فجر اليوم الجمعة ارتكبت سوائب المستوطنين من مستوطنات نابلس جريمة جديدة تضاف لسجل جرائمها السابقة،تلك الجرائم التي تجد لها حواضن في المستويات السياسية والأمنية والقضائية الإسرائيلية،فمن بعد جريمة خطف وتعذيب وحرق الفتى الشهيد ابو خضير حياً في الثاني من تموز /2014،وعدم انزال عقوبات رادعة بحق تلك السوائب من المستوطنين المرتكبة للجريمة والمحرضة عليها حتى اليوم،حيث يحاول الادعاء الإسرائيلي مع قضاة محكمة الاحتلال ومخابراته خلق حجج وذرائع واهية لتلك الجريمة،تارة بالقول أن اثنين من مرتكبيها قاصرين والمتهم الرئيس مضطرب نفسياً من اجل إنقاذهم من العقوبة واطلاق سراحهم،ولا اعتقد بان جريمة الحرق الجديدة "الهولوكست" بحق الطفل الرضيع علي دوابشه من بلدة دوما الذي استشهد بعد ان القى المستوطنين الحاقدين زجاجات حارقة على بيت عائلته،واللذان اصيبا بحروق بالغة هما وشقيقه احمد.
وجرائم وممارسات الإحتلال ومستوطنيه القمعية بحق شعبنا الفلسطيني في ظل هذه الحكومة اليمينية الأكثر سفوراً وقباحة لوجه الإحتلال،تزداد "تغولاً" و"توحشاً"،وهي ليست قصراً على هذه الجريمة البشعة والتي لا توازيها سوى جرائم "داعش"،وليصبح المستوطنين و"داعش" وجهان لعملة واحدة،حيث نشهد تصعيداً غير مسبوق ضد شعبنا الفلسطيني بشكل عام والقدس والمقدسيين بشكل خاص.فالإحتلال يستغل حالة الضعف والإنقسام الفلسطيني والتي تفعل فعلها الخطير في الجسد الفلسطيني كفعل مرض السرطان،وكذلك الحالة العربية المشتبكة والمتصارعة دولها ومجتمعاتها في حروب مذهبية وطائفية قبلية،تنهك شعوبها وتدمير خيراتها وثرواتها ومؤسساتها وبناها الإقتصادية وتفتت جغرافيتها.وفي هذا السياق وفي جوائز كبرى للمستوطنين اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"أنه مقابل المبنيين اللذان جرى هدمهما في مستوطنة بيت ايل والمقامان على أراض فلسطينية خاصة،تخص المواطن الفلسطيني عبد الرحمن قاسم من قرية دورا القرع، والتي تم سلبها منه بالتزوير وأساليب الغش والإحتيال،سيتم إقامة (300) وحدة إستيطانية في بيت ايل،و(500) أخرى في مدينة القدس ،منها (300) في "بسجات زئيف" و (90) في "رموت" و(70) في جيلو و(19) وحدة استيطانية أخرى في مستوطنة "هارهاحوما" جبل أبو غنيم،وليس هذا فقط فلكم ان تتصورا بأن وزيرة ما يسمى بالعدل الإسرائيلي المتطرفة "شكيد"،حتى تسهل عمليات السيطرة والإستيلاء على الأراضي الفلسطينية، تريد ان تلغي دور "محكمة العدل العليا الإسرائيلية في البت بقضايا سرقة ارض الفلسطينيين وإحالة ذلك للجنة خاصة تنظر في منازعات الملكية للأراضي الفلسطينية.
والهجمة الإسرائيلية بتكثيف الإستيطان في الضفة و"تغوله في القدس يرافقها هجمات على محاور وصعد أخرى،حيث صعدت الجمعيات الإستيطانية والتلمودية والتوراتية من منظمات وجمعيات الهيكل المزعوم،من إقتحاماتها للمسجد الأقصى،لكي تصل ذروتها في يوم الأحد 26/7/2015،ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل،بالدعوة لعملية اقتحام واسعة للمسجد الأقصى،على أن يجري إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين بشكل كامل،للسماح لليهود والمستوطنين لتأدية طقوسهم وشعائرهم التلمودية في ساحاته،وهذا يعني التوجه لفرض الأمر الواقع في المسجد الأقصى بالتقسيم الزماني والمكاني.
