اتفاق ايران النووي .. ترتيبات المنطقة بدون العرب

بقلم: احمد رمضان لافى

منذ أكثر من 5 سنوات كنا قد تناولنا قضية العلاقة بين ايران واسرائيل والعرب من خلال مقال متواضع بعنوان" العرب وايران واسرائيل", أوضحنا فيه أن تاريخ العلاقة بين الثلاث أطراف غير متوازنة بشكل مطلق, حيث و كما عهدت السياسة بسماتها الثابتة أنها ليست مِنح توزع بالمجان , بل هي مصالح متشابكة, وليس من قبيل الصدفة ان يُعرفها علماء السياسة بـ " فن الممكن", وقد رأت كل من ايران واسرائيل ومن مذ اللحظة الأولى لثورة الخميني والتي قامت برعاية الغرب بالرغم من حليفها الشاه, أن السياسة تتبع القوى موظفة الايدلوجيا كأحد الوسائل السياسية في تحقيق ما ترنو اليه .. وقد أحببت أن أضع هذه المقدمة المختصرة دون ذكر دور للعرب في ترتيبات الماضي الحاضر لأن السياسة الدولية اقتضت أن يكون اللاعب معهم لاعب قوى وليس ضعيف, نعم ايران دولة محورية بقوة الدفع الغربي لتوازن اللعبة بينها وبين العرب من جهة وبين اسرائيل من جهة أخرى, موظفة مجموعة مزايدات وأنشطة تخريبية في المنطقة العربية وتحت غطاء ودعم غربي وإذ كنا نتحدث عن العالم الغربي فنحن نتحدث عن اسرائيل ممثل للغرب في المنطقة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية,, وليس بالماضي البعيد فمنذ انطلاقة ثورة الخميني بدأت ملامح التغيير بالمنطقة إلى الأسوأ, فظهرت مجموعات تكفيرية مدعومة من ايران كجماعة الجهاد وغيرها والتي قامت بعدة عمليات ارهابية منها على سبيل المثال لا الحصر اغتيال الرئيس السادات.. كما شهدت الحرب العراقية الايرانية ولفترة 8 سنوات دعم غربي لإيران مقرونه بفضيحة "ايران جيت" التي تمثلت بدعم عسكري أمريكي لإيران وعن طريق اسرائيل.. بالرغم من الشعارات الكبيرة التي اطلقتها ثورة الخميني كالشيطان الأكبر .. ويوم القدس وغيرها.. ولم يدرك العرب أن الحليف الأمريكى الباحث عن مصالحه فقط لن يرحم .. والمتتبع لمثل هذه العلاقة الايرانية الغربية, سيرى أنها م لم تشهد ولو لمرة واحدة شكل التصادم أو المواجهة لا مع أمريكا الشيطان ولا مع اسرائيل ,, وبقى صراعها إعلامي دعائي فقط , وكما وظفت الغرب فزاعة ايران ضد العرب من خلال الطائفية " صراع سنى ..شيعي" وفتحت مخازنها العسكرية لصفقات بالمليارات العربية والوجود العسكري الأمريكي .. قامت ايران ايضا بتوظيف بعض الجبهات داخل بعض البلدان العربية وغير العربية من خلال المال الإيراني والدعم العسكري لبعض الفصائل ,, وكان من أهم ما قامت بتوظيفه بالتوافق مع الغرب الخلاف الذى عرف بـ" الملف النووي الإيراني" والذى كان آخر فصل في هذه المسرحية الاتفاق الذى اعتبره الرئيس الأمريكي " اوباما" بالتاريخي .. ومن خلال متابعتنا المتواضعة لتفاصيل هذا الخلاف هو وجود اسرائيل في تفاصيل الاتفاق في الوقت الذى ينكره رئيس وزراء اسرائيل " نتنياهو" اعلاميا تقوم بعض أوساط أمريكية بفضح الوجود الإسرائيلي في كل تفاصيل الصفقة بين الغرب وايران.. وهذا ما يؤكد أن الصراع ليس صراعا بالمعنى المعروف بل بقيمة المصالح بين الدول اللاعبة الرئيسة في المنطقة وهى اسرائيل وايران برعاية الغرب.. في الوقت نفسه ينشغل العرب في دوامة العنف والارهاب المصطنع أمريكيا من خلال " فوبيا الاسلام" الذى تمارسه بعض الفصائل الارهابية.. وأيضا من خلال الصراع على السلطة بين الاخوان المسلمين والأنظمة والشعوب.. دوامة لم يعلم أحد متى وكيف وأين سينتهى مآلها؟؟؟؟ .. نعم ايران واسرائيل تقاسمت الدور الوظيفي للمنطقة في غياب كامل للعرب وخاصة حلفاء أمريكا.. وليس صدفة أن تكون موجة ما سُمى بـ" الربيع العربي,, ولا وجود داعش,, والارهاب المنظم في مصر,, ولا حرب اليمن باسم عاصفة الحزم,, ولا أن تبقى حماس خاطفة جزء من حلم الدولة الفلسطينية بالعمل على اقامة كيان هزيل تحت وطأة حاجات الفلسطينيين الانسانية وما يدور من اتفاقات بين حماس واسرائيل برعاية اوروبية قطرية تركية".. ولو نظرنا بشكل شمولي بسيط لتلك الخارطة سالفة الذكر نرى أن ايران حققت مصالحها ونجحت في اعتراف الغرب ببرنامج نووي ليصبح مشروع ردع بالمستقبل.. ولرأينا أيضا ذوبان ما يسمى بحل الدولتين من خلال الإعداد لدولة غزة من خلال عدة حروب قتلت البشر والحجر والشجر والنفسيات ومستقبل أكثر من مليون وثمانمائة انسان في مساحة 360كم دون وجود أدنى مستويات الحياة الانسانية.. ولذلك فإن المنتصر الوحيد هو اسرائيل فقط .. فهل سيصحو العرب من غفلتهم.. ؟؟ أعتقد أن المنطقة بعد هذا الاتفاق ستشهد تغيير في الخريطة السياسية وسوف تذهب بدول وستأتي بدول جديدة ,, وسوف تبقى اسرائيل هى المتفوقة في كل المجالات.

أحمد رمضان لافى 17/7/2015
[email protected]