حين يفقد العالم إنسانيته

بقلم: هاني زهير مصبح

حين يفقد العالم إنسانيته تجاه مليون وسبعمائة ألف نسمة من تعداد السكان يعيشون في بقعة جغرافية صغيرة علي كوكب الأرض هي الأعلى كثافة من حيث تعداد السكان في العالم ألا وهو قطاع غزة أقصى جنوب فلسطين علي الحدود المصرية يمتد القطاع على مساحة 360 كم مربع، حيث يكون طوله 41 كم، أما عرضه فيتراوح بين 5 و15 كم.
فهل يعقل أن يعاقب كل البشر وحتى الحجر والشجر بحصار إسرائيلي ظالم مستمر منذ تسعة سنوات والعالم كله في صمت رهيب رغم عدم مشروعية هذا الحصار وزد علي ذلك حروب متكررة ثلاث حروب آخرها كانت قبل عام لم تبقي شيئا علي حالة وزادت سكان قطاع غزة ألما وحرمانا ومرضا وجوعا وفقرا فوق فقرهم ويبقي السؤال قائما حتى كتابة حروف كلماتي هذه وهي تلك المؤسسات التي نشأت لحماية الإنسان وتلك الهيئات التي ولدت من رحم المعاناة لحماية المجتمعات ألا تنطبق تلك المهام تجاه أطفال غزة ؟
أيها العالم الأعمى أخبرني متى تندد بجريمة الحصار الإسرائيلي فعلا وليس قولا وتتخذ الإجراءات القانونية التي تكلمت عنها المواثيق الدولية التي تعطلت في تطبيقها لحمايتنا في غزة أيها العالم المتغطرس أخبرني متى تقف عند مسئولياتك وترفع الظلم عن أطفال غزة وشيوخ ونساء غزة عن مجتمع مدني لا يملك أدنى مقومات الحياة ، فهل يعقل أن نعيش منذ تسعة سنوات غارقين في الظلام مع انقطاع للكهرباء بشكل يومي لمدة اثني عشر ساعة علي الأقل وكثير من الأوقات تنقطع لمدة تزيد عن عشرون ساعة والكارثة الكبرى أنها تأتي أربع ساعات ضيفا يزور منازلنا ليلا وتغادرها ليلا وكأنها لم تأتي ، فهل يعقل أن نعيش مع اغلاقات للمعابر من كافة الاتجاهات معيشة السجناء ؟
فهل يعقل أن تعيش وسط أزمات وأزمات كل يوم تتفاقم منها تلك الأزمات والمشكلات الرئيسية مشكلة الكهرباء ومشكلة الماء ومشكلة الوقود والغذاء والدواء بالإضافة إلي عشرات المشكلات الأخرى التي يعيشها الناس هنا في غزة، والأسوأ من ذلك كله هو جيل بأكمله يعيش ضحية هذا الحصار آلاف الخريجين الجامعيين بلغ عددهم 85 ألف خريج جامعي باتوا بدون عمل هم بطالة في مجتمع قطاع غزة مستقبلهم الضياع ومثلهم بل ضعفهم من الحرفيين وأصحاب المهن اليدوية يبحثون عن عمل ولا يجدون لأن عجلة الاقتصاد في غزة مجمدة كل شيء متجمد فنحن نعيش في مكان أقل ما يمكن وصفة هو كالعصر الحجري يفتقر لكل شيء يحتاجه الإنسان، في زمن فقد فيه العالم إنسانيته .
يحاصروننا يجوعوننا يقتلوننا يمنعون عنا كل شيء ويطالبوننا بالسلم ، عجبا لكم وتبا لكم أي سلم هذا الذي تتحدثون عنه ومكيالكم مكسور وميزان عدلكم مغرور يميل نحو الظلم ويتجاهل واجباته الحقيقية التي وجد من أجلها ،معاهدات جنيف الرابعة ومؤسسات حقوق الطفل وغيرها ومؤسسات حقوق الإنسان وغيرها وهيئات أممية جميعها لا تقف عند مسئوليتها نحو قضية حصار غزة من محتل إسرائيلي بغيض .
أيها العالم لماذا تتجرد من إنسانيتك ،يا أحرار العالم في شتى بقاع الأرض من كتاب وصحفيين وناقدين وأدباء ومثقفين وناشطين وفنانين يا أصحاب الضمائر في كل مكان أين أنتم ؟ فواجباتكم أكبر مما تفعلون لا نريد تحريك قافلة لكسر الحصار أو إرسال الأموال لنا لشراء رغيف الخبز أو جرعة الدواء لا نريد أسطول من عدة سفن لتأتي عبر البحار وتكسر الحصار لا نريد تضامن كلامي ومواقف لبعض الزعماء بالكلام وإنما نريد حقا أقوالا يصاحبها أفعالا لمن يمتلكون القرار ،لا نريد منكم أن تعلنوا الحرب بالسلاح ولكن نريدكم أن تقاطعوا الكيان الإسرائيلي أن تطردوا سفرائهم من بلادكم أن توقفوا العلاقات معهم وأن تطالبوهم بشكل رسمي برفع الظلم والحصار عن غزة وألا تكتفوا بالشجب والاستنكار يا جامعة الدول العربية ويا كافة البلاد الإسلامية إن واجبكم الديني يلزمكم برفع الظلم عن غزة وشعب غزة، وأنتم يا أحرار العالم هذا واجب عليكم أنتم مقصرين في أدائه تجاه شعب غزة المحاصر منذ تسعة سنوات في زمن الكل فيه ينادي بشعار الديمقراطية وتطبيقها .
بقلم الكاتب الفلسطيني / هاني زهير مصبح