لا أجد مبررا للعالم الدولي الإنساني في سكوته عن جرائم الصهاينة ضد أبناء الشعب الفلسطيني إلا أنه إنحياز لهذا الكيان و أفعاله النازية بعيدا عن مفاهيم الحقوق الإنسانية والقانونية
ففي الوقت الذي إقتلعت آلاف الأشجار من بساتين الزيتون ورصت مكانها أبنية المستوطين وفي الوقت الذي تصدر الحكومة الصهيونية كل يوم قراراتها المتكررة حول مصاردة المزيد من الأرض وزيادة الأبنية للإستيطان والإمتداد في تواجدها على حساب الوجود الفلسطيني وحقوقه يربض كل يوم العديد من قطعان المستوطنين على الطرقات لإصطياد ضحية لهم من أفراد الشعب الفلسطيني ليسدوا شهية إرهابهم ونازيتهم بقتله أو حرقة وفي وقت أخر يتسللون كخفافيش الليل إلى بيوت الفلسطينين بتلصص الذئب وزحف أفعى لتلقى سمومها على أجساد الصغار النائمين وتحرق طفلوتهم لا صرخة الطفل تشفع عندهم ولا أنات إمراة تستغيث .
يعجز الوصف لذلك الإرهاب فقد تحدى كل خطوطه ليفقد المعنى في معاجمه ، لا وصف لقتل إنسان حي بالحرق والرقص فوق جسده الملتهب والضحك على صرخاته وإستغاثاته أو سقاء طفل صغير مادة حارقة وإلقاء الشعلة في فمه وباقي أعضائه أو التربص في الطرقات لاختطاف فلسطيني قد غدى عائداً لبيته بعد عناء العمل ومشقة الحياة .
لماذا يتواجد المستوطنون بيننا !!
بما أن فلسطين حظيت بكيانها المستقل وإعتراف معظم دول العالم بها وأخذت مقعدها بعضويتها في الأمم المتحدة لتكون الأراضي الفلسطينية لعام 67 هي أرض الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين فيتعبر تواجد المستوطنين في مناطق 67 ليس قانونيا ولا يتناسب مع قرارات الأمم المتحدة ويحب ترحيلهم وإخراجهم منها ومحاسبتهم على جرائمهم النازية ضد الفلسطينين أصحاب الحق والأرض والمصير .
وإن كانت الأمم المتحدة أصدرت مواثيق وقوانين لحماية المدنين وقت الحرب والسلم فأين تلك المواثق في الحماية للفلسطينين وتوفير حقوقهم والدفاع عنها بكل صوت واضح وصادق وصريح دون تمايل ولا تلوين باتجاه كفة الأحتلال وتحويل الضحية إلى طرف مذنب والمجرم هو الضحية
حسب قواعد القانون الدولي تعتبر إسرائيل معتدية إعتداء صارخا على إستقلالية وسيادة دولة أخرى وهي فلسطين لا يحق لها التواجد على أراضيها ولا أن تمارس سيادتها عليها ولا أن تلقي بقطعان مستوطينها فوق أراضيها ولا تسلب أمن أفرادها ولا أن تعتدي على حقوقهم بالحياة الكريمة والحرية بأنواعها .
فإن كنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني أصحاب هذه الأرض وأصحاب القضية والضحية الكبرى لهذا الإحتلال كيف يجرؤ هؤلاء المستوطنين على التمادي كل يوم بالإعتداء علينا وإنتهاك حقوقنا والرقص فوق أجسادنا ونحن مسالمون صامتون لا نملك إلا الإستنكار لأفعالهم والتوعد بالرد على عدوانهم أو قليل من عمل مقاوم لا يأتي بكثير تأثير بالترهيب والرعب في قلوبهم .
