الحقائق والشواهد لا يمحوها التاريخ، وأجدادنا وأباؤنا يتذكرون في كل يوم نكبة فلسطين .. يتذكرون يوم أن خرجوا من ديارهم وأراضيهم لا يحملون سوى أنفسهم ومتاع قليل .. ذكريات فلسطينية لا تمحوها الأيام ولا القرارات الدولية ولاتمحوها ظلم الإرادات الدولية التي تكالبت على شعبنا منذ النكبة .. ولازالت ذكريات اللجوء محفورة في تاريخ شعبنا وفي شرايين الوطن ومحفورة على جدران الأزمنة ومغروسة في تراب الأرض ولن تمحوها الأيام والسنون وسنعود بإذن الله إلى أرضنا وأوطاننا.
ونحن نتحدث عن اللاجئين والأرض ووكالة الغوث التي تمثل الشاهد الأممي الوحيد على نكبة فلسطين وحق العودة- أتذكر في هذا المقام ما قاله الأسير البطل ماهر الهشلمون للمحكمة (الإسرائيلية) عندما حكم قاضي الاحتلال عليه بالسجن 200 عام، ورد البطل الهشلمون على القضاة الصهاينة ساخرا منهم، قائلا وهل ستبقون في بلادي 200 عام ؟؟ ونبشره أننا عائدون إلى أرضنا وديارنا قريبا بإذن الله .
ونحن نتحدث عن وكالة الغوث نذكركم أن الكيان الصهيوني عندما احتل أرضنا عام 1948م قام بقتل الآلاف من الفلسطينيين وتشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني وتدمير 513 مدينة وقرية فلسطينية، نتذكر هذه المأساة التي قام بها المحتل وهو يحمل بيده قرار تقسيم فلسطين الأممي (181) الذي صدر عام 1947م قبل النكبة بعام ، حتى أعلن الكيان الصهيوني دولته المزعومة على أرضنا المقدسة، في 14 مايو/أيار 1948م، لابد لهذه المشاهد أن تبقى حاضرة ونحن نتكلم على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا .
والسؤال الذي يراودني ويراود كل لاجئ فلسطيني بعدما أعلنت وكالة الغوث قرارات تقليص الخدمات وتأجيل العام الدراسي وغيرها.. ما هو ذنبي عندما تمنعني الوكالة من حقي في التعليم ؟؟ ولماذا لا أعيش بكرامة ؟؟ ولماذا لا تعوضني الوكالة عن جزء بسيط من حقوقي وقضيتي المقدسة؟؟ ولماذا هذه القرارات الظالمة بحقي ؟؟ أسئلة كثيرة تدور في أذهان كل لاجئ فلسطيني يحيا معاناة اللجوء والتشرد في وطنه وفي خارج وطنه..
لقد كانت قرارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأخيرة، بتقليص الخدمات وتأجيل العام الدراسي - قرارات صادمة ومفاجئة للجميع، وأنا أشعر أن الأمر أكبر من قضية عدم توفر الأموال لدى وكالة الغوث وتنصل الدول المانحة من وعودها للوكالة، بل يستهدف اللاجئ الفلسطيني الرمز وقضية حق العودة.
ويرى كاتب السطور أن القضية ليست أموال تنتظرها الأونروا فما تتحدث عنه الأونروا من عجز ما يقرب (100) مليون دولار مبلغ قليل جدا بالنسبة لمؤسسة دولية أممية تعمل على مدار 67 عاما في خدمة اللاجئين وتوفير احتياجاتهم، حتى هذه المبالغ المعلن عنها هي عبارة ديون قديمة ومتراكمة ولا تؤثر على وكالة الغوث حسب تصريحات اتحاد الموظفين.
ويبدو لي أن خلف هذه القرارات مصيبة كبيرة تنتظر اللاجئين .. وخلفها مؤامرة أكبر تستهدف إنهاء قضية اللاجئين وإنهاء حق العودة إلى أرضنا فلسطين، ولا يجب أن نبقى صامتين تجاه هذه القرارات الظالمة بل يجب التحرك على جميع الأصعدة من أجل وقف وإلغاء هذه القرارات ومواصلة وكالة الغوث القيام بدورها الأساسي تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
ويجب على الكل الفلسطيني أن يكون له موقف من هذه القرارات الظالمة بحق اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يتم تقديم الخدمات المطلوبة لهم، وهناك أوضاع صعبة يحياها اللاجئ الفلسطيني في مخيمات سوريا ولبنان وفي كل يوم تسمع على مشكلات يعاني منها اللاجئين خاص في لبنان .
إن المسؤولية أمام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وأمام المجتمع الدولي بأسره؛ هي مسؤولية تاريخية نحو اللاجئين الفلسطينيين في داخل الوطن وخارجه، ويحتاجون من المجتمع الدولي الكثير من الخدمات المعيشة الأساسية كالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، وهذه الخدمات حق وواجب لابد من الوكالة إتمامه على أكمل وجه نحو اللاجئ الفلسطيني المعذب، وهذا لا يلغي حق اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى أرضه والتعويض.
إن حق العودة إلى أرضنا فلسطين هو حق ثابت ومقدس، ولا نسمح بالمساس به، ولابد على وكالة الغوث الدولية القيام بواجباتها نحو اللاجئ الفلسطيني الذي يتعرض يوميا للنكبات ويواجه أشد الآلام، ويجب على الفصائل والقوى الفلسطينية وهيئات اللاجئين مواصلة حراكها وبقوة من أجل الوقوف في وجه هذه القرارات الخطيرة التي تستهدف حق العودة وتصفية قضية اللاجئين وشطبها من القواميس الدولية والهيئات الأممية، وإنهاء عمل وكالة الغوث الدولية وهي الشاهد الوحيد على نكبة فلسطين.
إلى الملتقى ،،
قلم/ غسان مصطفى الشامي