أولوية الوضع الداخلي

بقلم: أسامه الفرا

رغم المعوقات التي تعترض عقد المؤتمر السابع لحركة فتح، سواء كان ذلك بفعل التناقضات بين أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر، وتلك المتعلقة بإنتخابات الأقاليم وإطر الحركة التي لم تسنكمل بعد، والجوانب اللوجستيكية المطلوب تأمينها لنجاح المؤتمر، إلا أن النية تتجه لتجاوزها وعقد المؤتمر قبل نهاية العام الحالي، ولعل قرار قيادة الحركة بضرورة استكمال أوراق المؤتمر مطلع شهر أيلول القادم فيه دلالة على ذلك، وسواء استطاعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر إنجاز المطلوب أم عجزت عن تحقيق ذلك في الزمان المحدد، إلا أن ما قاله السيد الرئيس بأنه سيتخذ قراراً صادماً في حال عدم انجاز اللجنة التحضيرية لمهامها حمل من الغموض الشيء الكثير، وفتح الباب على مصراعيه للتأويل، ومن بينها الصحافة الإسرائيلية التي أدعت بأن الرئيس سيقدم استقالته، رغم أن الرئيس أعلن مراراً بأنه لن يترشح للإنتخابات الرئاسية القادمة، وسواء أصر الرئيس على موقفه بعدم الترشح للإنتخابات الرئاسية القادمة أم تراجع عن ذلك تحت ضغط من الحركة، فالمؤكد أن الوضع الداخلي الفلسطيني يتطلب جهداً وقرارات جريئة من السيد الرئيس لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
حكومة نتانياهو لم تترك مساحة ولو ضئيلة تسمح لمسيرة السلام أن تعاود إنطلاقها من جديد، بل أن نتانياهو تحدث بكثير من الصراحة قبل الانتخابات حين قال بأن خطابه في جامعة "بار ايلان" في حزيران 2009 لاغ كأنه لم يكن، وهو الخطاب الذي أعلن فيه نتانياهو عن قبوله بحل الدولتين، وأكد على ذلك بالقول بأن حل الدولتين بات من الماضي، ولعل د. صائب عريقات "كبير المفاوضين" أصاب حين قال بأن كل المفاوضات المباشرة كانت تلاعباً بالوقت والكلمات، وفي ذات الوقت لم تعد القوى الدولية تمارس أي ضغط كان على حكومة الإحتلال، وهو ما بات جلياً مؤخراً برفض حكومة الاحتلال للمبادرة الفرنسية، ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية لن تحاول الضغط على حكومة الاحتلال خاصة بعد الاتفاق مع إيران حول ملفها النووي وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة.
المؤكد أن الانقسام الفلسطيني هو البيئة الأكثر ملائمة لحكومة الإحتلال، والمؤكد أيضاً أن حكومة الاحتلال لا تدخر جهداً من أجل تعميق الإنقسام، ويخطيء من يعتقد أن حكومة الاحتلال ستبقي الإنقسام في شقه الجغرافي فقط، بل أنها تعمل على تكريس الإنقسام في النظام السياسي الفلسطيني، وكلما اقتربت من تحقيق ذلك كلما اقتربت من وأد حل الدولتين.
أمام هذه الواقع الذي لم يعد خافياً على أحد، بتنا بحاجة اليوم إلى قرارات وخطوات رئاسية جريئة نعيد من خلالها ترتيب وضعنا الداخلي، تنصب على محورين:
الأول ما يتعلق منها بضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية وطي صفحة الانقسام، وهو ما يتطلب جهدا متواصلاً ومعمقاً بعيداً عن الهبات الموسمية التي تبقيه بين المد والجزر بين طرفي الإنقسام طبقاً للمتغير الإقليمي، ولا نجافي الحقيقة اذا ما قلنا بأن ملف المصالحة يزداد تعقيداً مع مرور الزمن، وهو ما يجب أن يدفعنا لإنجاز المصالحة اليوم قبل الغد.
الثاني ما يتعلق بالوضع الداخلي لحركة فتح، سواء عقد المؤتمر السابع في موعده أم تأخر، فلا بد من خطوات جريئة نبدأ بها إعادة اللحمة إلى الحركة ووقف حالة الاستقطاب الفردي التي تعمقت في السنوات الأخيرة، وهو ما يتطلب بالمقام الأول أن نجعل النظام الداخلي ناظماً للعلاقة داخل الحركة، وبجانب ذلك مطلوب أيضاً أن نعيد للحركة روحها النضالية إن أردنا للحركة أن تواصل قيادتها للمشروع الوطني.

د. أسامه الفرا
[email protected]