أذكر يوماً كيف كانوا
أذكر في الإنتفاضة الأولى عندما كان العمل المقاوم منظما وكان الشعب موحدا وكان الصوت يصرخ واحدا واليد تعمل معا أن في مدينتا عندما تصدع المآذن أن هناك محاولة لقطعان مستوطنين يحاولون دخول المدينة فكان الناس يهبون هبة واحدة من شاب وشيخ وإمرأة وطفل كل منهم يحمل أدواته التي يراها تؤدي دورها في إيلام المستوطنين ويهبون نحو مداخل المدينة أو يتربصون بهم فوق أسطح المنازل وتصدع أصوات الناس بالتكبير والتهليل فيهرع المستوطنين من هول ما سمعو وما يلاقون من أشد العذاب على أيدي المواطنين فيفرون من حيث أتوا وأجسادهم قد ذاقت مرارة الألم ، أذكر أن المستوطن كان يحسب ألف حساب إن قرر أن يمر من شارع قريب من المدينة أو أراد الإقتراب منها ، أذكرأنهم تحايلوا علينا لكي يظهروا أنهم من فلسطيني مناطق 48 كي يمروا بسلام من بين أيدينا ، لقد برزت ملامح الجبن والخوف عليهم حتى كانوا يرعبون كلما تذكروا الفلسطيني وقوته وشجاعته وعدم خوفه من الموت للدفاع عن وجوده وحقوقه .
نحتاج للمراجعة والتنظيم الجديد
كي لا يتمادي الإستيطان بوجوده ولا باعتداء قطعانه علينا ولا بالتففن في القتل بنا والرقص فوق أجسادنا المحترقة يجب العمل بجد على وضع خطوات عملية في حماية أنفسنا وأطفالنا أولاً من كيد هؤلاء الظالمين نضع الخطوات التي تلقي الرعب في قلوب المستوطنين مما تجعلهم يفرون من مساكنهم دون إلتفات خلف ظهورهم من شدة ما رعبوا به وما لاقوه من إيلام ، نحتاج أن نعمل بهدوء في ظل ظروف عربية وعالمية لا تتناسب مع دعم القضية الفلسطينة بشكل كبير بالتخطيط المحكم والعقل المدبر لنطردهم من بيننا مولين على أدبارهم يهرعون، نحتاج للوحدة الصادقة والقيادة الحكيمة التي تقود الناس نحو أهداف الوجود والهوية ، نحتاج لزرع جذورنا كل يوم في أرضنا وتعزيز ثقافة الوجود والحق لهذه الأرض في مدارسنا وجامعتنا ومؤسساتنا وكل مكان نوجد فيه ، نحتاج لتعزيز المشاركة المجتمعية على أوسع أبوابها وميادينها ليضع كل مواطن بصمته ودوره في النضال والكفاح وعدم إقتصارها على التنظيمات والمصالح الشخصية، نحتاج أن نعيد الثقة لشعبنا بأن هناك من يقوم على حمايتهم وتدبير شؤون حياتهم والثقة بمسئوليهم ومؤسساتهم ، نحتاج لاجتماع الكلمة والعمل كي لا تضيع الجهود ولا تشتت القلوب لنبقى باتجاه بوصلة الكفاح ونيل التحرير، نحتاج أن يعمل الجميع أينما كان بمهمة النضال حسب ما يملك من إمكانيات وأن تكون المؤسسات الحكومية وموظفيها ومسئوليها قدوة لأفراد الشعب في البذل الصادق والعطاء دون إنتظار شهرة أو إمتداح أو تحقيق جزاء ، نحتاج أن يفتح المسئولين عقولهم على أفراد الشعب وأن ينصتوا إليهم ويسمعوا لأفكارهم وأن يأخذوا بما عندهم وأن لا يميزوا بين شخص وآخر ليعم العدل والمساواة بين الجميع فيستشعر المواطن أنه جزء من كيان مجتمعه لا يفصله عنه خلاف في الفكرة أو تعبير في الرأي، نحتاج لثورة في إعادة القيم الأصيلة والأخلاق الحميدة لنعيد تنظيم مجتمعنا بعيدا عن إنتشار الجريمة والعبث في حقوق الناس .
من يبدأ
هي الخطوة الأولى إذن نأخذها الآن أو نبقى إلى أن يشاء الله تحت نير المستوطنين يكوننا بنيران حقدهم ويأكلون زيتنا وزعترنا ويحصدون قمحنا ويرقصون فوق جثتنا الهامدة وصوتنا الخافت الخائف ينتظرون على أبوابنا ليصطادوا منا من تألكله أيديهم الحاقده ونحن لا حول لنا ولا قوة .
لا نريد أن نستيقظ على واقع العجز والإستسلام والتهالك بل نريد أن ننهض الآن معا نصف أذرعنا جنبنا وننطلق نحو العمل الصادق والحقيقي لنثبت حقنا ووجودنا ونبقي كرامتنا فلا يقلع شوكنا إلا أيدينا القوية .
بقلم/ آمال أبو خديجة