من شفاعمرو إلى دوما.. إسرائيل تمول الإرهاب على مر السنين

تحل اليوم الثلاثاء، الرابع من آب (أغسطس)، الذكرى العاشرة لمجزرة مدينة شفاعمرو شمال فلسطين 48، التي ارتكبها جندي مستوطن، من نفس وكر الإرهاب الذي انطلقت منه العصابة التي ارتكبت الجريمة الإرهابية في قرية دوما قضاء نابلس، فجر يوم الجمعة الماضي.
واعتلى صوت ساسة إسرائيل من "كبيرهم الى صغيرهم، استنكارا لجريمة دوما، إلا أن الحقائق الدامغة تؤكد أن عصابات الإرهاب الاستيطانية تتلقى الدعم والتمويل المباشر من حكومات إسرائيل المتعاقبة، بما فيها الحالية بشكل خاص. ومجزرة شفاعمرو وما تبعها يؤكد ذلك.
خلال كل التقارير الإسرائيلية التي وردت في أعقاب حرق بيت عائلة دوابشة واستشهاد رضيعها علي، ورد ذكر "فتيان التلال"، وهذه عصابات "شبابية" استيطانية، كان مؤسسها وقائدها في سنوات التسعين الأولى ولاحقا أريئيل شارون، إذ اختار أن يكون الرد على اتفاقيات أوسلو، باحتلال قمم هضاب وتلال الضفة الفلسطينية المحتلة وإقامة بؤر استيطانية عليها، كي تمنع أي تواصل جغرافي بين المدن الفلسطينية، وبذلك يمنع إمكانية اقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة.
رويدا رويدا تمدد نشاط عصابات "فتيان التلال"، وباتوا رمزا للاستيطان المنفلت، وانتقلوا لقيادة مظاهرات عنيفة في داخل الضفة، وأيضا في المدن الإسرائيلية، وأغلقوا الشوارع، ومنهم انطلقت عصابات إرهابية، تغذت على الفكر الإرهابي في عدد من المعاهد الدينية، التي يشرف عليها حاخامات المستوطنين. وعلى الرغم من التقارير التي تحذر من إرهاب هذه العصابات إلا أن حكومات إسرائيل رفضت أن تحاصرها وتفككها. ونعطي بعض النماذج.
في أعقاب مجزرة شفاعمرو، أوصت الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، وليس غيرها، بوقف التمويل للمعهد الديني في مستوطنة يتسهار، الذي انطلق منه عدد من الإرهابيين، إلا أن كل الحكومات التي تشكلت في السنوات العشر الأخيرة، رفضت الانصياع لتوصية المخابرات، رغم أهمية الجهاز في المؤسسة الإسرائيلية. لا بل إن إسرائيل الرسمية والقضائية، انتفضت بعد تصفية منفذ مجزرة شفاعمرو، حينما كان يدخل مخزن ذخيرة جديد لرشاشه، ليقتل المزيد من أبناء شفاعمرو وهم في حافلة ركاب، إذ لم يشبع استشهاد أربعة وجرح 12 شخصا العقلية الصهيونية، فلاحقت إسرائيل سبعة من ابناء شفاعمرو وفرضت عليهم السجن من عام على أكثر.
ونموذج آخر، فقبل نحو تسع سنوات، ظهر كتاب يسمى "شريعة المُلك" كتبه أحد الحاخامات الارهابيين، ويشرح فيه كيف أن الشريعة اليهودية تسمح بقتل الأطفال والنساء "الأغراب" بمعنى كل من هو ليس يهوديا، ورفضت إسرائيل الرسمية محاكمة هذا الحاخام الإرهابي، الذي بقي كتابه متداولا حتى اليوم. ولشديد السخرية، أن الإرهابيين الذين أحرقوا كنيسة "الخبز والسمك" في شمال بحيرة طبريا، شمال فلسطين، قبل شهر ونصف الشهر، وُجد بحوزتهم "قرص حاسوب" يشرح الشريعة ذاتها. ونذكر هنا أن تلك الكنيسة لم تكن الوحيدة التي تعرضت لاعتداءات ارهابية أسوة بعشرات المساجد، إلا أن إسرائيل شعرت بحرج زائد، كون أن المشرف المباشر على هذه الكنيسة هي المانيا، وأن الحريق كان كبيرا، بينما لم تفعل أي شيء بباقي الاعتداءات على المساجد والكنائس الأخرى.
ومساء أول من أمس، بثت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي تقريرا يؤكد أن جهات التمويل الإسرائيلية الرسمية تواصل تقديم الدعم المالي لعصابة "جمعية حانينو"، وهذه عصابة تابعة بشكل مباشر لحركة "كاخ" الإرهابية المحظورة في سلسلة من دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، وهذه العصابة تدعو بشكل دائم الى منح "العفو" عن الارهابيين اليهود الذين يقبعون في سجون مفتوحة، على خلفية جرائم ارهابية ارتكبوها، رغم هشاشة الأحكام التي فرضت عليهم، ومن ضمنهم الارهابي يغئال عمير، الذي اغتال رئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق رابين قبل نحو 10 سنوات.
كذلك، فإن حركة "كاخ" جرى حظرها في إسرائيل على خلفية مجزرة الحرم الابراهيمي في شهر رمضان، شباط (فبراير) العام 1994، إلا أن هذا الحظر بقي حبرا على ورق، وواصل قادة الحركة الإرهابية نشاطهم، ويشاركون في الانتخابات البرلمانية بشكل دائم، وفازوا بمقعد في انتخابات العام 2006. وأحد ابرز هؤلاء هو الارهابي ايتمار بن غفير، وهو محام يدافع عن كل الإرهابيين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين ومقدساتهم وعقاراتهم.

المصدر: الناصرة - برهوم جرايسي -