غزة وديكتاتورية عنزة ولو طارت !!

بقلم: حسن عطا الرضيع

شهدت الأراضي الفلسطينية وتحديداً قطاع غزة غضباً عارماً على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك على رسوم الكاريكاتير بهاء ياسين المسيء للمرأة الفلسطينية ولأهالي الضفة الفلسطينية المحتلة , وانتشرت تلك الرسمة بعد ساعات من حرق المستوطنين للطفل الرضيع علي دوابشة والبالغ من العمر 18 شهراً , وعلى الرغم من مأساوية الجريمة التي اقترفها المستوطنون بحق الأسرة الفلسطينية في قرية دوما بنابلس , إلا أن رسمة الكاريكاتير المسيئة للمرأة الفلسطينية والتي تحمل إيحاءات جنسية والتي تسيء لتاريخ وحضارة ونضال وصمود المرأة الفلسطينية في الضفة الغربية؛ قد أحدث ضجة إعلامية ليست بسيطة وتحديداً على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك , وعكست تلك الرسمة حالة التحريض والعصبية الحزبية الضيقة لبعض المؤسسات الفلسطينية التي تعمل في غزة وفقاً لأضيق حدود الحزبية وتنبع فلسفتها وفقاً لأجندة حزبية تعمل على تقسيم الوطن وتعزيز ديكتاتورية الجغرافيا, لم أجد تفسيراً واحد لمن زال يدافع عن تلك الرسمة سوى ديمومة ديكتاتورية الانتماء الحزبي في أضيق حدوده والأيمان بفكرة ما راسخة في العقول وكأنها شئ مقدس وثابت وغير قابل للتعديل ينساق خلفها البعض ويُحكموا دون أن يشعروا ( مع الوقت تصبح عقولهم وأقلامهم وتفكيرهم في اتجاه واحد ويضحى بعد ذلك ليكون أسيراً بمحض إرادته لتلك الديكتاتورية) , وما يؤكد ذلك هو أن الكثيرون يعتبروا هذه الرسمة معبرة عن واقع الضفة الغربية المغتصبة, تلك الديكتاتورية ترسخت بصورة عميقة ؛ ونتيجة ذلك قد يتساءل البعض ما هي تلك الفكرة والقناعة والإيمان الذي يجعل الفلسطيني يدافع باستماتة عن الانقسام السياسي وعن إمكانية فصل تام لقطاع غزة عن الضفة الغربية , وتعزيز النظرة العنصرية كالقول أن هناك ضفاوي وغزاوي, حمساوي وفتحاوي, المرأة الغزاوية والمرأة الضفاوية, الطفل الغزاوي والطفل الضفاوي, وهذا يؤكد أن هناك أعتى مفاسد للحزبية في الأراضي الفلسطينية, لا أحد ينكر مأساوية منح التصاريح ووجود مئات الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية, ولكن كان يمكن التعبير عن ذلك بطرق عدة ومنها رسم الكاريكاتير الذي يعبر بمضمونه عن التمرد والثورة ضد الاحتلال وضد الانقسام السياسي والفساد والمصالح الضيقة للأحزاب الفلسطينية ويعمل على الارتقاء بمستويات معيشة الفلسطينيين , دون أي مس بكرامة الإنسان الفلسطيني, ومن خلال موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك يتضح أن هناك أشخاص يدافعون عن تلك الرسمة المشينة والتي تعتبر مهينة بكل المقاييس لثرات وحضارة المرأة الفلسطينية ؛ هؤلاء الشخوص أفضل ما يمكن أن يطلق عليهم " جماعة عنزة ولو طارت", من يتمعن في تلك الرسمة يلاحظ أن هناك تعزيزاً لديكتاتورية الجغرافيا والحزبية الضيقة, لقد غردت زرقاء اليمامة وتعقيباً على تلك الرسمة أن الانقسام السياسي والفساد هو أشد ما ابتلى الله به عباده في قطاع غزة, وأن الفساد يظهر في أبشع صوره عندما تتوج بعض المؤسسات الفلسطينية لظاهرة ممالك الشخوص وتعميم الحقيقة الحاضرة وهي أنه لا عزاء للحلقات الأضعف , وعندما نجد مؤسسة عامة تتحول لمملكة شخوص مع سيادة نمط قانون ساكسونيا بها هذا أكبر الخطايا التي تمهد لانهيار مؤسساتي ومجتمعي, وهذا ينطبق على بعض الجامعات الفلسطينية ومؤسسات الإعلام المُسيس.

وفي الختام فإن تكرار مثل تلك الأعمال الفنية المسيئة يعتبر الأخطر كونه يعزز الفرقة والعنصرية الجغرافيا, فالانقسام السياسي عاجلاً أم أجلاً سينتهي , ولكن تلك العنصرية المتعلقة بالجغرافيا تستمر مما يستدعي من الجميع ضرورة الرقابة على تلك الأعمال ومنعها .

بقلم/ حسن عطا الرضيع