وبموازاة هذه الجبهة شن الإحتلال وقوات قمع سجونه من "متسادا " و"درور" وغيرها وأجهزته الأمنية حرباً شاملة على الحركة الأسيرة الفلسطينية لكسر إرادتها وتحطيم معنويتها،وسحب منجزاتها ومكتسباتها والتطاول على حقوقها،ومحاولة فرض وخلق وقائع جديدة تحد وتقيد من حقوق الأسرى ومكتسباتهم وحريتهم بشكل أوسع،حيث أقدمت قبل أقل من أسبوع وحدات قمع السجون الإسرائيلية "متسادا " و"درور" على إقتحام قسم (10) فجراً في سجن نفحه،والذي يعيش فيه أسرى قطاع غزة،تحت حجج وذرائع العثور على أجهزة اتصال (هواتف نقاله) في جدران "الفورة" ساحة النزهة،حيث مارسوا قمعاً وتنكيلاً غير مسبوق بحق الأسرى،مما حدى بالأسرى كرد فعل على هذه الهجمة البربرية والعربدة،لحرق غرفة (85) في قسم (13) واتخاذ مجموعة من الخطوات الإحتجاجية كإرجاع وجبات الطعام ورفض الخروج ل"الفورة" ورفض النقل من سجن نفحة الى السجون الإخرى،وطالبوا بإعادة أسرى قسم عشرة الذين جرى نقلهم جميعاً لقسمي ( 1 +2)،ولم تكتف إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها بذلك،بل صبيحة اليوم التالي أقدمت على اعتداء واسع بحق الأسرى،من بينهم الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعدات،وكذلك أقدمت على نقل سبعين أسيراً من سجن "ريمون" الصحراوي الى سجن "عوفر"،وعندما رفض العديد منهم اوامر النقل ،تم الإعتداء عليهم بطريقة وحشية،وليجري نقلهم بالقوة.
والشيء الخطير جداً على صعيد الحركة الأسيرة،هو إقرار "الكنيست" الإسرائيلي قانون "التغذية القسرية" للأسرى المضربين عن الطعام الذي تقدم به وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي المتطرف"غلعاد إردان"،وحسب هذا القانون فإنه يمكن للسلطات المحتلة إطعام أسرى مضربين عن الطعام بشكل قسري إذا "تعرضت حياتهم للخطر".
"التغذية القسرية" تعنى إرغام الأسير المضرب عن الطعام على تناول الطعام والسوائل بالقوة، وذلك بعد ان يتم تكبيل يديه،وربطه بكرسي، أو يمسك به بالقوة سجانون، طأو ممرضون إذا كان ذلك في المستشفى، ويتم تثبيت رأسه لمنعه من التحرك، ثم يقوم شخص آخر بإدخال أنبوب بلاستيك "بربيش" عن طريق الأنف حتى يصل إلى المعدة، ثم يضخ سائل لزج إلى المعدة لكسر اضرابه.
"التغذية" القسرية، تعذيب لا أخلاقي يمارس بحق الأسرى وقد تؤدي إلى الاستشهاد، مثلما حدث في سجن "نفحة" عام 1980، حيث استشهد ثلاثة أسرى بعد إرغامهم على تناول الطعام".
وهذا القانون يعتبر الوحيد في العالم، ولم يسبق أن تم العمل من قبل أي دولة في العالم،وهو مخالف لكل الاعراف والمواثيق الدولية،ومحرم إجتماعيا وإنسانيا وثقافيا وسياسيا وقانونيا وحدوده تتجاوز كل هذه الأبعاد، وهو يعبر عن أبشع أشكال الحقد والعنصرية التي تعتبر إسرائيل عنوانها الأبرز وصانعتها.
وهناك قوانين أخرى لمعاقبة الأسرى والتضيق عليهم والتنكيل بهم،كقانون منع الأسرى من مواصلة التعليم الجامعي،وقانون عنصري آخر يمنعهم من الإتصال بذويهم في حالات الوفاة لحد افراد الأسرة.
وهذه القوانين العنصرية بحق الأسرى، سبقها إقرار قانون "قراقوشي" آخر،وهو فرض عقوبات تصل الى عشرين عاماً على راشقي الحجارة على الشرطة ورجال الأمن الإسرائيليين.
كل هذه الجرائم والقوانين العنصرية،بات من الملح والضروري،ليس مواصلة مسلسل الشجب والإستنكار والإدانة،بل يجب العمل على جلب مرتكبيها من قادة الإحتلال وجنوده ومستوطنيه الى المحاكم الدولية وبالذات محكمة الجنايات الدولية من اجل محاكمتهم ومعاقبتهم على تلك الجرائم،ووضع خطة واستراتيجية فلسطينية لمواجهة تلك الجرائم والقوانين العنصرية والتصدي لها،فلم تعد المفاوضات العبثية هي الطريق والخيار والنهج المجدي،او الذي يعول عليه،بل تصليب الحلقة الفلسطينية وتوحيدها بعد إنهاء الإنقسام،والعمل على ايجاد قيادة فلسطينية موحدة على مستوى التحدي تشق طريقها نحو خيار الصمود والمقاومة ومواصلة الكفاح والنضال بكافة أشكاله وعناوينه.
القدس المحتلة – راسم عبيدات
31/7/2015
0524533879
[email protected]