بعد أن انفض المؤتمر السادس لحركة فتح تفائل الكثير بالنتائج التي تمخض عنها المؤتمر، وتوسم المتفائلون خيراً بقيادة الحركة الجديدة، وقيل يومها أن اللجنة المركزية تمتلك من عناصر القوة ما يمكنها من استنهاض الحركة بما يكفل لها القدرة على مواجهة التحديات خاصة بعد ان فقدت الحركة عامود خيمتها، وحذر المتشائمون من الوقوع تحت تأثير بريق لوحة الفسيفساء، أذكر بينما كان أعضاء المؤتمر يغادرون القاعة وسط عاصفة من التصفيق على وقع الموسيقى، تساءل أحد القادة المؤسسين للحركة، الذي شارك الرئيس ابو عمار في الخلية الأولى التي عملت بالضفة الغربية بعد حرب حزيران 1967، هل تحولت الحركة من حركة مناضلين إلى جوقة من المطبلين والمهللين؟، يومها لم يلتفت إليه أحد وهو يصرخ بسؤاله، واكتفى الجميع بتصنيفه من فئة المتشائمين.
ما زال صدى السؤال يتغلل في تفاصيل أداء الحركة عبر السنوات الماضية، اختفى بريق لوحة الفسيفساء خلال فترة وجيزة بفعل الاحتكاك بمكونات العمل التنظيمي، ولم تستطع اللجنة المركزية المحافظة على نمط العمل المؤسساتي لها، وبدلاً من التفرغ لوضع السياسة العامة للحركة ومتابعة تنفيذها بشكل جمعي، غاص أعضاؤها في تفاصيل صغيرة ضمن سياسة المحاور التي يطغى عليها البعد الشخصي، تخلت اللجنة المركزية طوعا عن مسوؤلياتها وجرفت معها المجلس الثوري، ولا نجافي الحقيقة اذا ما قلنا بأن عمل مؤسسات الحركة القيادية " اللجنة المركزية والمجلس الثوري" هو الأسوأ في تاريخ الحركة، بعدما فقدتا القدرة على اتخاذ القرار أو حتى تنفيذ القرارات الخجولة التي اتخذت، ولسنا هنا بمقام عرض الدلالات، بقدر ما يقودنا ذلك لطرح السؤال المستقبلي، هل بإستطاعة المؤتمر السابع للحركة أن يخرج الحركة من أزمتها؟، وقبل ذلك هل تقر قيادة الحركة بالأزمة التي تعانيها الحركة؟ وهل مدخلات المؤتمر السابع تدعوا للتفاؤل والتعويل على النتائج بإحداث التغيير المطلوب؟.
رغم الإخفاقات المتكررة للحركة على مدار السنوات السابقة بدءاً من خسارة الانتخابات البلدية ومن بعدها الانتخابات التشريعية، مروراً بالانقسام وتبعاته، وصولاً إلى خسارة الانتخابات البلدية في مواجهة أفراد، والتراجع الملموس في انتخابات مجالس الطلبة، إلا أن قيادة الحركة لم تتعامل البتة بالجدية المطلوبة مع كل ذلك، وبدلاً من معالجة الأخطاء التي وقعت بها واستخلاص العبر أخذت تفصل النتائج على أنها مكاسب، ومن البديهي القول بأن عدم الإقرار بالأزمة التي تعاني منها الحركة لا يبعث على التفاؤل بما يمكن أن ينتج عنه المؤتمر السابع للحركة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر جاءت بمجملها من اللجنة المركزية التي تتحمل بالمقام الأول المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الحركة، يضاف إلى ذلك العمل الدؤوب من قبل أعضاء اللجنة المركزية للتحكم في مكونات المؤتمر العام على قاعدة الولاءات الشخصية.
إن التقرير الذي أعدته اللجنة المركزية للنهوض بالحركة تعامل مع القشور دون أن يتطرق لجوهر الأزمة من قريب أوبعيد، وإن أردنا للمؤتمر السابع أن يأتي بنتائج بإستطاعتها أن تحدث الإستنهاض المطلوب للحركة، فعلينا أولاً أن نقر بالأزمة وحالة الترهل التي تعاني منها الحركة، وثانياً أننا بحاجة إلى مؤتمر عام لا يأتي إلينا بجوقة من المطبلين والمهللين حتى وإن اختلفت بعض الأسماء، وثالثاً أننا بحاجة إلى مؤتمر عام يجمع ولا يفرق تنتفي فيه صفة المحاور التي تربعت طولاً وعرضاً في الحركة، وكي نمنح المؤتمر السابع للحركة مقومات تحقيق ذلك لا بد من انتقاء لجنة تحضيرية تعد للمؤتمر لا ناقة لها ولا جمل في نتائجه، بمعنى أن يتم تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر من قيادات لا يجوز لها الترشح لعضوية اللجنة المركزية أو المجلس الثوري، وهو ما تم طرحه سابقاً في المجلس الثوري قبل أن يتم التراجع عنه لإعتبارات لا تخفى على أحد.
د. أسامه الفرا