أزمة نفايات وأزمة كهرباء

بقلم: أسامه الفرا

4باتت أزمة النفايات في بيروت الشغل الشاغل للمواطن والحكومة معا، عجزت الحكومة عن توفير مكب لها فتكدست النفايات في شوارع العاصمة، لم تفلح اللجنة التي شكلتها الحكومة في إيجاد حل للأزمة الذي بات الجميع يحذر من تداعياتها، وزير الصحة حذر من امكانية إنتشار الأوبئة، لم يلبث أن لحق به وزير البيئة معتبراً أنها ستلحق كارثة بيئية لا يحمد عقباها، فيما وزير الإقتصاد أعرب عن تخوفه من انعكاساتها على إقتصاد الدولة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل انضم إليهم وزير الأشغال العامة محذراً بأن تراكم النفايات على مقرية من المطار سيجذب الطيور إليها والتي من شأنها أن تشكل تهديداً لحركة الطيران.

المهم أن نفايات بيروت كشفت عن فساد ارتبط بها على مدار سنوات طويلة، حيث أن ثمن ترحيل النفايات فيها قد يكون الأعلى في العالم، وبطبيعة الحال شكلت الطائفية التي تتجذر في مكونات الحياة اللبنانية الحاضنه له، ما يثير الإهتمام في أزمة نفايات بيروت يتمثل في المقترح الذي قدمه سفير ألمانيا في لبنان المتمثل بإستعداد بلاده لإستيراد نفايات بيروت، وإن لم ينضج المقترح إلى عرض جدي، نظراً للشرط الذي وضعته ألمانيا بأن تتكفل لبنان بفرز النفايات حسب قابليتها للاحتراق، إلا أنه يكشف عن الفرق بين دولة تعاني من أزمة طاقة وفي ذات الوقت غير قادرة على التخلص من نفاياتها، وبين دولة تستورد النفايات لتوليد الطاقة منها، وألمانيا ليست الدولة الوحيدة التي تقوم بإستيراد النفايات بل سبقها إلى ذلك العديد من الدول، بل أن السويد التي تتقدم دول العالم في مجال استيراد النفايات باتت مشكلتها أنها بحاجة ماسة إلى المزيد من النفايات,

كثيرة هي أوجه الشبة بين أزمة نفايات بيروت وأزمة كهرباء غزة، حيث تخلى الجميع عن مسؤولياته في إيجاد حل لمعضلة الكهرباء، ويعلم الجميع أن الأزمة تستفحل يوماً بعد آخر، وأن مكونات الحياة المختلفة ترتبط ارتباطاً مباشراً بها، وحجم الضرر الناجم عن إنقطاعها لساعات طويلة يومياً يفوق بكثير الظاهر منه، ورغم آثارها الكارثية إلا أنها لم تحظ بالحد الأدنى من الإهتمام لإيجاد حل جذري لها، وكل ما نلهث خلفه هو مجرد حلول ترقيعية لثوب ممزق، ما بات جلياً أن الحسابات الحزبية الضيقة تريد لأزمة كهرباء غزة أن تبقى في وحدة العناية المركزة، لا أحد يريد لغزة أن تتعافى منها.

لا شك أن الأزمة هي الحاضنة الأكثر ملائمة للفساد، حيث يعيش قي كنفها بعيداً عن أعين العامة المنشغلين بإنعكاسات الأزمة ذاتها، المهم أن أزمة الكهرباء أزالت القناع عن العديد من الأزمات التي نعاني منها، حيث أن غياب الحكومة ومعها الفصائل الفلسطينية عن مجرد التفكير في حل أزمة الكهرباء يشير إلى أن أزمة غياب الإرادة تحيط بنا من كل جانب، تبقينا في دائرة اللافعل، وتحظر علينا الاستعانة بمن يفكر نيابة عنا لحل أزماتنا.

الواضح أن التركيبة الطائفية في لبنان توفر درعاً لمركز اتخاذ القرار تحتمي به من أزمة نفايات بيروت وتداعياتها، كما تفعل حالة الاستقطاب الحزبي لدينا مع أزمة الكهرباء.

بقلم/ اسامه الفرا