية! بل ولا يجوز مساعدة الشيعة ضد إسرائيل! هذا الرأي ينطبق على الشيعة في إيران وفي العراق وفي كل مكان ما عدا شيعة الكويت؛ فبعد حادث تفجير مسجد الإمام الجعفر الصادق، صلى الشيعة والسنة صلاة واحدة جامعة، ولم تعترض أو تنتقد المؤسسة الدينية السعودية ذلك! لم يتساءل أي منهم هل يجوز الصلاة مع الشيعة الكويتيين؟! لأنهم لا يريدون تفتيت الوحدة الوطنية في الكويت، أما الوحدة الوطنية في العراق، فلا يهم! لكن هذه السابقة تلوي عنق الفتنة الشيعية السنية؛ وهكذا انتصر دم شهداء مسجد الإمام الصادق على سيف الفتنة التكفيرية، ولم يضع دمهم هدراً!
الأباضية أو المذهب الأباضي مذهب منتشر في عمان أكثر من ثلثي سكان عمان أباضيون! كما أنه منتشر في تونس واليمن والجزائر. الأمويون يكفرونهم وقد أطلقوا عليهم خوارج. وحيث أن مؤسس الأباضية هو تابع مبكر عاصر كبار الصحابة من الذين شهدوا بدرا رضوان الله عليهم، ولا يمكن الطعن في دينه لشهادات صحابة كبار له أمثال ابن عباس وابن عمر؛ فهو من أخص تلاميذ ابن عباس، فاتخذ الخط السلفي التكفيري منحى آخر وهو إدعاء أن جابر بن زيد التابعي الجليل هو غير جابر بن زيد الأباضي! هذه النقطة تناولها د. عوض خليفات أستاذ التاريخ بالجامعة الأردنية وفندها بالرد على هذه الشبهات وتحليلها وانتهى إلى القول بأن إنكار جابر لعلاقته بالإباضية كما توردها بعض المصادر السنية إنما اخترعت من بعض رواة السّنة الذين يرون جابر شيخا جليلا ومحدثا ثقة، وبالتالي فيجب عدم إلصاق تهمة الإباضية.
ليست دراسة د. عوض خليفات هي ما حمى الأباضيين من التسنن الأموي والسلفية التكفيرية، بل هو كون عمان عضوا في مجلس التعاون الخليجي، لذا لا تتجرأ المؤسسة الدينية السعودية وهي بلا شك مرجعية السلفية التكفيرية، أن تأتي صوبهم أو تنتقدهم، ناهيك أن يطلقوا عليهم الخوارج كما نعتتهم به الدولة الأموية! إن أي انتقاد يصدر لهم لا يكون إلا بصوت خافت وفي الجلسات فوق الخاصة!
أما أباضية الجزائر كونهم ليسوا من دول مجلس التعاون الخليجي، وتفتيت الجزائر مطلوب، لذا فيمكن تكفيرهم فهم خوارج كما أطلقت عليهم الدولة الأموية، وهم ليسوا كأباضية عمان! الفرق بين أباضية عمان وبقية الأباضيين كالفرق بين شيعة الكويت وبقية الشيعة!
ليس مطلوبا أن يكون الإنسان في اجتهاده نسخة طبق الأصل من الأخر. قد أختلف معهم في اجتهاد أو آخر، لكن لا يمكن إخراجهم من الملة حين حصول تلك الاختلافات. فهل يعي الجزائريون التلاعب السياسي بالدين فيتم وأد الفتنة مبكر، ويحفظوا الجزائر الحبيب من التفتت؟! فلا شك أن الجزائر مستهدفة، ولا يمكن أن يتم شيء دون أن يكون هناك تواطؤ. فلنعي هذا ولنبحث في أحداث غرداية؛ كل من تواطأ أو قصَّر في واجبه في أحداث غرداية لا بد من محاكمته وعقابه.
حفظ الله جزائرنا الحبيب

د. شاكر شبير
[email protected]
وبالله التوفيق،،،