المجلس التشريعي الفلسطيني بين التعطيل والتفعيل

بقلم: آمال أبو خديجة

تعتبر السلطة التشريعية هي المكون الأهم للدولة في التعبير عن رأي أفراد الشعب فهي الممثلة للدميقراطية من خلال ما يندمج تحت قبتها من تنوع من إنتماءات حزبية وسياسية مختلفة تؤدي دورها كصوت المواطن الذي قام بإنتخاب أعضائها حسب النظام الإنتخابي فأولاها صلاحية الدفاع عن حقوقه وحمايته من أي فساد .

فمهمة السلطة التشريعية الرئيسية هي سن القوانين الصالحة لتنظيم المجتمع والرقابة على المؤسسات لحمايتها من إستشراء الفساد وإقرار خطة للتنمية العامة التي ترتقي بها نحو خدمات وحماية أفضل لأفراد الشعب، وهي الجهة المخوله بالمساءلة وحجب الثقة عن أي حكومة أو وزير لا ترى فيه أي كفاءة وقدرة على الإدارة الرشيدة وللصالح العام وهي من تقوم بإقرار الموازنات العامة التي ترى فيها عدالة وإنصاف في التوزيع حسب مصروفات ومخرجات كل مؤسسة حكومية ومتطلباتها

فالسلطة التشريعية لأي دولة تعبرعن إكتمال سيادة الدولة وشكل نظامها السياسي إلى جانب توافر السلطة التنفيذية والقضائية فلا يحق لأي جهة داخلية أو خارجية أن تمنعها من القيام بمهامها المخولة إليها سواء بتعطيل عملها أو الحد من مهامها وتقليل فعاليتها أو بمنع أحد أعضاءها من ممارسة مهامه النيابية ووضع العقبات التي تحد من حريته وحصانته المكتسبة حيث أن القانون الدستوري الدولي والدستور الداخلي للدولة يقر الحصانة اللازمة التي تخول أعضاء السلطة التشريعية القيام بأعمالهم دون إعتداء أو حرمان .

إذا لأهمية هذه السلطة في إستقرار وحماية المجتمع لا بد من الإبقاء على فاعلية قبتها البرلمانية بصورة دائمة مهما كانت الأحداث المحيطة حولها فلا يحق تعطيل دورها الأساسي في حياة المواطنين أو إدخالها في سجالات سياسية داخلية وخارجية تؤثر على فاعلية دورها أو تعطيلها لذا عمد الإحتلال الإسرائيلي في استهدافه للمجلس التشريعي الفلسطيني منذ بداية تأسيسه عام 1996م سواء بإعاقة سير الإنتخابات أو الإعتداءات المختلفة على النواب بالإعتقال السياسي أو الحرمان من التنقل والسفر والمشاركة في فعاليات خارجية وداخلية أو مضايقات وإحتجاز على الحواجز .

ومنذ عام 2006 م تعرض المجلس التشريعي الفلسطيني لأسوء إعتداء بحقه من قبل الإحتلال الإسرائيلي وما زال حتى هذه اللحظة فبعد أن نجحت حركة حماس بحصولها على المقاعد الأكثر في المجلس التشريعي قامت باعتقال العديد من نواب حركة التغير والإصلاح التابعة لحركة حماس بالإضافة لإعتقال نواب من حركة فتح وهي المنافس الأكبر لحركة حماس مما حال دون إنعقاد جلسات المجلس التشريعي وتعطل أداءه لعدم إكتمال النصاب القانوني له بالإضافة لعدم تمكن نواب قطاع غزة من التواصل والوصول لقبة البرلمان وذلك نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة كما كان للإنقسام المشئوم الذي حل على الشعب الفلسطيني الدور الأكبر في تعطل عمل المجلس التشريعي وعدم أداء دوره الفاعل والمهم لخدمة أفراد الشعب .

