مصطفى سعد سيرة مليئة بالمؤثرات منها التاريخي

بقلم: عباس الجمعة

لم أجد صعوبة في الكتابة مثلما وجدت الآن وأنا أحاول الكتابة عن رمز المقاومة الوطنية اللبنانية مصطفى معروف سعد ، رغم إنني كتبت من قبل عن معظم القادة الشهداء ، عن معروف سعد وكمال جنبلاط وجورج حاوي وسيد المقاومة عباس الموسوي ورمز فلسطين وقائد مسيرتها ياسر عرفات وفارس فلسطين ابو العباس ورمز الانتفاضة أبو علي مصطفي ، والشيخ الجليل احمد ياسين ، ومحمد سعد وخليل جرادي وسناء محيدلي ،وعن اغلبية الشهداء القادة والمناضلين ، فلم تنتابني الحيرة التي وجدت نفسي أغرق في أمواجها أمام الشهيد مصطفى سعد هذا القائد الذي قدم حياته وعائلته ، سيرة مليئة بالمؤثرات منها التاريخي ، ومنها النضالي ، ومنها الإنساني ، ومنها حالات الغموض مثلما كانت حياته بها جوانب غامضة لم تفك حتى اليوم ، وكما كانت حياته بها من الغموض كان استشهاده ختاما لفصول الغموض .

مصطفى سعد ابن لبنان وفلسطين وابن العروبة ، تأتي ذكراه مع ذكرى ثورة يوليو الناصرية ، حيث يحمل رفاقه مبادئه من اجل استكمال المسيرة ، مؤكدين على فكر الرئيس الخالد جمال عبد الناصر وشعاره ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .

لقد كان لي شرف لقاء القائد الراحل المناضل مصطفى سعد في وقت مبكر في مناسبات عديدة ومختلفة ، فكان يحمل في قلبه القضية المركزية للامة العربيه قضية فلسطين كما قضايا أمته العربية لا يألو جهداً في تقديم الغالي في سبيلها ولا يتسرب إلى نفسه اليأس واضعاً نصب عينيه الانتصار الذي كان بالنسبة له وشيكا لا محالة منه , وهذا ما لمسته من شخصه .

كان للقائد الشهيد ابو معروف تجربة مع كافة الفصائل والقوى والشعب الفلسطيني وفعالياته وربطته صداقات حميمية وعلاقات نضالية ، كما مع كافة حركات التحرر العربية والعالمية وكان محط احترام وتقدير كل المناضلين لما عرف عنه من إخلاص للمبادئ التي آمن بها وضحى وناضل من أجلها .

إن القائد ابو معروف ما يشدد على اهمية الفكر القومي ومبادئ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وثقافة المقاومة لانه بالفعل كان مدرسة في حد ذاته جديرة بأن تصدر شهادات عليا للكثيرين ممن نشطوا في مجال النضال في الساحة العربية, من هذا المبدأ صاغ إستراتيجية الصمود والتحدي اثناء الاجتياح الصهيوني للبنان وشكل المجموعات المقاومة من التنظيم الشعبي الناصري في اطار جبهة المقاومة الوطنيه اللبنانية وعلى ذلك تشكل حلم التحرير بوصفه حلم عربي ، ومن اجل ذلك دفع حياته وعائلته ثمنا لذلك ، ورغم الجراح تابع نضالاته التي شكلت منارة مضيئة في الحياة النضالية للشهيد القائد ابو معروف .

واليوم تهل ذكرى استشهاده الثالثه عشرة ، والمقاومة التي كان رمزا من رموزها واعطى من جهده وحياته من اجلها حتى لقب بالشهيد الحي، تحتفل بذكرى انتصارها الذي شكل بوصلة للاحرار ، حيث تحقق بفعل ارادة المقاومة على ارض لبنان الشقيق ، وامام هذا الانتصار نقول ان الوفاء للقائد مصطفى سعد ، والوفاء للمقاومة التي اقترن بحبها ودفاعه عنها وعن فلسطين باعتبارها القضية المركزية للامة العربية ، وها هو اسامة سعد النائب والرفيق والاخ يحمل امانة ،من حمل فلسطين وقاتل على ارضها وهو معروف سعد ، واخيه النائب مصطفى سعد الذي وهب حياته وهو يدافع عن لبنان وفلسطين والامة .

وامام ذكرى غياب القائد مصطفى سعد نتساءل عما يحاك للمخيمات الفلسطينية من قبل القوى الظلامية الارهابيه التي تتماشى مع المشروع الامبريالي الصهيوني الرجعي الذي يستهدف شطب حق العودة وتهجير الشعب الفلسطيني ، وهل مخيم عين الحلوة يسير نحو الاسوأ، وخاصة امام الاغتيالات التي تجري من هذه العصابات ، فلا ضمانات ولا ضوابط ، كل شيء اصبح ينذر بحصول الاسوأ، المناخ الامني في المخيم لم يعد يطمئن، وكل ما يجري ليس له اي رادع يحفظ امن الناس وسلامة ارواحهم، لهذا لا بد من موقف واضح وصريح من كافة فصائل العمل الوطني والاسلامي الفلسطيني ومن الاحزاب والقوى والفعاليات اللبنانية حول ما يجري في مخيم عين الحلوة لا سيما من هذه العصابات الخارجة عن القانون .

وفي هذه اللحظات وامام ذكرى قائد قومي كبير نقول بكل وضوح فلسطين اختفت من جدول أعمال ما تبقى من دول عربية، وهي لم تعد من اهمية لها بالرغم من المآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على ارض فلسطين ، لذلك لا بد من صحوة عربيه لأن فلسطين ما تزال في موقعها تحت الاحتلال، كما آن الاوان للكل الفلسطيني تطبيق اليات اتفاقات المصالحة الوطنية ،لانه لا يجوز الانقسام الفلسطيني كما هو الانقسام العربي قدر محتوم .

ختاما : مصطفى سعد ، مسيرة حب وعشق وإيمان لا زال يحملها كل المناضلين الاوفياء ، مثل مدرسة فكرية وثورية ، ورسم تاريخ مشرق مع قادة تعملقوا نجوما في سماء الامة ، لم يعشقوا سوى فلسطين القضية والانتماء ، ترفعوا عن ثقافة التعصب والحقد ، وزرعوا أشجار لتنبت في صحاري قاحلة قوافل الشهداء.

بقلم/ عباس الجمعة