وضع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه، بافتتاح قناة السويس الثانية "الجديدة"، خلا فترة وجيزة من حكمه في مصاف عظماء مصر أمثال محمد علي باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة، والرئيس جمال عبد الناصر زعيم ثورة 23 يوليو ومؤسس الجمهورية. هذا الفعل، افتتاح القناة بالامس، لا يقل اهمية عن افتتاح قناة السويس في العام 1869 مقارنة بذلك العصر دون جدال، أو بناء السد العالي باعتباره ذخرا استراتيجيا وانجازا وطنيا يفخر به كل مصري.
وان كان يمكن المجادلة بالفترة الزمنية المستغرقة، لحفر قناة السويس الاولى، بعشرة سنوات مقابل سنة للقناة الثانية، والقول إن التقنيات الحديثة مختلفة وأن ما تم انجازه سابقا بعدة سنوات يمكن انجازه بأشهر. لكن في المقابل لا أحد يستطيع القول أو الاختلاف على ظروف حفر القناة الجديدة ضمن السيادة المصرية والإرادة المصرية، وهي تضع مصر المحروسة على اعتاب مرحلة جديدة لاستعادة دورها الاقليمي بكل قوة.
استعادة الروح لمصر قبل عامين، إثر ثورة 30 يونيو 2013، تُوج اليوم، مع افتتاح قناة السويس الجديدة، بوحدة الروح مع جسد الدولة باعثة املا جديدا للمصريين، وكذلك للعرب، ببدء نهضة مصرية جديدة لا تقتصر على هذا الانجاز الكبير بل تعيد الحياة أو التوازن للحياة في المنطقة دون التقليل من التحديات الجسام التي تواجهها الدولة المصرية أو الرئيس عبد الفتاح السيسي سواء الداخلية المتمثلة بالإرهاب والتطرف وبشكل خاص في صحراء سيناء أو التركة الثقيلة المتمثلة بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر .
هذا الانجاز، بكل تأكيد، لا يحل أو يعالج أثقال السنوات الطويلة السابقة وأحمالها من خيبات أمل وتعثر والتحديات الداخلية والخارجية. لكنه بكل تأكيد يفتح نافذة للغد مليئة بالأمل المصاحبة بالعمل والثقة بالنفس ما يمكن المصريين من اعادة رسم صورتهم. هذا العمل الهام يحدث تحولا في رؤية المصريين لأنفسهم ويرسم صورة جديدة لمصرهم داخليا وخارجيا، ويبلور دورا مختلفا يتجاوب مع طموحات الرأي العام ومكانة دولتهم الاقليمية ودورها.
هذا الانجاز الكبير يليق بعظمة مصر ويفتح صفحة جديدة في التاريخ المصري، لكنه في الوقت نفسه يضع تحديات جديدة على الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم الاكتفاء بهذا الانجاز في بداية حكمة، والتطلع لانجازات نوعية على شاكلة القناة الجديدة، ويضع أحمال تطلعات المصريين، ومن ورائهم العرب، للخروج من أزمتهم أو من أزماتهم المتراكمة ومتعددة الاوجه.
جهاد حرب