وهدف الإحتلال الإسرائيلي من وراء ممارسة عدوانه على المجلس التشريعي الفلسطيني والذي يعتبر إعتداء خارق لقواعد القانون الدولي الذي لا يحق لأي دولة أو كيان الإعتداء على سيادة وإستقلال أراضي دولة أخرى أو حرمان مواطنيها من ممارسة حياتهم الطبيعية والحصول على الحقوق والحريات فهي بذلك تهدف لضرب السيادة الفلسطينة وعدم تحقق قيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي أقرتها الأمم المتحدة واعترفت بها دول العالم وكما أنها تهدف لتعزيز تواجدها الإستيطاني على أراضي الدولة الفلسطينية وإبقاء سيادتها الإحتلالية والتحكم في مواردها وأفرادها كما تعتدي على هيبة القبة البرلمانية من خلال عدم الإعتراف بالحصانة الخاصة بأعضائها فتقوم بإعتقالهم متى شاءت وإعاقة حركتهم وتنقلاتهم حتى لا يؤدوا دورهم المجتمعي الذي يعزز السيادة الفلسطينية في كافة مناطق الأراضي الفلسطينية ويهدف الإحتلال الإسرئيلي أيضاً لعدم تمكن المواطن الفلسطيني من تحقيق رغبته في المشاركة في صناعة القرار وتعزيز الإنتماء لوجوده داخل سيادة خاصة به وخاصة من خلال مشاركته في الإنتخاب لممثليه في البرلمان كما و يهدف لإبقاء حالة الفوضى داخل الأراضي الفلسطينية وعدم إيجاد دستور وقوانين وسلطات تنظم الدولة الفلسطينية وتقوي بناءها ومؤسساتها وتعزز من دعم العالم الخارجي لتعجيل وجود الدولة الفلسطينية الكاملة وفضح ممارسات الإحتلال الإسرائيلي على أراضيها ويهدف الإحتلال الإسرائيلي لإبقاء قراراته العسكرية والقوانين غير فلسطينية هي السائدة على أفراد الشعب الفلسطيني حتى يستمر الشعور لديهم أنهم ليسوا دولة وكيان مستقل بل مجرد فئة قليلة خاضعه تحت سلطتها تحكمها قوانين وقرارات ليست من صناعة عقولهم ولا تتناسب مع إحتياجاتهم، كما أنها تهدف لعدم فصل أراضي الدولة الفلسطينية عن إمتدادها الإحتلالي لتبقى هذه المناطق خاضعه لهيمنتها وسيطرتها الإقتصادية والسياسية والإدارية والأمنية وغيرها .

 

لذا على أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني بكافة أطيافهم السياسية والحزبية التوحد للملمة قبة البرلمان في أسرع وقت ممكن وإعادة فاعلية هذه المؤسسة التشريعية المهمة في تعزيز السيادة الفلسطينة من خلال ما تحققه من قوانين وقرارات تنظم حياة المواطنين والمؤسسات وما تقوم به من حماية بعدم إنتشار الفساد والرقابة الدائمة لحماية تكامل المجتمع و بقاء قوته التي تعزيز من دعم العالم للقضية الفلسطينة وخاصة من خلال البرلمانات العالمية .

كما أن فاعلية المجلس التشريعي الفلسطيني واستمرار إنعقاده يضيع على الإحتلال فرصة تحقيق الفصل والإنقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة ويمنع الإحتلال من فرض قوانينة وقراراته على أبناء الشعب الفلسطيني ويبرز للعالم أننا دولة لها شكلها ونظامها الداخلي والسيادي ويعطي السلطة الفلسطينة قوة المطالبة في طرد الإحتلال ومستوطنيه من داخل الأراضي الفلسطينية ، ويضيع الفرصة على الإحتلال الإسرائيلي في تدمير البيت الفلسطيني وضياع هويته وتلاشيها، كما أنه يعزز قضية عودة اللاجئين لأراضيهم من خلال تعزيز السيادة التشريعية، ويعزز الدميقراطية والحريات التي تنادي بها نظم العالم .

كان للإنقسام السياسي الفلسطيني الأثر الأكبر على تعطيل عمل المجلس التشريعي الفلسطيني فإن كان عدوان الإحتلال الإسرئيلي فُرض على الشعب الفلسطيني وعلى مؤسسته التشريعية فلا عذر يغتفر لمن يُعطل المصالحة الفلسطينية ويقف خلف إبقاء وتعزيز الإنقسام الفلسطيني ويبقى على تعطيل المجلس التشريعي الفلسطيني دون فاعلية لأدواره ويعتبر ذلك من أكبر الخروقات حقوق الإنسان والحريات كما أنه كان من الأفضل عدم إيقاع المجلس التشريعي في القرارات الخارجية التي تحول من قوته وبقاء فاعليته وما يقع اللوم الأن إلا على أعضاء المجلس التشريعي .

بقلم/ آمال أبو خديجة