اجزم ان جميع ما تم توظيفهم منذ دخول السلطة الوطنية او الذين عادوا معها سيتم تقاعدهم بحكم القانون في مدة 7 سنوات علي الأقل إلا من كان حديثي السن وهم قله بمعني تحصيل حاصل سيكون هناك متقاعدين ولكن ما يتم نشره واتخاذه من قرارات بخصوص التقاعد المبكر أتمني ان يكون وفق القانون الأساسي ولا يستحدث قانون جديد للذين تقل أعمارهم عن السن القانوني وهو الستون عاماً وهم لا زالوا في ريعان شبابهم أو من يحملون درجات علمية ومهنية عالية لأنني بكل صدق سأجن بل سنجن جميعاً إذا لم يعرف الوطن حقه اتجاهنا وحقوقنا اٍتجاه هذا الوطن .فحق الوطن علي موظفيه كما تعارفت علية الأمم عندما تريد أن تقاعد موظفيها سواءً العسكريين أو المدنين الذين يتجاوز أعمارهم الستين عاماً قضوها في خدمة العمل وبناء مؤسسات الدولة التي تحملوا علي كاهلهم سنوات طوال من البناء عليهم ووفق السن والقانون وإعطاء فرص للأجيال اللاحقة لان البقاء لله وحدة تقوم بمنحهم تقاعد وبعدها يتم تكريم وإجلال المتقاعدين بعد أن خدموا الدولة هذه السنوات الطويلة التي قدموا فيها لأوطانهم زهرة شبابهم فتكافئهم بالرواتب التقاعدية والتأمينات الصحية التي تحافظ على كرامتهم وتوفر لهم حياة كريمة هذا ما يحدث في الأمم التي تحترم موظفيها المتقاعدين ليس لأنهم خدموا مدة طويلة بل على الأقل لآدميتهم .إلا انه في الواقع في بلدنا يتم تفسير هذه الكلمة بشيء واحد فهي تتكون من جزأين (‘موت) و(قاعد).يعني حتى ممنوع تموت (واقف) أو(نايم) لازم تموت وأنت قاعد لأنها هي قرار حكومي للذين أعطوا أعمارهم لهذا البلد الذي نتغنى به دائماً ونرفع شعاراته.لان قصة معاناة الموظفين اجزم بأنها بدأت بعد الانقسام الأسود المرير والذي نتمنى ان ينتهي إلي غير رجعة فهناك التزم ألاف من الموظفين بقرار من شرعيتهم إلي الجلوس في البيوت وهم ليس مستنكفين ولا رافضين ولا مستكبرين عن العمل بل معتكفين عن الفتنة وملتزمين بما صدر إليهم وشيءً فشيءً تحولوا إلي قاعدين وتحملوا ذلك كما تحملوا بناء الوطن لسنوات والكثير منهم ضحي بحياته إما أسيراً أو مقاتلاً في خنادق المعارك في الشتات ومنهم صاحب علم وفكر وكارزمه ومنهم من قام ببناء مؤسسته حجر حجر. فالتقاعد المبكر الذي يتم تداوله اليوم ما هو إلا إجحاف بالموظفين بصفة عامة والذين التزموا بقرارات مركزية من الشرعية بصفة خاصة او من بلغت خدمتهم ال 18 عام كما يروج له حسب وسائل الإعلام . فاليوم نسمع ونقرأ سيتم تحويلهم من قاعدين إلي متقاعدين وغداً إلي (مات قاعد) وهم في ريعان شبابهم فالمتعارف عليه علمياً ونفسياً إن من سن الأربعين وما فوق يبدأ النضوج الفكري وتبدأ الثورة الفكرية وتبدأ حكمة القيادة إلا في وطننا فيبدو أن يجلس الفكر وتجلس الكارزمه ويجلس أصحاب العلم في البيت حتي تموت وهيا قاعدة، وحتي يتم جني المبالغ الطائلة التي تجبيها مؤسسة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وحتي تستريح الموازنة العامة وتنتعش حصة التأمينات التي لا تدفع المبالغ التي حصلتها من الموظفين طيلة خدماتهم إلا بعد تجاوز خدمتهم 18 عاماً (التقاعد المبكر) أو ببلوغهم الستين (التقاعد النظام) فيصبح بعدها المتقاعدون ممنوعون من التقسيط أو الإقراض أو حتى من التكريم . والمتقاعدون ليس لهم وجود في حفلات الدولة الرسمية وحتى الرياضية والترفيهية. هم ناس (بلا صلاحية) لأن بلادهم قد (مصت) دماءهم. هم فقط لحم وعظم وآهات.. لكن دول الحضارات المتقدمة المتقاعد.. هو أول ضيف للدولة وفي الصفوف الأمامية في مناسباتها الرسمية.والمتقاعد.. يذهب البنك والمصرف إلى بيته..والمتقاعد.. يذهب إليه الطبيب والإسعاف وحتى غرفة نومه والمتقاعد.. له سعر مخفض في مخازن الأغذية والطيران.إلا في بلادنا العربية له الخيار تذهب إلى المسجد أو المقبرة (مُت قاعد.) وإذا فعلا تم تطبيق التقاعد المبكر كما يروج لهذا القرار حلياً والموظفين لازالوا في ريعان شبابهم وعقولهم وعلمهم وفكرهم فسيصبح بدل التكريم والاحترام وتوفير سبل العيش والراحة سيصارع المتقاعد من أجل البقاء على قيد الحياة، فلذا من حقهم أن يبقوا في أماكن عملهم وإعطائهم الرغبة في الاستمرار أو عدمه وليس إرغامهم علي التقاعد ومن ثم ذهابهم إلي المقابر (موت القاعد) بعد إصابتهم بالجلطات والأزمات القلبية واللوثة العقلية هذا ليس من باب الشفقة ولكن من باب الواجب الذي ينبغي أن يؤدى لهم وليس لسواهم، ومن واجبات الوطن اتجاههم لما قدموه له من تضحيات جسام لا تقدر بثمن . فنتمنى كل ما سمعناه عن التقاعد المبكر ما هو إلا نسيج من الخيال ولا أساس له من الصحة وما هو إلا إعلام فقط لأنني أخشي ما أخشاه أن أستيقظ ذات صباح وأجد ألاف من الموظفين سيتحولون من قاعد إلي متقاعد...ألي مُت قاعد.
بقلم/ د.هشام صدقي ابويونس