بين خضير ودوابشة رئيس على مشارف الرحيل

بقلم: محمد أبو مهادي

سيحتاج الرئيس محمود عباس إلى معجزة كبيرة كي يحافظ على موقعه الرئاسي حتى نهاية العام 2015، فالغالبية العظمي من أبناء الشعب الفلسطيني أصبحت على يقين من ذلك، كما هو حال غالبية القوى السياسية الفلسطينية التي يقاطع بعضها إجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إحتجاجاً على ممارساته، بعد أن مسّ سلوك عباس الفردي كرامتها، وتعدي على فكرة ومضمون العمل الجبهوي الفلسطيني بشكل سافر يصعب تبريره.

حالة الإرتباك على الرئيس عباس تظهر جلياً في منعطفات خطرة تستوجب رداً وطنياً حقيقياً على جرائم يمارسها الإحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه مثال الحرب على قطاع غزة وجريمتي إحراق الطفل محمد خضير والرضيع علي الدوابشة، هذه الجرائم التي إستفزت الضمير العالمي، وأهلت قادة إسرائيل ليحاكموا كمجرمي حرب أمام العالم أجمع، ووفرت ظرفاً فلسطينياً مناسباً لإستعادة الوحدة الوطنية بمضمون أشمل من وحدة الفصائل، وظرفاً آخر يستعيد فيه الشعب الفلسطيني المبادرة الكفاحية ذات الطابع الشعبي التي تجعل من حياة المستوطنين صعبة ومكلفة وتدفعهم لهجرة المستوطنات إلى بيئة أكثر أمناً داخل إسرائيل.

الكوارث الفلسطينية بالجملة، وتأتي تباعاً دون معالجة، بدءاً من عملية المصالحة مروراً بملف الإعمار وأزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وانعكاساتها، وانتهاءاً بجريمة إحراق الطفل الرضيع علي دوابشة وعائلته، الذي وجدت أطراف محسوبة على الرئيس فيها فرصة للتسوّل المهين من أجل إعمار منزله في قرية دوما!

سلسلة من المهازل السياسية التي أنتجها الرئيس عباس وتسببت بآلام كثيرة لأبناء الشعب الفلسطيني، وأضاعت فرصاً كثيرة لكسر حالة العزلة التي يعاني منها النظام السياسي الفلسطيني، بفعل رئيس إلتبس عليه الأمر، لا يمارس مسؤوليته الوطنية كقائد لحركة تحرر وطني يمتلك خيارات متعددة للرد على الجرائم الإسرائيلية، ويظن نفسه مديراً لمنظمة حقوق إنسان وجد ضالته في محكمة الجنايات الدولية، يلوّح بالذهاب إليها كلّما نفذت إسرائيل عملاً إرهابياً يندى له الجبين، وليته يفعل ذلك.

القيادة الفاسدة لا تحمي شعباً يطمح بالحرية والإستقلال، ورئيس فاسد متآمرلا يمكنه خوض معركة بجانب أبناء شعبه ضد الإحتلال، فقد فشل في تأمين الحماية للفلسطينيين في اليرموك، وتخلّى عن اللاجئين منهم بفعل الحرب، وقف عاجزاً يشاهد آلاف الفلسطينيين يذبحون في غزة وتدمر منازلهم فوق رؤوسهم، وقام بقمع التظاهرات في الضفة الغربية التي كان يمكنها التخفيف من وطأة ما يجري في غزة، جلً إهتمامه منع إندلاع إنتفاضة فلسطينية ضد الإحتلال تأخذ في طريقها حاشيته التي ترتعد أوصالها بعد سماع خبر مواجهة في أي منطقة تماس مع الإحتلال.

رئيس موسوم بالفشل يدير ظهره لكل الحركة الوطنية الفلسطينية، غارق في تدبير مكيدة قضائية بحق النائب محمد دحلان أكثر من أي قضية أخرى، يشهر سيفه في مواجهة كل من يختلف معه في الرأي، يعبث كما يشاء في الأطر التمثيلية للشعب الفلسطينية، ويقوم بتشكيل حكومات متعاقبة خارجة عن الإجماع الوطني، وزاد من عزلة الشعب الفلسطيني مع العرب وغير العرب، سيقود الفلسطينيين إلى كارثة محققة إذا لم يتم تدارك هذا الأمر بدون خجل من مجموع الحركة الوطنية التي تدرك يقيناً أن هذا الرجل أفلس سياسياً وسيرحل فيزيائياً بحكم الشيخوخة، أو كما يرحل أي ديكتاتور آخر.

الإنتظار الخجول بما ستأتي به الأقدار، أو مقاطعة الإجتماعات والإحتجاج الإعلامي على سلوك عباس لم تعد أموراً تجدي نفعاً مع الإقتراب المتسارع لرحيله، وستزيد من إحتمالية الإنهيار المفاجئ الذي لا تحمد عقابه، وتستدعي لزاماً من كل أطراف الحركة الوطنية التداعي لبحث الخيارات المترتبة على هذا الرحيل، بما فيها خيار تشكيل "جبهة للإنقاذ الوطني"، والتوافق على "رئيس إنتقالي" أو "هيئة رئاسية" بمهام وصلاحيات محددة لحين تنفيذ المصالحة وإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية كمقدمة لإصلاح العطب الذي أصاب كل النظام السياسي الفلسطيني.

بقلم/ محمد أبو مهادي