ما أشرفنا من تل أبيب وحتى فنزويلا!

بقلم: فايز أبو شمالة

بعد عشر سنوات من العناء والوفاء، أتت سياسة السيد محمود عباس أوكلها، ووصلت إلى النتيجة التي تم التخطيط لها بعناية بالغة، وتم تنفيذها بدقة متناهية، تلك النتيجة التي تؤكد على نهاية مرحلة سياسية، وبداية مرحلة أفرزت الظواهر التالية:
أولاً: حين يتسلم 295 ألف فلسطيني من الضفة الغربية تصاريح الدخول إلى إسرائيل، ويغرقون في بحر تل أبيب، ويذوبون فرحاً فوق شطآنها، فمعنى ذلك أن حالة الانسجام الأمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والمخابرات الإسرائيلية وصلت إلى حد التماهي، والطمأنة التامة بأن جيلاً جديدً من شباب فلسطين قد تم سلخهم عن واقعهم، وعن عقيدتهم، وعن كرامتهم، وعن ثورة آبائهم وانتفاضة إخوانهم، وصاروا مواطنين صالحين من وجهة نظر الإسرائيليين، يحق لهم زيارة تل أبيب وصفد وحيفا، دون أن يسمح لهم بالتفكير بالعودة إليها والإقامة فيها.
هذا الإنجاز الإسرائيلي يفضح نهاية مرحلة بدأتها السلطة الفلسطينية بالتنسيق الأمني المقدس، ويعلن عن بداية مرحلة التعايش السلمي وفق خطط الدوائر الأمنية الإسرائيلية.
ثانياً: حين غضبت دولة فنزويلا على الإسرائيليين، واعترضت على حربهم الوحشية ضد غزة، قررت أن تساعد الفلسطينيين من خلال تقديم منح تعليمية لألف طالب فلسطيني؛ ستساعدهم على دراسة الطب على حساب شعب فنزويلا، شرط أن يكون تخصص الطلاب علمي، ومعدلهم في الثانوية لا يقل عن 80%، وشرط أن يكونوا من العائلات الفقيرة، غير القادرين على السفر والتعلم في أوروبا بتكلفة سنوية تصل إلى 30 ألف يورو، ونتيجة للسياسة الفلسطينية العامة، لم يلتزم المسئولون الفلسطينيون الوطنيون جداً بشروط دولة فنزويلا، فقاموا ببيع كل منحة بقيمة 7000 دولار، لطلاب تخصص أدبي، ولعمال، ولحدادين، ولرجال أعمال، ولتجار، فإذا هي فضيحة ضجت لها جامعات فنزويلا، وارتجف لقذارتها أسس الصداقة مع شعبها، فقررت الحكومة هنالك إعادة كومة الفساد السياسي والإداري التي وصلتهم من فلسطين إلى مصدرها.
وبدل أن تطوي السلطة عارها، وبدل أن تغطي خزيها بمنديل الصمت، تظاهر الفاشلون من نسل الفساد في شوارع فنزويلا، واعترضوا على طردهم من البلاد الشريفة، دون أن تنز قطرة خوف واحدة من المسائلة على جبين المسئولين الذين أسسوا للفساد الدولي.
سيقول الاقتصاديون الفلسطينيون: خسرنا ألف كفاءة، وألف طبيب، وسيقول السياسيون الفلسطينيون: خسرنا علاقة استراتيجية مع فنزويلا، وخسرنا سمعتنا عند دول العالم، بينما سيقول الوطنيون الفلسطينيون: إنها الخيانة العظمي لهذه الأرض، وإنها الطعنات السياسية النجلاء في ظهر هذا الشعب، والتي كانت نتائجها ما ظهر من مهانة في توزيع منحة طب فنزويلا.
ثالثا: حين يقول القيادي في حركة فتح د. نبيل شعث: إن الاتفاق النووي مع إيران يضر بالقضية الفلسطينية، ويرد عليه بعد يومين القيادي في حركة فتح السيد عباس زكي، ويقول: إن الاتفاق النووي مع إيران يصب في صالح القضية الفلسطينية، فمعنى ذلك أن السياسة الفلسطينية قد تاه مسارها، وفقدت البوصلة، وغرقت في لجة الاجتهاد الشخصي، وصارت لا تدري ما الفرق بين دم الشهيد أبي جهاد الذي لاحقته الرصاصات الصهيونية حتى تونس، وبين دم الرئيس محمود عباس الذي يتبادل التهاني بعيد الفطر السعيد مع الصهيوني نتانياهو.

د. فايز أبو شمالة