السلام ضحية إنضمام متطرفين جدد إلى الصهيونية غير اليهودية

بقلم: أحمد فؤاد أنور

في التفسيرات اليهودية للتوراة عبارة تقول "يبقى اليهودي يهودياً" حتى ولو ارتكب معصية، أو قرر تغيير ديانته. وتتسق تلك العبارة مع خوف الصهاينة من "الذوبان الداخلي " للمجتمع، أي إنهيار إسرائيل وتحللها من الداخل، وهو ما تتم مقاومته بتغليب منطق الميليشيات والمرتزقة داخل إسرائيل وخارجها، حيث تعالت في الفترة الأخيرة في شكل فج ووقح وصريح نعرات العنصرية وانتهاك المقدسات وكل الحقوق الإنسانية، والأخطر أن الأمر بات خبراً اعتيادياً يمكن أن يأتي ذكره منزوياً أو تجاهله تماماً، حتى لو تعلق بسعي تل أبيب نحو خلق واقع جديد للحرم القدسي يقوم للمرة الأولى على "الصلاة المشتركة" بين المسلمين واليهود داخل الحرم، بعد أن كان الأمر مقتصراً على السماح فقط بـ "الزيارات". وعلى المنوال نفسه تصدمنا - بوتيرة قاسية - جرائم الحشد الشعبي في العراق، ضد السنة وجرائم "داعش" ضد المسلمين في كل مكان.

ولعل في ما تقدم ما يفسر الدعم الفني والتقني، بل والطبي، الذي تقدمه الدولة الصهيونية إلى "المرتزقه الإسلاميين"، المنتشرين في الشرق من ليبيا إلى العراق مروراً بسورية، وهو الدعم الذي يحصلون عليه، رغم أن الديانة اليهودية قائمة على التعامل مع كل من هو غير يهودي على أنه درجة أقل، ويمكن خداعه أو حتى قتله إذا هدد سلامة يهودي. فهؤلاء المرتزقة الذين يحملون أسماء وهمية رافعين لافتات حركات "ثورية" أو إسلامية سنية أو شيعية يتلقون العلاج الطبي في مستشفيات إسرائيل، هم مجرد برميل وقود فوق فوهة بئر نفط عند اشتعاله سيحول المنطقة -حسب المخطط- إلى جحيم من المعارك الدينية والمذهبية، لأن هذا هو الجسر الوحيد الذي ترى الدولة الصهيونية أنه يسمح لها بالعبور إلى عالم العنصرية الكاملة (عالم الدولة اليهودية). كان أمام إسرائيل جسر آخر وهو جسر السلام وجسر منشود كنا أول من سعينا إليه، حتى تبلورت اتفاقات سلام مع الأردن والفلسطينيين، وخرجت إلى حيز النور المبادرة العربية، جسر السلام بالفعل نوده ونتمناه فنحن مع الإنسان أي إنسان ونحن مع السلام للجميع، ولسنا مع اشعال الحرائق وخلق ستار من الدخان يخفي مشروعاً مآله الفشل. إلا أن التحركات الأخيرة تفضح مخاوف إسرائيل من الذوبان والانغماس في خلافات داخلية إذا ما حل السلام الشامل والعادل.

التصدي لعنصرية الاحتلال الصهيوني ومخططاته وتحالفاته، يستلزم فضح حقيقة أن هناك صهاينة غير يهود، وأن غض الطرف عن جرائم ترتكب في العراق أو في سورية وليبيا، من شأنه منح دعاة العنصرية فرصة ذهبية لتمرير مشروعهم. الحل يبدأ بالالتفات إلى دعوة شيخ الأزهر للحوار السني - الشيعي، وتوعية الشباب خصوصاً بخطورة الاختراق من جانب تحالف شيطاني بين الصهاينة من اليهود والصهاينة غير اليهود.

أحمد فؤاد أنور

* أكاديمي مصري